قالت يجب إدراج ملف المعتقلين اليمنيين في الحد الجنوبي في أي مفاوضات قادمة
سام: معتقلو الحد الجنوبي يتعرضون للإهمال من قبل السعودية والشرعية والحوثيون يضاعفون معاناة أهاليهم
  • 17/11/2020
  •  https://samrl.org/l?a4029 
    منظمة سام |

    قالت منظمة سام للحقوق والحريات، 17 نوفمبر 2020، إن المملكة العربية السعودية والحكومة الشرعية ومليشيا الحوثي ملزمة بالكشف عن مصير آلاف الجنود اليمنيين المخفيين قسراً في سجون ألوية تشرف عليها السعودية أو المحتجزين لدى جماعة الحوثي بسبب الحرب الدائرة في الحد الجنوبي.

    وأكدت منظمة سام أنها تلقت العشرات من البلاغات من أهالي معتقلي الحد الجنوبي للمملكة العربية السعودية، خاصة معتقلو معركة آل جبارة، الذين وقعوا في الاعتقال بعد معركة آل جبارة، في الحد الجنوبي في أغسطس 2019، وذكر الأهالي أن ملف معتقلي الحد الجنوبي مهملٌ من قبل التحالف العربي ولم يتم فتحه في صفقة تبادل الأسرى والمختطفين مع جماعة الحوثي، علاوة على عدم معرفة الكثير من الأهالي بمصير ابناءهم بعد المعركة المشار لها. 

    وقالت المنظمة إن الكثير من الجنود اليمنيين ـ الذين يقاتلون في الحد الجنوبي في ألوية تشرف عليها السعودية - قد جرى ترحيلهم إلى العاصمة صنعاء بعدما وقعوا أسرى في قبضة جماعة الحوثي المسلحة، وسُمح لهم بالتواصل مع اهاليهم لمدة لا تتجاوز الخمس الدقائق، بغرض طلب إرسال مبالغ مالية لتحسين ظروف المأكل والمشرب والحصول على الأدوية داخل المعتقلات.

    قال توفيق الحميدي - رئيس منظمة سام - " إن معتقلي ومفقودي الحد الجنوبي هم إحدى الانعكاسات الكارثية للحرب اليمنية التي تكشف الوجه البشع للاستغلال اللاإنساني لحاجة الانسان اليمني الذي سُدت أمامه كل أبواب الرزق، فأجبر على القتال في معركة خاسرة يعلم نهايتها، طمعاً في إعالة أسرته وتوفير سُبل العيش الكريم. واضاف الحميدي، أن إهمال مفقودي ومعتقلي الحد الجنوبي، وعدم إدراجهم ضمن مفاوضات تبادل المعتقلين بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي أمر غير مقبول، يزيد من معاناة المعتقلين اولاً وأسرهم ثانياً. ولذا ندعوا إلى أن يكون معتقلي الحد الجنوبي وخاصة أولئك الذين اعتقلوا في معركة آل جبارة، أحد عناوين المفاوضات القادمة "

    وشكى أهالي المعتقلين من توقف رواتب المقاتلين منذ أكثر من سنة، مما ضاعف من معاناة أسرهم ومعاناتهم، خاصة وأن البعض منهم يعاني من الأمراض، ولا يجدون الرعاية الطبية في سجون جماعة الحوثي.

    وشكلت السعودية ألوية عسكرية، وأوكلت قيادتها لشخصيات سلفية موالية لها لتدير الحرب في الحد الجنوبي، كرداد الهاشمي، وابو عبيدة المعبري، وكلا الرجلين ليس لديهم خبرة قتالية ولم يكونا سابقاً في القوات المسلحة، وهما سبب كارثة آل جبارة بحسب الإفادات التي حصلت عليها سام.

    ضحايا لجنة الحشد المشتركة

    وأشارت المنظمة أن المقاتلين في الحد الجنوبي للسعودية، هم ضحايا العلاقة الملتبسة بين الحكومة الشرعية والمملكة العربية السعودية التي ساهمت بصورة كبيرة في إهمال ملف معتقلي آل جبارة، وإهمال حقوقهم المالية والصحية، خاصة جرحى القتال الذين لم يتلقوا العناية الكاملة، أو المعتقلين في سجون الحد الجنوبي التابع للمملكة العربية السعودية.

