في الذكرى السادسة لمرورها
عاصفة الحزم.. انحراف عن المسار وانتهاكات ترقى لجرائم حرب
  • 26/03/2021
  •  https://samrl.org/l?a4174 
    منظمة سام |

    جنيف- قالت منظمة "سام" للحقوق والحريات إن مستوى تمتع الأفراد بحقوقهم الأساسية في اليمن يشهد تراجعًا مستمرًا بسبب التعديات الخطيرة وغير القانونية التي تنفذها جميع الأطراف المشاركة في الصراع الدائر في اليمن منذ ست سنوات، مؤكدة على أن مشاركة بعض الدول في الصراع الدائر في اليمن عمّق من آثار الانتهاكات التي يعانيها اليمنيون، مؤكدة على أن تدخل تلك الدول  لم يراع المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان في الحرب, كما أن ممارسة بعض تلك الدول شكل انتهاكًا لسيادة اليمن ووحدة أراضيه وسلامة مواطنيه.

    وبينت "سام" في بيان أصدرته بالتزامن مع مرور الذكرى السادسة على انطلاق العملية العسكرية التي سميت بـ "عاصفة الحزم" والتي جاءت بعد انقلاب مليشيا الحوثي على الحكومة الشرعية في صنعاء، في ال 21 سبتمبر 2014,  أن تلك السنوات تطرح تساؤلات حقيقية عن دور المجتمع الدولي أمام الجرائم المرتكبة في اليمن منذ سنوات دون أي تحرك فعال أو حتى الوقوف على آثار تنفيذ عملية "عاصفة الحزم" التي كان لها تأثير سلبي على  المستوى الحقوقي و الإنساني والسياسي بالتزامن مع مجموعة المعلومات التي وثقتها "سام" حول ارتكاب تلك القوات عمليات قتل واختطاف وتعذيب ترقى لوصف "جرائم حرب" و"جرائم ضد الإنسانية".

    في 26 مارس 2015، أطلق تحالف عسكري من تسع دول عربية، شكلته المملكة العربية السعودية، وأسمته بـ"التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن"، عملية جوية واسعة ضد أهداف متعددة للحوثيين في العاصمة صنعاء، ومحافظات أخرى تخضع لسيطرة مليشيات الحوثي، مشيرة إلى أن تدخل التحالف جاء بناءً على طلب من الرئيس اليمني "عبد ربه هادي"، لاستعادة الشرعية في اليمن، عقب سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء، ومعظم محافظات الشمال اليمني والزحف نحو المحافظات الجنوبية.

    ذكرت "سام" في بيانها أن فريق الرصد التابع لها وثق أرقاما مقلقة لانتهاكات طالت كافة المستويات الحقوقية خلال "عملية الحزم" من اعتداء على الحق في الحياة والسلامة الجسدية والحق في الحرية الشخصية والتنقل والحماية المكفولة للمرأة والطفل. فعلى صعيد الاعتداء على الحق في الحياة وثقت المنظمة قيام قوات التحالف عبر عمليتها العسكرية بالاعتداء غير المبرر على حياة الأفراد من خلال استهدافهم عبر عمليات القصف العشوائي والاستهداف المباشر لبعض الأشخاص حيث نفذت تلك القوات خلال سنوات تدخلها أكثر من 800 غارة أسفرت عن مقتل وإصابة أكثر من 10 آلاف مدني بينهم نساء وأطفال. فيما تشير بعض الأرقام الأممية إلى أن عدد المدنيين الذين فقدوا حياتهم وأصيبوا نتيجة لتلك الهجمات بلغ 42 ألفاً و505 من المدنيين بينهم نساء وأطفال، كما أدت تلك الهجمات لتدمير 456 ألفاً و849 منزلاً.

    كما وثقت المنظمة الاستهداف المتكرر للجيش اليمني حيث نفذ طيران التحالف العربي أكثر من 62 غرة جوية خلال فترة تدخله أسفرت عن سقوط عدد كبير بين قتيل وجريح ومن بينها هجومها على القوات الحكومية على  مشارف عدن بتاريخ 30 أغسطس عام 2019 والتي أسفرت عن مقتل وإصابة أكثر من 350 مجندا يمنيا، مؤكدة على أن تلك الجريمة وغيرها تعد جريمة حرب مكتملة الأركان تستوجب تحريك المسئولية الجنائية بحق الدول المشاركة في ذلك الاستهداف والجنود المنفذين.

