قالت منظمة سام للحقوق والحريات، إن الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي يصادف ال 10 من كانون الأول/ ديسمبر، من كل عام يجسد أهمية كبيرة تحظى بها القيم الأساسية التي تضمنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والحريات الأساسية التي حمتها وكفلتها بقية الاتفاقيات والمعاهدات الدولية لجميع سكان العالم دون تمييز على أساس العرق أو اللون أو الجنس أو الدين.
73 عاماً مضت من النضال المضني الذي بذله نشطاء حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، لتوعية الناس بحقوقهم الأساسية والمطالبة بها وانتزاعها احياناً، وسقط العشرات منهم في هذه المسيرة المقدسة، ايماناً منهم ان احترام الإنسان وحصوله على حقوقه الأساسية في مواجهة الفظائع التي يرتكبها الإنسان في وجه أخيه الإنسان، سواء كانوا حكومات أو افراد، حتى وصلنا إلى ما وصلنا اليه.
إن الإنسانية اليوم مطالبة بالتوحد، للحفاظ على الإنجازات التي تحققت، والعمل سوياً على تحييد حقوق الإنسان التي تعرضت ــ للأسف الشديد ــ لانتكاسات معيبة من قبل دول عديدة، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وتحولت كثير من الحقوق وعلى رأسها اختطاف الحقوق السياسية وتآكل حرية التعبير والحقوق الاقتصادية والتغيرات المناخية والحقوق الرقمية والعنصرية والقمع والتهميش بسبب العرق أو الإثنية أو الجنس أو الدين أو التوجه الجنسي أو الهوية، إلى عناوين للمزايدات السياسية والمصالح الخاصة على حساب حقوق الإنسان.
وأكدت المنظمة ان المجتمع الدولي قد فشل في حماية وتعزيز حقوق الإنسان في اليمن، وخضعت القرارات الحقوقية في أروقة الأُمم المتحدة للاستقطابات السياسية والمصالح الاقتصادية مما ساهم في تقويض اي جهود لمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في اليمن، منها الفشل في إيجاد آلية دولية للتحقيق في جرائم انتهاك حقوق الإنسان في اليمن، وتحول ساحات المؤسسات الدولية إلى ساحة لعد الصفقات الاقتصادية بين الدول، وإنفاذ صفقات الأسلحة التي تحولت إلى وصمة عار في جبين الدول الغربية المتشدقة بحقوق الإنسان وعلى رأسها أمريكا وفرنسا وبريطانيا، دون أي اعتبار لحياة المواطن اليمني الذي يُقتل كل يوم بأسلحته بيت من قبل هذه الدول .
وقالت المنظمة "من المؤسف ونحن نحتفل باليوم العالمي لحقوق الإنسان والجميع يعترف أن اليمن أصبحت دولة فاشلة بلا مؤسسات شرعية، حكم دستوري، قضاء نزيه مستقل، أو برلمان يعبر عن الإرادة الشعبية، ومجتمع غير آمن لا تتوفر له متطلبات الحياة الأساسية ويعيش معظم السكان فيه آلاماً وأوجاعاً متجددة، حيث أصبح ملايين المواطنين بحسب الأرقام الدولية يعيشون تحت خط الفقر بسبب الحصار وقلة الغذاء وانهيار العملة وتضخم الفساد وتفشي خطاب التمييز والعنصرية، والمجتمع الدولي عاجز عن الضغط لوقف نزيف الدم، أو تثبيت هدنة إنسانية طويلة المدى تسمح بدخول المواد الغذائية وإعادة تطبيع الحياة الإنسانية في اليمن .
ونوهت المنظمة الحقوقية أن أطراف الصراع باليمن لا تحترم حقوق الإنسان أو كرامة المواطنين الإنسانية في مختلف أماكن تواجدهم ، وان الأرقام التي رصدتها التقارير صادمة، حيث رصدت خلال العام 2022 أكثر من (4000) انتهاكاً، شملت تجنيد الأطفال والاعتقال التعسفي و(700) جريمة قتل، وإصابة ( 1703) ، والاعتداء على (390) من الممتلكات الخاصة، و (85) اعتداءً على ممتلكات عامة، حيث تتصدر مليشيا الحوثي قائمة المنتهكين ب (2580) انتهاكاً، وتتحمل الحكومة الشرعية (390) انتهاكاً، و 140 حالة انتهاك تتحملها قوات تابعة للإمارات، في حين ما زالت المرأة اليمنية تعاني من فرض قيود متعلقة بحقها الشخصي في السفر واللباس و العمل من قبل جماعة الحوثي، فخلال عام 2022 رصدت المنظمة أكثر من 100 حالة انتهاك طالت النساء، كما شهد العام 2022 استمرار الانتهاكات بحق الصحفيين ونشطاء المجتمع المدني في مناطق سيطرة أطراف الحرب بما فيها حضرموت.
وقالت المنظمة إن الانتهاكات المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والفضاء الإلكتروني استمرت حيث ساهم الفساد في أجهزة الدولة المختلفة والمؤسسات التي تديرها أطراف الصراع، حيث كشفت التقارير عن حجم مهول في المساعدات الإنسانية التي تُرسل للمدنيين حيث تعمل جماعة الحوثي على تجييرها لصالح اقتصاد الحرب والأُسر الداعمة لها، إضافة إلى فساد المساعدات الوهمية، فيما تستمر العوائق في إيصالها احدى التحديات الكبيرة، في المقابل ساهم تغير المناخ على الحقوق الطبيعية للمواطن اليمني حيث قتلت السيول العشرات من الأشخاص، وأجبرت آخرين على ترك منازلهم وحرمانهم من مزارعهم في محافظات يمنية مختلفة وهذا يستوجب تضافر الجهود المحلية والدولية لتخفيف المعاناة عن المواطن اليمني.
وأكدت المنظمة أن اليوم العالمي لحقوق الإنسان يضع المجتمع المحلي والإقليمي والدولي أخلاقياً وإنسانياً أمام مسؤولياته القانونية والأخلاقية حيال ما يتعرض له المدنيون في اليمن من انتهاكات بشكل عام والأطفال والنساء بشكل خاص، من خلال العمل على تشكيل "تكتل عالمي بعيد عن الاستقطاب السياسي العالمي، لاستعادة كرامة الإنسان اليمني وضمان عدم إفلات منتهكي حقوق الإنسان من العقاب، وإنصاف الضحايا، والانتصار للعدالة".
كما أكدت المنظمة استمرارها في كشف وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان، والسعي لتقديم منتهكيها إلى العدالة، كجزء أساسي من هويتها الحقوقية، وتأكيداً على مبادئها في الدفاع عن الإنسانية.
الصورة من موقع: https://theowp.org/reports/seizing-the-day-the-possibility-for-peace-in-yemens-extended-ceasefire/