جنيف- قالت منظمة سام للحقوق والحريات إن البدء بمحاكمة الناشطين : "مانع سليمان" و "حافظ مطير" بسبب ممارسة حقهم في التعبير عن آرائهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي يشكل انتهاكا خطيرا لحق التعبير عن الرأي والنشر التي كفلها الدستور اليمني والمعاهدات الدولية دون قيود أو ملاحقات، وعلى السلطات القضائية إسقاط التهم الموجهة الى الناشطين، وإيقاف كافة المضايقات ضد النشطاء وإطلاق كافة المعتقلين على خلفية التعبير عن آرائهم.
قال رئيس منظمة سام توفيق الحميدي: إن إحالة مطير وسليمان للمحاكمة أمام المحكمة العسكرية على خلفية التعبير عن آرائهم في وسائل التواصل الاجتماعي تعد سابقة خطيرة ومؤشرا مقلقا على مدى استغلال الجانب الديني، وقضايا محل خلاف لقمع الأصوات، وإرهاب الناس، وينبغي ألا يحاكم أحد على خلفية آراءه، بل يجب أن يشجع الفضاء العام للحوار واحترام حرية الرأي المكفولة في الدستور اليمني والاتفاقيات الدولية "
في ١٧ سبتمبر/أيلول، أجّلت محكمة الجنايات في مأرب جلسة محاكمة الناشطين إلى جلسة ١ أكتوبر / تشرين الأول، وبحسب قرار الاتهام الذي حصلت المنظمة على نسخة منه اتهمت النيابة العامة العسكرية الناشطين "مانع" و "مطير" " بأنهما أذاعا علنًا عبر صفحتهما على موقع فيسبوك آراءًا تتضمن تحقير الدين الإسلامي وشعائره ونشرا أفكارًا يترتب عليه التشكيك بالدين الإسلامي ومعتقداته". و "أن المتهمين أذاعا علنًا أخبارًا و إشاعات كاذبة ومغرضة عبر صفحاتهم على فيسبوك اتهما فيها أجهزة الدولة بارتكاب جرائم منظمة وبأنها مارست معهم التعذيب والإرهاب الأمر الذي ألحق الضرر بالاستعدادات الحربية اللازمة للدفاع عن البلاد والعمليات الحربية وإضعاف الروح المعنوية للشعب" .
تتسم التهم الموجهة للناشطين بالغموض والعبارات الفضفاضة كتحقير الدين الإسلامي المجني عليه في ملف القضية الجنائية المرفوع من النيابة العسكرية إلى جانب وزارة الدفاع، إضافة إلى نشر أفكار يترتب عليها التشكيك بالدين الإسلامي، واتهام أجهزة الدولة بارتكاب جرائم منظمة، وهي تهم بنيت على منشورات نشرها الناشطان على صفحتهما على وسائل التواصل الاجتماعي وفي قضايا تاريخية مضى عليها ألف وثلاثمائة عاما، وكان الناشطان قد احتجزا منذ أشهر في سلوك تمارسه السلطات الأمنية أصبح يشكل نمطا واضحا من المضايقات والتخويف ضد الناشطين الراغبين بالتعبير عن آراءهم على وسائل التواصل الاجتماعي.
اعتقلت الشرطة العسكرية بمأرب الناشط "مانع سليمان" 36 عاما ، بتاريخ 18 يونيو/ حزيران 2022، تحت ذريعة سبه للصحابة وللمعتقدات الدينية، إلا أن أقارب الناشط أكدوا خلال تواصلهم مع "سام" بأن هذا الأمر عارٍ عن الصحة وأن ما قامت به الشرطة العسكرية جاء بناء على توجيهات سياسية على خلفية نشاط "سليمان" عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
في حين اعتقل الناشط "حافظ مطير" بتاريخ 11 يوليو/تموز 2023 على خلفية كتاباته الصحفية وتعبيره عن آرائه عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيما ادعت إدارة العلاقات العامة والتوجيه المعنوي بشرطة مأرب في بيان على "فيسبوك" أنه لا علاقة لها ولا للسلطة المحلية بالمحافظة بحادثة اعتقال الناشط "حافظ مطير"، حيث قالت إن إيقافه جاء بناءً على ذمة قضايا منظورة لدى النيابة العسكرية، كونه ضابطًا في القوات المسلحة اليمنية.
تؤكد المنظمة الدولية على أن ما تابعته من وقائع وشهادات حول اختطاف ومحاكمة الناشطين أظهرت انتهاكًا خطيرًا للحق في حرية الرأي والتعبير، كما عكست سلوكًا مقلقًا وغير مفهوم من قبل السلطات في مأرب في إصرارها على ملاحقة النشطاء والكُتاب ومتابعة ما يكتبونه وما يعبرون عنه عبر صفحاتهم الشخصية مؤكدة على أن هذا الأمر يخالف بشكل قاطع القواعد القانونية الدولية.
يجرم دستور الجمهورية اليمنية والقوانين النافذة الاعتقال خارج القانون ، خاصة المادة ( 48) من الدستور بقولها: "تكفل الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية وتحافظ على كرامتهم وأمنهم ويحدد القانون الحالات التي تقيد فيها حرية المواطن، ولا يجوز تقييد حرية أحد إلا بحكم من محكمة مختصة". كما أن قانون الإجراءات الجزائية ذهب في المادة (7/1) منه إلى أن "الاعتقالات غير مسموح بها إلا فيما يرتبط بالأفعال المعاقب عليها بالقانون ويجب أن تستند إلى القانون". وهذا الأمر تم تأكيده مرة أخرى في المادة (11) من ذات القانون التي أكدت على أن "الحرية مكفولة ولا يجوز اتهام مواطن بارتكاب جريمة ولا تقيد حريته إلا بأمر السلطات المختصة وفق ما جاء في هذا القانون".
فيما أكدت المادة (19) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على الحق في حرية الرأي والتعبير حيث نصت على أن: "لكل إنسان الحق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس وتلقي ونقل المعلومات والأفكار من جميع الأنواع دونما اعتبار للحدود، سواء بالقول أو الكتابة أو بالطباعة أو في قالب فني أو بأي وسيلة أخرى يختارها".
واختتمت "سام" بيانها بدعوة السلطات في مأرب للإفراج الفوري عن المعتقلين دون اشتراطات، مشيرة للمبدأ القانوني الراسخ الذي كفل حرية التعبير على اعتبار بأنه حق أساسي يحميه القانون، وعدم أحقية مصادرة هذا الحق تحت أي ظرف ومن قبل أي سلطة، مشددة في ذات الوقت على أن اللجوء إلى أسلوب الترهيب والملاحقات لإسكات الأصوات يشكل سلوكًا خطيرًا، يقوض حرية الرأي ويهدد الاستقرار في المجتمع.