    كما أسفر هجوم طيران "التحالف العربي" عن تدمير ما يقارب من 100 سوق,70 محطة كهرباء , 239 مدرسة ,110 مستشفى و 20جامعة إضافة إلى آلاف المنازل، مشيرة إلى أن طيران التحالف يتعمد استهداف الأعيان المدنية التي كفل لها القانون الدولي الإنساني وقواعده الحماية القانونية الخاصة الأمر الذي يعكس العقلية الإجرامية التي تحملها تلك الدول في تعاملها مع الأزمة اليمنية وأن تدخلها لم يكن للقضاء على مليشيات الحوثي وغيرها إنما جاء لأهداف ومطامع خاصة بأرض اليمن ومواطنيه.

    وأبرزت "سام" بأن معدلات  بعض الانتهاكات ارتفعت بعد تدخل دول التحالف العربي عبر عملية "عاصفة الحزم" حيث كان لممارسات تلك الدول الدور الأبرز في الإمعان بانتهاك حقوق المدنيين وفي مقدمتها السجون السرية في اليمن التي تدار وتُمول من قبل القوات الإماراتية، حيث تعمد تلك –القوات- إلى  إخفاء آلاف اليمنيين من معارضين سياسيين وأصحاب رأي بل وحتى مدنيين دون توجيه أي تهمة أو عرض على السلطات القضائية.

    تؤكد "سام" على أنه لا توجد أرقام دقيقة حول أعداد تلك السجون نظرًا لانتشارها الواسع وصعوبة تحديد أماكنها لكنها وثقت عدد 25 سجنًا سريًا موزعين على مناطق عدة مثل: المهرة ، وسيئون والمكلا بحضرموت، وعزان في شبوة، وسجون أبين، ولحج، وفي الساحل الغربي، والمخا والخوخة.

    يضاف للجرائم سابقة الذكر، انقلاب المجلس الانتقالي الجنوبي -المدعوم إماراتيا- على الحكومة الشرعية في عدن، ودعم مليشيا مسلحة لا تتبع الحكومة حتى تحولت إلى خنجر في خاصرة الدولة اليمنية للسيطرة على الموانئ الاستراتيجية والسواحل اليمنية من المهرة إلى الحديدة، ومنع الحكومة من إدارتها، وكذلك ممارسة بعض أعمال الدولة السيادية وإنشاء القواعد العسكرية على بعض الجزر مثل حنيش وميون وسقطرى دون تنسيق مع الحكومة اليمنية.

    وذكرت "سام"  في هذا الصدد  قيام  قوات التحالف بعرقلة حركة الموانئ اليمنية إضافة لوضعها شروط تعجيزية لرسو السفن وتفريغ الحاويات، إذ يشترط التحالف ذهاب السفن إلى جدة للتفتيش أولًا ومن ثم الاتجاه إلى ميناء عدن للتفريغ مما يتسبب في رفع تكاليف الشحن وزيادة المدة التي تستغرقها السفن للسفر إلى جدة والعودة. بخلاف أجور التأمين على الحاويات مما انعكس على  تكلفة شحن الحاوية الذي تجاوز 5400 دولار للحاوية 40 قدم والتي تشحن من شرق آسيا مثلا، بينما الحاوية نفسها لا تكلف أكثر من 1800 دولار لو تم شحنها إلى ميناء صلالة العماني، الأمر الذي يعطل العمل في ميناء عدن وبقية الموانئ ضد مصالح اليمن وتحجيما ً لإيراداته التي من المفترض أن تتجاوز مليارات الدولارات لو وصل العمل في ميناء عدن وبقية الموانئ إلى مستويات التشغيل الطبيعية.

    وتضيف "سام" أن قوات التحالف تعتمد نفس سياسة الحصار والتضيق مع المطارات المحتلة مثل مطار الريان والغيضة ومنع تشغيل الرحلات التجارية إليها. هذا بخلاف أن الطيران اليمني لا يستطيع المرور في الأجواء اليمنية إلا بإذن من التحالف. و لا تستطيع الطائرات اليمنية المبيت في اليمن وتضطر إلى تحمل أعباء مالية كبيرة للمبيت والصيانة خارج اليمن مما يعيق إمكانية تقديم خدمات جيدة أو حتى الحفاظ على الأصول الموجودة.

