أكد المشاركون على أهمية اضطلاع مؤسسات المجتمع المدني بدورها..
  • 14/11/2022
  •  https://samrl.org/l?a4611 
    اختتام ندوة واقع الخصوصية الرقمية في اليمن
    الحقوق الرقمية |

    اختتم مشروع الحقوق الرقمية بمنظمة سام، أمس الأول السبت، ندوة افتراضية عن (واقع الخصوصية الرقمية في اليمن)، ضمن المشروع الذي تنفذه المنظمة بالشراكة مع "إنترنيوز".

    وتحدث في الندوة التي أدارتها (الإعلامية أفنان توركر)، رئيس مؤسسة دفاع للحقوق والحريات ط، المحامية هدى الصراري، والمحاضر بجامعة سوديرتورن ستوكهولم، الدكتور وليد السقاف.

    رئيس مؤسسة دفاع، استهلت الحديث بالقول إن موضوع الخصوصية أصبح يشكل خطورة على مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي في اليمن، خاصة مع بروز جرائم متعلقة باستخدام هذه الشبكات، وفي ظل عدم وجود قوانين تحمي المستخدم.

    وأشارت الصراري إلى أن كفالة الحياة الخاصة للفرد توفر نوعا من الاستقرار والأمن، حتى يتمكن من أداء دوره الاجتماعي، فهو بحكم طبيعته له أسراره الشخصية وخصائصه المتميزة التي لا يمكن له التمتع بها إلا في أطار مصون يحفظها ويهيأ لها سبل البقاء.

    ولفتت إلى أن خصوصية الأفراد أصبحت في خطر شديد نتيجة للتطور التكنولوجي الهائل والذي باتت معه أسرار الناس محل انكشاف، فضلا عن الخطورة الناتجة عن احتمالية استخدام المعلومات الرقمية للفرد لأغراض إجرامية ومؤذية

    وأضافت أن التطورات التي شهدها الحاسب الآلي وشبكة الإنترنت أدى إلى نشوء تقنيات جديدة تستخدم في انتهاك خصوصية الأفراد، كما أدى إلى بروز أنماط جديدة من الجرائم، التي لا تنطبق مع النماذج القانونية للجرائم المذكورة في القوانين التقليدية الموجودة لدينا حاليا.

    وقالت المحامية الصراري: إن هناك إساءة لاستخدام شبكات التواصل الاجتماعي، وتدخل غير محدود في خصوصية الأفراد، من خلال نشر معلومات عنهم واستغلال المماحكات السياسية في نشر الأخبار المضللة، وكذلك نشر أساليب الابتزاز السياسية والاجتماعية كما شهدنا في حالة الناشطة سارة علوان.

    وذكرت أن إجراءات حماية الخصوصية تبقى غير كافية في ظل الخطر الشديد الذي أصبح يهدد باستمرار حياة الأفراد الخاصة، بسبب هذه التكنولوجيا المتطورة والتي بإمكانها نقل ما يدور خلف الجدران، بدقة.

    وأوردت الصراري نماذج لنصوص قانونية، من قانون العقوبات، ومشروع قانون المعلومات، ذات صلة بالخصوصية، لكنها تظل نصوص تقليدية، لا تلامس الواقع الرقمي، وهو ما يستلزم تطويرها، بما يتواكب مع التطورات التكنولوجية الرهيبة التي نشهدها، وصولا إلى توفير الحماية للأفراد من أي اعتدا قد يتعرضون له، عبر الفضاء الإلكتروني.

    وتابعت: لا بد من إصدار قانون يكافح الجريمة الإلكترونية، قانون حماية البيانات، وضرورة تعاطي المحاكم مع القضايا المتعلقة بالانتهاكات حتى يصدر قانون بذلك. وأكدت على أهمية إنشاء لجنة لتلقي الشكاوى بشأن الجرائم الإلكترونية، بالإضافة إلى تأهيل المحققين والقضاة وتدريبهم على كيفية التعامل مع الجرائم الإلكترونية، وإطلاعهم على المستجدات وما بلغته التكنولوجيا من مخاطر تقتحم الخصوصية، وإحاطتهم بالنصوص الوطنية والدولية، يترافق ذلك مع التوعية بأن إيقاف الخطر والتصدي للانتهاكات يكون في حدود القانون.

    وأوصت الصراري بأن يكون هناك مبادرة على مستوى الدولة إلى عقد اتفاقات مع الدول الأخرى لكفالة حماية قوية وفعالة تضمن ملاحقة المعتدي على حرمة الحياة الخاصة، فضلا عن حث الدولة على الانضمام إلى المبادرات والاتفاقيات الدولية، والتي تؤدي إلى مبادرة المشرع اليمني بإصدار التشريعات الموائمة للاتفاقيات التي انضمت إليها الدولة.