    وأكدت المنظمة بأن المملكة العربية السعودية أوكلت إدارة الحد الجنوبي إلى خلية عسكرية بقيادة العقيد الأمير فهد بن تركي  قائد القوات المشتركة للتحالف سابقاً، واللواء سعد آل جابر رئيس لجنة الحشد المشتركة في الحد الجنوبي، وهي اللجنة المشرفة على تجنيد مقاتلين يمنيين وتوزيعهم على المحاور القتالية في المعسكرات التي جرى إنشاؤها للدفاع عن حدود المملكة العربية السعودية مع اليمن، دون أي تنسيق مع وزارة الدفاع في الحكومة الشرعية، وتعد لجنة الحشد المشتركة حلقة الوصل بين القيادة السعودية وقيادة الألوية الجدد في الحد الجنوبي.

    وبحسب شهادات موثقة لدى منظمة سام فإن المقاتلين يتلقون معاملة سيئة من بينها: تأخير صرف الرواتب، وإهمال الجرحى، حيث مرت فترة طويلة على كثير منهم وهم في انتظار السفر إلى الخارج، وكذلك الاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري لفترات متفاوتة بعضها يزيد عن السنة بالإضافة إلى التعذيب.

    وقالت المنظمة بأنه لا يوجد تقديرات دقيقة لعدد المعتقلين في معركة آل جبارة أو عدد المفقودين، وذلك بسبب استقلالية محور آل جبارة العسكري عن وزارة الدفاع اليمنية، وخضوعه المباشر لقيادة التحالف دون تنظيم. أحد الضباط ممن هم على اطلاع وثيق بملف معتقلي آل جبارة قال: «تقدمت بملف إلى وزارة الدفاع اليمنية، إلا أن الوزارة رفضت قبول الملف، بحجة أن معتقلي آل جبارة "كتاف" لا يتبعون وزراه الدفاع».

    بتاريخ  29 سبتمبر 2019  أعلن المتحدث باسم مقاتلي مليشيا الحوثي يحي سريع في مؤتمر صحفي أنهم قتلوا ما يقرب من أكثر من 500 مقاتل في معركة آل جبارة وبحسب قيادات في نفس اللواء لم يستلم لواء الفتح سوى ثلاث جثث في قرية الصوح وأن عدد المعتقلين الذين اعتقلو بيد مليشيا الحوثي بلغ اكثر من 2000 مقاتل، طلب بعض المقاتلين- بحسب افادتهم لمنظمة سام - من قيادة محور كتاف، مخاطبة الصليب الاحمر لمعرفة عدد القتلى والمعتقلين في المعركة، ولكن لم يجدوا تجاوباً من قبل قيادة المحور.

    شهادات

    أكدت منظمة سام أنه من خلال تواصلها مع مسؤولين في قيادة الألوية، مثل لواء الفتح الذي يقوده رداد الهاشمي، وغيره من ألوية الحد الجنوبي، تبين عدم وجود معلومات دقيقة عن المقاتلين سواء الذي قتلوا في المعركة أو أولئك الذين وقعوا أسرى في أيدي مليشيا الحوثي، ما سبب ضرراً كبيراً على الأهالي الذي يبذلون جهداً كبيراً لمعرفة مصير أبنائهم، و حدا بأقارب المقاتلين لتشكيل رابطة سُميت «رابطة أهالي مفقودي كتاف» تهدف لمعرفة مصير المقاتلين، وتوفير قاعدة بيانات عنهم، ومتابعة رواتبهم، والضغط ليكونوا ضمن مفاوضات صفقات التبادل بين الحكومة ومليشيا الحوثي.

