استنكرت منظمة سام للحقوق والحريات إصدار المحكمة الجزائية المتخصصة التابعة للحوثيين في صنعاء يوم الاثنين الموافق 2 يناير 2018 حكماً بالإعدام على المواطن اليمني “حامد حيدرة” بسبب معتقداته الدينية ومصادرة كافة أمواله، وذلك بعد أربع سنوات من الاعتقال تعرض خلالها للتعذيب وسوء المعاملة والحبس الانفرادي، معتبرة أن “إصدار أحكام الإعدام لاختلاف المعتقد الديني أو المذهبي ينذر بكارثة خطيرة على مستوى الحقوق والحريات العامة في اليمن ويفتح الباب واسعاً للثأر تحت ادعاءات دينية”.
وأوضحت المنظمة التي تتخذ من جنيف مقرا لها في بيان صحفي اليوم، أن حامد حيدرة، والذي ينتمي للطائفة البهائية، كان اعتقل عام 2013 على أيدي عناصر جهاز الأمن القومي (المخابرات)، إبان حكومة هادي بسبب معتقداته الدينية على ما يبدو، وزعمت حينها أن الاعتقال كان بسبب تورط حيدرة بالارتباط مع إيران، وفي عام 2015 وبعد فرض الحوثيين سلطة الأمر الواقع في صنعاء، أحيلت قضية حيدرة إلى المحكمة الجزائية بتهمة التخابر مع إسرائيل، بسبب تواصله وارتباطه مع بيت العدل الأعظم، وهي الهيئة الإدارية العليا للبهائية والتي مقرها في مدينة حيفا في فلسطين.
وذكرت المنظمة أن النيابة العامة في لائحة الاتهام التي قدمتها، اتهمت حيدرة بموجب قانون العقوبات اليمني، بارتكابه أعمالا تمس باستقلال الجمهورية اليمنية ووحدة أراضيها، كما اتهمته بالإساءة للإسلام والعمل لصالح دولة أجنبية.
وفي هذا السياق قال الناطق باسم الجامعة البهائية في اليمن عبد الله العلفي: “إن محامي حامد استأنف الحكم الصادر بحق حامد حيدرة مطالبا بنقضة” واضاف العلفي ” أن الحكم يتنافى مع المادة السادسة من الدستور اليمني، والتي توجب على الدولة العمل بميثـاق الأمم المتـحـدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وميثـاق جـامعة الدول العربيـة، وقواعد القانون الدولي المعترف بها بصـورة عامـة”.
ولفتت المنظمة إلى أن عدد البهائيين الذين يعيشون في اليمن يبلغ حوالي 1000 بهائياً، إلا أن ملاحقتهم من قبل الأمن القومي في اليمن ليست جديدة، حيث بدأت منذ عام 2008، حينما تم اعتقال جماعة من البهائيين، كانوا يحملون جوازات سفر إيرانية، حيث قام عناصر الأمن القومي بتقييدهم واعتقالهم ومصادرة كتبهم وأشرطتهم الدينية، وبقوا في الاحتجاز مدة 120 يوماً.
وفي إفادة أحد أعضاء الطائفة حول قضية حيدرة للمنظمة قال: “بعد اعتقال حامد قامت جماعات متطرفة بنهب بيته في المكلا، وتوقف راتبه الذي كان يتقاضاه من شركة بلحاف”. وأضاف: “خلال فترة الاعتقال، تعرض حامد للتعذيب وسوء المعاملة، مما سبب له صعوبة في المشي والسمع، كما تعرضت أسرته للمضايقة والإهانة، من قبل أحد أعضاء النيابة الجزائية المتخصصة في صنعاء”.
وأضافت المنظمة أن ملاحقة البهائيين ازدادت وتيرتها بعد سيطرة جماعة الحوثي على السلطة في صنعاء، حيث أصبحت الملاحقة والمطاردة نظاماً منهجياً، يستهدف كافة البهائيين في البلاد، على الرغم من أن معظم البهائيين الذين يعيشون في اليمن هم من أصول يمنية.
وأفادت المنظمة أن 6 من البهائيين يقبعون الآن في السجون اليمنية دون توجيه أي تهمة لهم، كما أن الحكم الصادر من المحكمة الجزائية تضمن حكماً بإغلاق كافة المراكز البهائية في اليمن، مشيرة إلى أن هذا الحكم يعد الأول من نوعه في البلاد، ومن شأنه أن يثير مخاوف الأقليات الدينية فيها، وهو يتعارض بشكل صادم مع حقوق الإنسان.
وبينت المنظمة أن التهم الموجهة إلى حيدرة باعتناقه البهائية تخالف العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صادقت عليه اليمن عام 1987، وتنص المادة 18 منه على أن “لكل إنسان الحق في حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدينٍ ما، وحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة”.
وطالبت المنظمة الحقوقية جماعة الحوثي بضرورة التوقف عن ملاحقة الأشخاص ومحاكمتهم بسبب معتقداتهم الدينية أو الاختلاف معهم في التوجه السياسي أو المذهبي، مشددةً على ضرورة إلغاء حكم الإعدام الصادر بحق حامد، والإفراج عن المواطنين المعتقلين على خلفية ممارستهم لشعائرهم الدينية أو المذهبية أو السياسية.
ودعت المنظمة إلى إعطاء المواطنين الحرية الكاملة في ممارسة الشعائر الدينية والمذهبية، وفقًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، والعمل على إيجاد بيئة متسامحة تحترم جميع المعتقدات والتوجهات، وصون حقوق المواطنين في التعبير عن آرائهم.
منظمة سام للحقوق الحريات ، جنيف
4 يناير 2018