    من جانبه اعتبر الأكاديمي وليد السقاف: أن البحث عن ضمان للخصوصية على شبكة الإنترنت يعد مستحيل والسبب بسيط لأن الإنترنت بنيت على تبادل المعلومات وبمجرد دخول الفرد لهذه الشبكة تصبح الخصوصية شبه منعدمة، ويعزي ذلك إلى أن اتصال الشخص بالإنترنت عبر اجهزته، تظل بصماته موجودة دائما، وبالتالي الإنترنت بني على مسألة أنه عندما يستخدمه الشخص فإنه موافق على إعطاء بياناته.

    واستطرد السقاف: مع الأسف هنالك نقص في الوعي لدى الكثير من الجهات والمحامين والقانونيين باعتقادهم أنه يمكن لنا أن نحرص على ضمان أمن المعلومات وضمان خصوصية الأفراد، مضيفا: أن طبيعة بنية الإنترنت، هي أن تسمح لأي فرد دون إمكانية الرقابة عليه من جهة مركزية، بمعني آخر، أنه لا يمكن إجراء تسلط أو مركزية في الرقابة على البيانات أو التحكم في طرق سيرها على الإنترنت، بشكل دولي.

    ويتابع: هناك عبارة مفادها "نحن أطلقنا العنان لتكنولوجيا لا يمكن أن نتوقع مدى خضوعها للقوانين، وإمكانية السيطرة عليها لاحقا.

    ويرى السقاف أن إصدار وتفعيل قوانين في هذا الإطار، لن تأتي بنتيجة مجدية، بل على العكس، فقد تكون أحيانا قوانين مؤذية ومقيدة لحقوق الإنسان وحريات الأفراد مسترسلا بالقول: يجب أن نحرص على ألا نضع قانون إلا ضمن معايير محددة وواضحة جدا، بحيث لا يمكن تجاوزها، ولن تكون القوانين مجدية إلا في حال تطبيقها بشكل واضح وعدم استخدامه لأغراض سياسية أو غيرها.

    ولفت رئيس جمعية الإنترنت اليمنية الأسبق، السقاف، إلى ضرورة وضع آلية محددة وواضحة والحرص على عدم إساءة استخدام هذه القوانين، وأن تكون ضمن نطاق معين كخصوصية الأطفال على الإنترنت، والحالات التي قد يتعرض فيها الأفراد للخطر والأذى، كحالات الابتزاز، وتشويه السمعة.

    ونبه الأكاديمي السقاف إلى أن المعلومات التي يقدمها المستخدم للشركات هي الطريقة الوحيدة التي من خلالها يمكن لهذه الشركات أن تستمر في أداء وظيفتها، وبالتالي نحن سلمنا معلومات خاصة لهذه الشركات مقابل تقديمها للخدمة، معلقا بقوله: لا يمكن أن نتوقع أنه عند استخدامنا لهذه التكنولوجيا أن يتم إعطاءنا الحرية الكاملة، في الحفاظ على بياناتنا الشخصية.

    ويشدد على ضرورة اضطلاع المجتمع المدني بدوره، من خلال استخدام وسائل الإعلام كمنابر للتوعية بالطرق التي يتم بموجبها استخلاص البيانات من المستخدمين، متابعا: إذا علم المستخدمون بأنهم معرضون للخطر، بسبب هذه البيانات التي يتم نشرها، فهذا سيساعدهم على الأقل في اختيار طريقة التواصل مع هذه الشركات.

    ويذكر السقاف أن إنشاء تحالفات وتواصل مع منظمات وشركات أخرى ومحاولة رفع الوعي، بما حصل في اليمن ويحصل فيها من ابتزاز، قد يساعد في رفع إمكانية أن تستجيب شركات التكنولوجيا للمخاوف والشكاوى المقدمة في هذا الإطار.

    وفي مداخلة، أشار الناشط في الحقوق الرقمية فهمي الباحث إلى أن القوانين يمكن أن تستخدم كسلاح ذو حدين، وبالتالي عند وجود قوانين لا بد أن تخضع قبل إقرارها إلى نقاشات طويلة معمقة مع الجهات ذات المصلحة، بحيث لا يكون هناك مصطلحات تقبل التأويل والتفسير بحسب مزاج القاضي وصناع القرار، لافتا إلى أن في بلدان عربية تستخدم مثل هذه القوانين لمزيد من الانتهاكات أكثر من المحاربة، ويعتبرونها حجة للوصول إلى بيانات شخصية بطريقة غير قانونية.

    وأضاف الباحث: نحن نواجه مشكلة مع المستخدمة نفسه، تتمثل في صعوبة إقناعه بأهمية الخصوصية، مسترسلا: كنا في لقاء مع (ميتا) على مستوى الشرق الأوسط، وناقشنا هذه القضايا واتضح أنه لا يوجد في اليمن أي جهة أو مؤسسة ذات صلة، بحيث يمكن التواصل معها بشأن القضايا الرقمية.

    من جانبه قال الناشط في حماية وأمن المعلومات مختار عبد المعز، إنه ونظرا لعدم وجود عقوبة رادعة لمنتهكي خصوصية الأفراد فمن المستحيل أن ضبط هذا جانب"، على حد تعبيره، خصوصا في مجتمع سائب كاليمن، مضيفا: نحن نراهن على رفع الوعي المجتمعي للجيل القادم، أما الجيل الحالي فقد تربى على الحروب، ومن الصعب إقناعه بأن هذا الأمر غير قانوني ولا أخلاقي.