    تقارير حقوقية

    من جانبها قالت "سام" إن العديد من المنظمات الحقوقية الدولية ومنها "هيومن رايتس ووتش" قامت برصد وتوثيق العديد من الانتهاكات التي قام بها قوات الحوثي و التحالف العربي بحق المدنيين، حيث قالت إن "الانتهاكات التي تقترفها قوات التحالف العربي، ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية". حيث أكدت "هيومن رايتس ووتش" عبر أحد تقاريرها أن القوات السعودية وحلفاءها في اليمن ارتكبوا انتهاكات خطيرة ضد المدنيين في محافظة المهرة شرقي اليمن، مشيرة إلى رصدها انتهاكات متنوعة شملت الاعتقالات التعسفية والتعذيب والإخفاء القسري والترحيل غير القانوني للمحتجزين إلى السعودية. إضافة لقيام تلك القوات باستجواب وتعذيب المعتقلين في مطار "الغيضة" بالمهرة الذي يشرف عليه ضباط سعوديون، حيث وصفت "هيومن رايتس ووتش"  الانتهاكات في حق سكان المهرة بأنها خطيرة وبالأمر المرعب، الذي يضاف إلى قائمة الأعمال غير القانونية للتحالف بقيادة السعودية في اليمن.

    أما منظمة العفو الدولية فقد أكدت على توثيقها انتهاكات قوات التحالف العربي والتي تضمنت ممارسات "الهجمات العشوائية، والاحتجاز التعسفي، والاختفاء القسري، والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، والاعتداء الجنسي، وفرض قيود على دخول وتنقل السلع الأساسية، والمساعدات الإنسانية. وبعض تلك الانتهاكات يصل إلى حد جرائم الحرب".

    تؤكد "سام" على أن المعطيات التي وثقتها هي والمؤسسات الحقوقية المحلية والدولية تثبت بما لا يدع مجالًا للشك تورط قوات الدول المشاركة في عملية "عاصفة الحزم" في ارتكاب آلاف الجرائم بحق المدنيين اليمنيين، مشيرة إلى أن غياب المساءلة الجنائية المحلية الناتج عن انحسار سلطات وصلاحيات الجهاز القضائي في اليمن والذي أصبح يتبع للجهة التي تسيطر عليه بمعزل عن مبدأ استقلال السلطة القضائية، كان له بالغ الأثر في  تصاعد عمليات الإعدام والاعتقال التعسفي لا سيما في المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي وقوات الحزام الأمني.

    الخاتمة

    واختتمت "سام" بيانها بالتأكيد على التأثير الخطير والمقلق لعملية "عاصفة الحزم" على المدنيين اليمنيين ومدى تمتعهم بحقوقهم الأساسية داعية الدول العربية إلى الانسحاب الفوري من اليمن واحترام سيادته ووحدة أراضيه، كما شددت المنظمة على ضرورة تحمل المجتمع الدولي مسئولياته القانونية والأخلاقية وفي مقدمتها حماية حقوق المدنيين اليمنيين وحياتهم من الانتهاك التي تتم عبر الأطراف المتعددة والعمل على إيجاد حل أممي توافقي يضمن وقف إطلاق النار وحظر نشاط أي دولة التدخل في الشؤون الداخلية لليمن، وتشكيل لجنة أممية للتحقيق في آثار الانتهاكات المرتكبة على يد القوات المختلفة تمهيدًا لتقديمها للمحاكمة العادلة نظيرًا للجرائم المرتكبة بحق اليمنيين، مؤكدة على أن أي حل سياسي لليمن يجب أن يمر عبر الطرق القانونية من خلال تطبيق قواعد القانون الدولي في كل الانتهاكات التي وقعت مع مراعاة تقديم كل طرف ساهم في تدهور الأوضاع الإنسانية في البلاد للمحاكمة.


  •  
    جميع الحقوق محفوظة لمنظمة سام © 2023، تصميم وتطوير