في عيدهم العالمي
سام تطالب بحماية العمال وضمان الحياة الكريمة والعدالة الاجتماعية
  • 01/05/2025
  •  https://samrl.org/l?a5506 
    منظمة سام |

    بمناسبة عيد العمال العالمي الذي يصادف الأول من مايو، تتوجه منظمة سام للحقوق والحريات بالتحية والتهنئة إلى جميع العاملات والعمّال في اليمن وفي مختلف أنحاء العالم، وتخص بالتحية والتقدير عمّال اليمن الذين يكافحون يوميًا من أجل تأمين لقمة العيش في ظل ظروف إنسانية واقتصادية تُعد من بين الأسوأ عالميًا، نتيجة الحرب المستمرة منذ أكثر من تسع سنوات، وانهيار مؤسسات الدولة، واتساع رقعة الفقر والبطالة.

    يشهد واقع العمالة في اليمن انهيارًا غير مسبوق في البنية الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية، حيث تشير التقديرات إلى أن نحو 80% من القوى العاملة يعملون في الاقتصاد غير الرسمي، دون أي تأمين اجتماعي أو صحي، ودون عقود قانونية تضمن حقوقهم. ويعيش العمّال تحت وطأة ظروف قاسية تتسم بتأخر الرواتب، وانخفاض الأجور، وغياب معايير السلامة، وسوء بيئة العمل، وانعدام التمثيل النقابي المستقل، وسط انتهاكات متكررة لحقوقهم من قبل أطراف النزاع والجهات المسلحة الفاعلة.

    وتُظهر التقديرات الأممية أن معدل البطالة في اليمن يتجاوز 35%، ويرتفع إلى أكثر من 50% بين فئة الشباب، بينما تتجاوز نسبة البطالة في أوساط النساء 60%. كما أن واحدًا من كل ثلاثة عمّال لا يحصل على أجر ثابت، ويعتمد على أعمال متقطعة أو موسمية، غالبًا بلا حماية قانونية. وتشير تقارير البنك الدولي ومنظمة العمل الدولية إلى أن القطاعين الزراعي والبنائي يستوعبان النسبة الأكبر من العمالة، في ظل غياب أي برامج حكومية لتنظيم سوق العمل أو توفير التدريب المهني.

    ويُحرم موظفو الدولة، الذين يشكلون النسبة الأكبر من القوة العاملة في القطاع العام، تعسفيًا من رواتبهم منذ عام 2016، مما أدى إلى تفاقم مستويات الفقر والعوز، ودفع بالكثير من الأسر إلى الاعتماد على أعمال هامشية أو المساعدات الإنسانية. وفي الوقت ذاته، يعاني العاملون في القطاع الخاص من عدم الاستقرار وغياب الحماية القانونية، ما يجعلهم فريسة سهلة للاستغلال والانتهاك.

    كما تعاني المرأة العاملة اليمنية من تمييز متعدد الأوجه، حيث تُستبعد من سوق العمل بفعل العادات المجتمعية، وضعف القوانين الحامية، وغياب سياسات التمكين. وتُقدّر نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل اليمني بأقل من 7%، وهي من النسب الأدنى عالميًا، وغالبًا ما تكون في وظائف منخفضة الأجر وخالية من الضمانات الأساسية.

    ورغم مصادقة اليمن على العديد من الاتفاقيات الدولية الأساسية المتعلقة بحقوق العمال، مثل اتفاقيات منظمة العمل الدولية بشأن حرية التنظيم، والحد الأدنى للسن، وأسوأ أشكال عمل الأطفال، إلا أن تنفيذ هذه الاتفاقيات على أرض الواقع لا يزال معطّلًا بالكامل، نتيجة غياب الإرادة السياسية، وهيمنة أطراف الصراع، وتفشي الفساد المؤسسي، وتفكك أجهزة الدولة الرقابية.

    وتؤمن سام بأن مسؤولية إنصاف العمال لا تقع على عاتق الدولة وحدها، بل هي مسؤولية جماعية تشمل المجتمع المدني، والقطاع الخاص، والمؤسسات الأكاديمية، والمجتمع الدولي. وتدعو سام الجامعات ومراكز الأبحاث إلى إنتاج معرفة معمّقة وواقعية حول سوق العمل اليمني، ووضع مؤشرات علمية لقياس العدالة الاقتصادية، وتحديد مخاطر الانتهاكات الصامتة التي يتعرض لها العمّال، وصياغة السياسات اللازمة لمعالجة الخلل البنيوي الذي يعاني منه قطاع العمل في اليمن.

    وتطالب المنظمة جميع الأطراف اليمنية بوقف تسييس العمل النقابي، وضمان حرية التنظيم، وتفعيل مؤسسات التأمينات والمعاشات، وإعادة صرف مرتبات الموظفين العموميين دون قيد أو شرط، وفتح برامج دعم مستدامة لعمّال المهن الحرة والعمالة غير الرسمية.

    كما تدعو سام المجتمع الدولي، ومنظمة العمل الدولية، إلى تحمّل مسؤولياتهم الأخلاقية والقانونية تجاه العمال اليمنيين، من خلال الضغط لاحترام الاتفاقيات الموقعة، وتوفير الدعم الفني والمالي لتطوير منظومة الحماية الاجتماعية في اليمن، وضمان إدماج ملف العمل والعدالة الاقتصادية ضمن مسارات التسوية السياسية وجهود بناء السلام.

    وفي هذا اليوم الذي يُفترض أن يكون عيدًا للكرامة والعدالة، لا يزال ملايين العمّال اليمنيين في انتظار الحد الأدنى من الاعتراف والإنصاف، في وطن يحتاج إلى جميع أبنائه للبناء، بينما يُتركون فريسة للفقر والتهميش والصمت.

    كل عام وعمّال اليمن بخير، في عيدهم الذي نأمل أن يصبح يومًا حقيقيًا للكرامة والحقوق.

     


  •  
    جميع الحقوق محفوظة لمنظمة سام © 2023، تصميم وتطوير