    محمد العديني، محافظة تعز، 22 عاماً، مفقود منذ أغسطس 2019، تجند وعمره 19 عاماً، قبل ثلاث سنوات بمحور كتاف وادي آل جبارة، مع رداد الهاشمي، تقول أم محمد العديني إن ولدها ترك دراسته في المعهد بسبب مرض والده إضافة إلى «ظروف خاصة والفقر الذي نعانيه».
    تروي أم محمد «كان والده يعاني من وجع في الكلية قبل أن يسافر محمد، والآن حصلت له الجلطة بعدما فقد ابنه، كنا لانعرف ايش (ماهو) مصيره، حي أم ميت»، قالت بحسرة بأنه وبعد مرور أربعة أشهر من فقدانه، اتصل بهم وقال بأنه أسير لدى جماعة الحوثي، ولم يخبروه بمرض والده حتى لا يُصدم وهو في المعتقل، أضافت: «تواصل معنا مرتين في الشهر من سجن الحوثي يريد مصاريف ونحن لا نمتلك شيء».
    كان محمد يعيل الأسرة، كما تقول والدته «عنده خمس أخوات وأبوه يعاني من جلطة في القلب، ولا رواتب صرفوا لهم، ولا تابعوا بعدهم، رموهم رمي الكلاب في الصحاري» وأكدت بأن هناك من استفاد من رواتب معتقلي الحدود «استفادوا من بعدهم بالرواتب، يتاجروا بها، ونحن هنا لا حول لنا ولاقوه، نتسلف ونتكلف من أجل ندبر لهم مصاريف».

    بكيل، معتقل آخر، وهو من أبناء محافظة تعز، يقول أحد أقربائه بأن بكيل ذهب ليتجند بمعسكر لواء الفتح ٨٤ مشاة، ولم يكن لديه رقم عسكري من قبل، بعد اعتقاله ظلت عائلته ستة أشهر لا تعرف عنه شيئا، قبل ان يتواصل معنا بعد هذه الفترة، أفاد قريب بكيل أنه الآن «يتواصل بنا شهريًا لأجل المصاريف».

    زوجة أحد المعتقلين، 45 عاماً، لديها 7 أطفال، قالت بأن زوجها ذهب إلى البقع طمعًا في الحصول على لقمة عيش كريمة،  أكدت بأنهم أخبروه أنه لن يذهب للقتال بسبب عمره، وإنما سيعمل في مطعم المعسكر، وتابعت: «عندما ذهب إلى هناك اخذوه للتدريب ثم إلى جبهات القتال حتى اعتُقل من قبل الحوثيين، في معركة آل جبارة. ظل مفقود لا نعلم عنه شيئا حتى اتصل في شهر رجب وأخبرنا أنه في سجن جماعة الحوثي، وطلب مصاريف كي يستطيع أن يلبي حاجاته الضرورية» وأشارت الزوجة بأن زوجها يعاني من آلام في يده ورجله.
    وفي حديثها لسام، قالت: «للأسف.. التحالف أوقف الرواتب دون خوف من الله، لا ندري كيف نوفر مصاريفه ومصاريفنا والكبير من أولاده عمره 13 عاماً».

    سلمان معتقل آخر، ذهب إلى الحدود بسبب الوضع الاقتصادي الذي تعيشه اليمن، بعد سنة اعتُقل وهو عائد في إجازة، ولم يُعرف مصيره إلا بعد خروج أحد المعتقلين من السجن، بعدها تمكن من الاتصال بأهله لإرسال مصاريف، حيث لا يحصلون على طعام صحي، ولا عناية طبية. تقول أسرته أنهم يرسلون مبلغ 100 ألف ريال شهرياً وهو مبلغ كبير في ظل الأوضاع الاقتصادية في اليمن، حيث يأخذ مسؤولو السجن الذين يستلمون الحوالات من المبلغ ولا يصل إليه إلا ما تبقى.

    قالت سام إن المعتقلين في سجون الحوثي، الذين وقعوا في الأسر في معارك الحد الجنوبي للسعودية، محرومون من حقوقهم المنصوص عليها في المعاهدات الدولية، وأهمها اتفاقية جنيف بشأن المعتقلين والأسرى، حيث لا يستطيعون التواصل مع أهاليهم بصورة مريحة، ولا يحصلون على رعاية طبية، ولم يتم نشر اسماءهم أو إخبار الصليب الاحمر عنهم  للاطمئنان عليهم. بالمقابل أوقفت المملكة العربية السعودية رواتبهم، ولم يتم إدراجهم في مفاوضات الأسرى والمعتقلين، ما يستوجب تحركاً جدياً من قبل المبعوث الأممي والمجتمع الدولي لتحريك ملف المعتقلين من منظور انساني بعيد عن الحسابات السياسية، وتوفير الرعاية الطبية لهم، وصرف مستحقاتهم المتأخرة. 


  •  
    جميع الحقوق محفوظة لمنظمة سام © 2023، تصميم وتطوير