دعوات لتنسيق الجهود وتعزيز المساءلة
ندوة تبحث مستقبل العدالة الانتقالية في اليمن
  • 03/07/2025
  •  https://samrl.org/l?a5544 
    منظمة سام |

    جنيف - نفذت منظمة سام للحقوق والحريات، بالتعاون مع رابطة أمهات المختطفين، وبالشراكة مع معهد "دي تي"، ندوة تفاعلية عبر الإنترنت تحت عنوان: "المبادرات الوطنية في اليمن ومسارات العدالة الانتقالية – تجارب وطنية نحو التكامل"، نهاية يونيو 2025، ضمن مشروع "سبارك للعدالة الانتقالية"، والذي تشارك فيه المنظمتان، كعضوين في تحالف "ميثاق العدالة لليمن"، وتهدف الندوة إلى التعريف بالمبادرات الوطنية العاملة في مجال العدالة الانتقالية، وتعزيز التواصل وتبادل الخبرات بين الجهات الفاعلة في هذا السياق.

    واستهلت الندوة التي أدارها الإعلامي عبد الباسط الشاجع، بكلمة ترحيبية من توفيق الحميدي، رئيس منظمة سام، الذي رحّب بالحضور وأعرب عن شكره لشركاء المشروع، خاصة رابطة أمهات المختطفين ومعهد "دي تي"، على دعمهم ومشاركتهم في تنظيم الندوة، موضحًا  أن هذه الندوة التفاعلية هي الويبينار الثاني ضمن سلسلة من الويبينارات التي تنفذها المنظمات الشريكة، والتي تهدف إلى رفع الوعي المحلي بالعدالة الانتقالية، وإبراز الدور الذي تلعبه المبادرات، سواء الحكومية أو المدنية، في هذا المجال.

    استعرضت إشراق المقطري، عضو اللجنة الوطنية للتحقيق، مسار اللجنة منذ تأسيسها، مؤكدة أنها وثّقت أكثر من 72 ألف انتهاك، وأحالت أكثر من 3700 ملف إلى النيابة، غير أن غياب الاستجابة الرسمية حال دون تفعيل هذه القضايا قضائياً.

    من جانبها، تحدثت رنا غانم، عضو هيئة التشاور والمصالحة، عن معوقات العمل السياسي في الهيئة، معتبرة أن البيئة المنقسمة سياسياً ومؤسسياً تعيق اعتماد وثائق المصالحة، في ظل غياب الإرادة لدى بعض القوى للمضي في مسار العدالة الانتقالية.

    وفي سياق موازٍ، سلطت القاضية نورة قعطبي الضوء على تجربة لجنة معالجة الموظفين المبعدين في الجنوب، مشيرة إلى أنها تلقت أكثر من 120 ألف تظلم، وتمكنت من تسوية أكثر من 60 ألف حالة، رغم التحديات التمويلية والبيروقراطية.

    واستعرض باسم الحاج، عضو لجنة المصالحة في تعز، تجربة اللجنة في صياغة وثيقة صلح شاملة، تضمنت جبر الضرر، وإصلاح مؤسسي، وتوصيات لمعالجة قضايا المخفيين قسرياً والموظفين المسرحين، داعياً إلى اعتماد هذه النماذج في مبادرات المصالحة الوطنية.

    وشهدت الندوة نقاشات تفاعلية ركزت على غياب التنسيق بين المبادرات، وتسييس بعض الملفات، وانحياز بعض المنظمات جغرافياً، داعين إلى تشكيل إطار وطني جامع يشمل جميع المبادرات، ويوفر مظلة موحدة للضغط الحقوقي والتوثيق المستقل.

    وشدد المشاركون على أن الطريق نحو عدالة انتقالية حقيقية في اليمن ليس معبّدًا، وإنما يتطلب عملاً تراكميًا، وشراكات ممتدة، وإيمانًا بأن المسار الحقوقي لا ينفصل عن المسار السياسي، بل يتقاطع معه في بناء السلام المستدام، معتبرين أن ما تم تقديمه خلال هذه الندوة من عروض وتجارب ومداولات يعكس وجود نضج حقوقي متزايد، وإرادة اجتماعية آخذة في التبلور، وهي مؤشرات لا ينبغي التقليل من شأنها.

    وأكد المنظمون على أن المرحلة القادمة ستشهد مزيدًا من النقاشات المفتوحة، واللقاءات التخصصية، التي ستركز على قضايا نوعية ضمن ملف العدالة الانتقالية، مثل النوع الاجتماعي، الضحايا المغيبين، الانتهاكات الاقتصادية، والأطر القانونية الوطنية والدولية، معربين عن أملهم في أن يتحول هذا الحراك الحقوقي التشاركي إلى قوة ضغط اجتماعي تُسهم في الدفع نحو تسوية سياسية عادلة، تُراعي كرامة الضحايا، وتضمن عدم تكرار الانتهاكات، وتُرسخ لسلام حقيقي، لا يعلو فيه صوت على صوت العدالة.

    خرجت الندوة بجملة من التوصيات التي تعكس إدراكاً معمقاً للتحديات التي تواجه مسار العدالة الانتقالية في اليمن، مع التطلع إلى تطوير رؤية شاملة تعزز من فاعلية المبادرات الوطنية وتدفع بها نحو التكامل. وقد ركزت التوصيات على ضرورة إنشاء إطار وطني تنسيقي جامع يشمل المبادرات العاملة في المجال، بما يضمن تنسيق الجهود وتكامل الأدوار وتوحيد المسارات، على أن يضم هذا الإطار ممثلين عن الضحايا والناجين ومنظمات المجتمع المدني وخبراء القانون والحقوق.

    كما شددت التوصيات على أهمية توسيع نطاق التوثيق الحقوقي ليشمل المحافظات المهمشة خلال السنوات الماضية، بما يعزز من توازن العدالة ويعيد المصداقية للمبادرات القائمة. وفي سياق موازٍ، دعت الندوة إلى إشراك الضحايا في تصميم آليات الإنصاف، وضرورة ترسيخ الثقة من خلال العمل الميداني والتواصل المباشر معهم. كذلك تم التأكيد على أهمية الاعتراف الرسمي بالمبادرات الوطنية وربطها بمسارات التسوية السياسية القادمة، واعتبارها جزءاً أصيلاً من عملية العدالة الانتقالية، لا ملحقاً خارجياً مفروضاً. 

    وعلى الصعيدين القضائي والتشريعي، طُرحت توصيات بتفعيل الملفات المحالة إلى النيابة وإنشاء هيئات قضائية متخصصة، إلى جانب المطالبة بإصدار قانون وطني ينظم العدالة الانتقالية وفق معايير واضحة وشاملة. كما تم التشديد على ضرورة معالجة قضايا جبر الضرر والتعويضات بشكل مرحلي حيثما توفرت بيئة ملائمة، وأخيراً، التأكيد على أهمية حفظ الذاكرة الجماعية للضحايا عبر وسائل التوثيق المختلفة، باعتبارها ركيزة لضمان عدم التكرار وبناء سردية وطنية جامعة.

     

  •  
    جميع الحقوق محفوظة لمنظمة سام © 2023، تصميم وتطوير