جنيف- قالت منظمة سام للحقوق والحريات إنها تشعر بقلق بالغ لاستمرار اختطاف الصحفي "أحمد ماهر" منذ أغسطس 2022 والذي تم اعتقاله على يد أفراد يتبعون المجلس الانتقالي، مؤكدة على أن اعتقاله ومحاكمته بعد إجباره على الاعتراف بعد ما لاقاه من التعذيب يشكل انتهاكًا يستوجب المساءلة الدولية، داعية في ذات الوقت إلى ضرورة إفراج المجلس الانتقالي عن كافة المعتقلين - لا سيما الصحفيين - دون قيد أو شرط.
وحول تطورات حادثة اختطاف ومحاكمة الصحفي "أحمد ماهر" قالت المنظمة إنها اطّلعت على شكوى مقدمة من أسرة الصحفي لرئيس وأعضاء هيئة رئاسة مجلس النواب اليمني استعرضوا فيها أبرز المخالفات والانتهاكات التي يتعرض لها "ماهر" منذ ما يزيد عن العام حيث جاء فيها "نرفع إليكم شكوى تظلم من أسرة الصحفي الذي تم اختطافه بتاريخ 06 أغسطس 2022 من قبل مدير شرطة دار سعد بدون مسوغ قانوني أو أمر من النيابة أو من أي جهة ذات اختصاص وتم إخفاؤه قسراً وتعذيبه مدة شهر ونصف ولم يتم الانصياع إلى أي توجيهات رسمية ،مع العلم أنه صدرت توجيهات من رئيس مجلس القيادة ووزير الداخلية والنائب العام والنيابة الجزائية المتخصصة بعدن بنقله من مركز الشرطة إلى جهة أخرى لاستكمال التحقيقات معه ومعرفة إن كان مدانا أو غير مدان لكن مدير الشرطة رفض وأجبره على الاعتراف بجرائم لا يعلم عنها شيئا، الأمر الذي يشكل مخالفة للقانون لا سيما المادة 48 الفقرة ب من الدستور اليمني والمادة 6 من قانون الإجراءات الجزائية". مؤكدين على أنه " يُحاكم أمام المحكمة الجزائية بناء على تهمة الأخبار المضللة، الأمر الذي يتعارض مع القانون حيث أن التهم تتعلق بعمله الصحفي وتختص بها نيابة الصحافة والمطبوعات وفق قانون الصحافة والمطبوعات".
وأظهرت الشكوى المُقدمة من قِبل العائلة أنه "قد تم رفع مذكرات رسمية لرئاسة الجمهورية ووزير العدل للتسريع بإجراءات المحاكمة كونه مختطفا منذ عام وشهرين لكن لم يتم الرد من قبل تلك الجهات إلى جانب مجلس القضاء وقطاع المحاكم، ولم يتم تحقيق أي تقدم في قضيته سوى جلستين ولم يتم التعامل مع قضيته كقضية رأي عام ، حتى اللجنة التي اعلن عنها رئيس مجلس القيادة لمتابعة قضية الصحفي أحمد لم نرَ لها أي وجود".
واختتمت العائلة شكواها بدعوة مجلس النواب بضرورة مخاطبة كافة الجهات وفي مقدمتها رئاسة المجلس القيادي وزير العدل ومجلس القضاء والنيابة العامة من أجل الضغط على تلك الجهات من أجل سرعة الإفراج عن الصحفي "أحمد ماهر".
يُشار هنا إلى أن الصحفي "ماهر" كان قد ترك عدن بعد سيطرة المجلس الانتقالي عليها في 2019 ، بعد صدور مذكرة اعتقال من شرطة دار سعد التابعة لقوات المجلس الانتقالي، بسبب كتاباته ومنشوراته بحسب ما ذكره الصحفي في منشور له عبر حسابه بتاريخ 18 أغسطس/آب 2018، مشيرة إلى أنه تم اعتقاله تعسفا بعد اقتحام منزله في مديرية المنصورة بتاريخ 6 أغسطس 2022 مع أخيه وإخفاؤهما قسرا، قبل أن يظهر "أحمد" في مقطع فيديو نشرته الأجهزة الأمنية وعليه آثار تعذيب والتي كانت السبب الرئيس لاعترافه على نفسه بارتكاب جرائم تفجير واغتيالات.
وأبرزت "سام" إلى أن الصحفي "ماهر" كان قد أرسل أكثر من رسالة في أكتوبر الماضي يؤكد فيها تعرضه لتعذيب قاس وتهديد سيطال أسرته من قبل الأجهزة الأمنية، مشيرة إلى أنها اطلعت على آخر رسالة أرسلها الصحفي للنائب العام ونقابة الصحفيين وغيرها من الجهات، بعد قرار محاكمته، يعبر فيها عن استغرابه من محاكمته بناء على عمله الصحفي، حيث قال " لا أعلم ما هو المقال الذي سوف أحاكم عليه في المحكمة، وهل سيتم إصدار تهمة بحقي دون مناقشتي حتى على كتاباتي، لقد أصبحت أتوقع كل شيء في هذه البلاد ولكنه يعتبر تطورا خطيرا في أن يبدأ محاسبة الصحفيين على ما يكتبون، لا أعلم ولا أعرف لماذا في بلادي يحاسب الصحفي على رأيه السياسي ودفاعه عن وطنه ويُترك من يرتكبون المجازر الدموية في عدن؟! ".
تشدد المنظمة على أن المؤسسة الأمنية في عدن أصبحت أداة من أدوات الصراع السياسي الإقصائي ضد الأصوات المعارضة، داعية الأجهزة المسلحة التابعة للمجلس الانتقالي للكف عن مضايقة واعتقال الصحفيين والمعارضين سياسيا بسبب آرائهم ومواقفهم، وأهمية توفير الحق للجميع في التعبير عن آرائهم وإبداء المعارضة السياسية.
تؤكد "سام" على أن استمرارا اعتقال الصحفي "ماهر" وما حصل معه من تعذيب واضطهاد يشكل تطورًا خطيرًا ضد حرية العمل الصحفي في اليمن، ويؤكد على أن القضاء أصبح أداة من أدوات الانتقام السياسي وقمع الحريات، مشيرة إلى أن استمرار تجاهل الأجهزة القضائية لحقوق الصحفي القانونية يبعث على القلق ويستوجب وقف تلك المحاكمة والإفراج عن الصحفي "أحمد ماهر" دون اشتراطات.
كما أكدت المنظمة الحقوقية من جانبها، على أن تلك الممارسات تعد انتهاكًا صارخًا لمجموعة من القواعد القانونية منها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وميثاق روما المشكل للمحكمة الجنائية الدولية والاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري التي جرمت الاعتداء على الحق في الحياة والسلامة الجسدية والحرية من الاعتقال، مؤكدة على أن المجلس الانتقالي ودولة الإمارات مدانان بانتهاكهما تلك القواعد القانونية.
واختتمت سام بيانها بدعوة المجلس الانتقالي للإفراج الفوري وغير المشروط عن الصحفي "أحمد ماهر" وفتح تحقيق جدي في ما حصل معه من تعذيب وممارسات خطيرة ترقى لجرائم دولية، مؤكدة على أن مجلس القيادة الرئاسي ومجلس القضاء وكافة الجهات ذات الصلة مطالبة بدورها القانوني والأخلاقي تجاه الصحفي "ماهر" والعمل على ضمان إطلاق سراحه دون قيود أو اشتراطات.