    وتحدث عبد المعز عن الحاجة إلى حملة توعوية للمجتمع ككل، بما فيهم مستخدمي الشبكات الاجتماعي وعناصر الأمن، مسترسلا: "بعض الجهات الأمنية يقول لمن يتقدم بشكوى ابتزاز، مثلا: "زوّج البنت على من انتهك خصوصيتها"، وهذا نتيجة عدم وجود وعي لديهم، طبقا لكلامه.

    وتابع عبد المعز: عندما يتم رفع شكوى تُنفق مبالغ باهضة وهذا يجعل الناس يتجنبون إبلاغ الجهات الأمنية والقضائية، معتبرا أن ذلك يعد فجوة كبيرة.

    بدوره اعتبر رئيس منظمة سام للحقوق والحريات، توفيق الحميدي، أن ما يمارسه أطراف الصراع بهذا الصدد انتهاك لا يقل خطورة عن بقية الانتهاكات التي تمارس، مضيفا: هناك إشكالية في بنية ثقافة أطراف الصراع، فأطراف الصراع لم يأت أغلبهم من رحم الدولة، إما مليشيات جاءت من الكهوف.. أو أطراف تنضوي تحت مظلة من لمظلات من أجل حسم الصراع لأطراف معينة، دون أن يكون لديهم أي ثقافة أو خلفية قانونية أو مدنية يمكن أن يحترموا هذه القوانين.

    ولفت إلى وجود إشكالية كبيرة، تتمثل في أن البنية القانونية بنية قاصرة لأنها لم تستند إلى قراءات معمقة من من قبل مؤسسات المجتمع المدني، والأكاديميات الجامعية والمختصين في هذا الجانب، مستطردا:، ستجد أن الخلفية الثقافية والقانونية لأعضاء مجلس النواب -مثلا- هشة للغاية، بحيث لا يمكن أن نتطلع إلى إصدار قانون يتواكب مع العصر.

    وأشار رئيس منظمة سام إلى أهمية الإعلام في معالجة مثل هكذا قضايا من خلال التأثير على سلوك الأفراد، وخلق حالة "وعي قانوني" كبيرة.

    وانتقد الحميدي حالة الفراغ القانوني والمعرفي لدى المواطنين، منوها بأن الدور التوعوي للمدرسة والجامعة غائب تماما، وبالتالي نحن نعيش هذا الفراغ، كما انتقد دور وسائل الإعلام بالقول: إلى حد اليوم لم يصدر مسلسل أو برنامج فني قانوني يناقش الجريمة الإلكترونية كالابتزاز مثلا، ويتناول القصور القانوني في هذا الصدد.

    واسترسل رئيس منظمة سام بالقول: أفقنا في واقع غير واقعنا، واقع ليس فيه دولة، وأعتقد أن الهامش المتاح هو ما تقوم به اليوم، المؤسسات المدنية، والنوافذ الإعلامية، والمتخصصون في هذا الجانب، مردفا: نحن نتحرك في هامش خارج التاريخ، لا توجد دولة أو مؤسسات تشريعية، علاوة على ذلك فإن الإعلام -ربما- منهمك في مناقشة قضايا الحرب أكثر من انهماكه في قضايا المجتمع، كما أن المدارس تحولت إلى ثكنات، وأصبح لدى المواطن ثقافة مفادها أن الهاتف عبارة عن وسيلة من وسائل التسلية والهروب من الحرب، وليس أداة معبرة عن ذاتيه وخصوصيته.

    واختتم الحميدي بقوله: نحن أمام تحدٍ كبير مدخله الأساسي أن تتوقف الحرب في اليمن، بدون ذلك، سنظل نتحرك في هامش ضيق للغاية.

    إلى ذلك، اعتبر كلُ من النشطاء محمد بن محرم اليافعي، سماح سبيع، عبد الرحمن الزبيدي والمحامي عبد الواسع حميد، أن الجانب التقني لمعالجة انتهاكات الخصوصية، يحتاج إلى وعي وجهات متخصصة إذ لا يستطيع الجميع حماية أنفسهم، وبالتالي يصبح القانون مهم جدا، فهو أساس كل شيء، وإذا ما شُرع قانون للجريمة الالكترونية وتم التوعيه به فهو الضامن، لافتين إلى أن ثمة اشكالية كبيرة في ما يخص انتهاك الخصوصية، وهي القصور في اعتماد الشواهد كأدلة إثباتية، وفقا لكلامهم.

    يُذكر أن ندوة (واقع الخصوصية الرقمية في اليمن) هي الندوة السادسة ضمن مشروع الحقوق الرقمية، الذي تنفذه "منظمة سام" بدعم من "منظمة إنترنيوز"، بهدف مناصرة قضايا الحقوق الرقمية لليمنيين، وصولا إلى فضاء رقمي حر وآمن.

     




  •  
    جميع الحقوق محفوظة لمنظمة سام © 2023، تصميم وتطوير