جنيف- قالت منظمة سام للحقوق والحريات إن جماعة الحوثي تواصل ارتكاب انتهاكاتها الجسيمة بحق المدنيين في مناطق سيطرتها، حيث شنت حملة اعتقالات طالت صحفيين ونشطاء على خلفية انتقادهم للجماعة ودعوتهم عبر منصات التواصل الاجتماعي للاحتفاء بالذكرى 62 لثورة السادس والعشرين من سبتمبر. تأتي هذه الاعتقالات في سياق التضييق المستمر على الحريات العامة، وكجزء من سلسلة من الانتهاكات التي تهدف إلى قمع الأصوات المعارضة وتكميم الأفواه، مما يثير قلقاً عميقاً لدى المنظمات الحقوقية المحلية والدولية.
تؤكد منظمة سام أن احتفال المواطنين بثورة سبتمبر هو حق مكفول بموجب الدستور والقوانين الوطنية والدولية التي تضمن حرية التعبير والتجمع السلمي. إن منع المواطنين من الاحتفاء بهذه المناسبة الوطنية يعد انتهاكًا صارخًا لحقوقهم الأساسية في التعبير عن آرائهم، سواء من خلال الكتابة أو التجمهر السلمي. وتدعو المنظمة جميع الجهات المعنية إلى احترام هذه الحقوق وضمان حرية المواطنين في التعبير عن تطلعاتهم وإحياء ذكرى الثورة دون أي قيود أو مضايقات.
وأوردت سام أن جماعة الحوثي اعتقلت الكاتب الصحفي محمد دبوان المياحي، صباح اليوم 20 سبتمبر، بعد مداهمة منزله في صنعاء. وقد أفاد نشطاء بأن طقماً عسكرياً تابعاً للحوثيين طوق المنزل قبل أن يقتحموا شقته ويصادروا جميع أجهزته الإلكترونية، لينقلوه إلى مكان مجهول. جاء هذا الاعتقال بعد أن نشر المياحي منشوراً عبر صفحته على فيسبوك -عطلها الحوثيون عقب الاعتقال- انتقد فيه خطاب زعيم الحوثيين، وطقوس احتفالات الجماعة بذكرى المولد النبوي، مما يعكس مدى الرقابة الصارمة التي تفرضها الجماعة على حرية التعبير.
وذكرت المنظمة أن الحوثيين نفذوا مؤخرًا سلسلة من الاعتقالات بحق نشطاء آخرين في محافظات إب وصنعاء وذمار، وبحسب الصحفي والناشط الحقوقي إبراهيم عسقين، بلغ عدد المعتقلين في مديرية السدة بمحافظة إب إلى أكثر من 30 شخص، على خلفية الدعوة للاحتفال بذكرى 26 سبتمبر، بما فيهم: الأستاذ أمين الأشول، والاستاذ عبد الإله الياجوري، الأستاذ أحمد عبده حسين المغني، نائب مدير إدارة الامتحانات بالمديرية، الأستاذ غالب علي غالب شيزر، الأستاذ عبده احمد الدويري.
كما اعتقلت الجماعة اليوم الجمعة 20 سبتمبر، عاقل عقال مديرية المشنة بمدينة إب الأستاذ خالد الجوحي، بسبب دعوته لإحياء ذكرى 26 سبتمبر، رغم حالته الصحية المتدهورة ،كما اعتقلت جماعة الحوثي حسين علي الخلقي، عضو اللجنة الدائمة الرئيسية للمؤتمر الشعبي العام وعضو قيادة فرع جامعة ذمار، واقتادته إلى جهة مجهولة.
وفي 19 سبتمبر، اعتقلت مليشيا الحوثي النقيب فهد أمين أبوراس في مدينة القاعدة بمحافظة إب بسبب منشورات على فيسبوك عبروا فيها عن احتفائهم بثورة سبتمبر. كما اعتقل الحوثيون في 18 سبتمبر الشابين أمجد مرعي ويحيى الجعشني في مدينة إب بسبب دعواتهما للاحتفال بذكرى ثورة 26 سبتمبر، في استهداف ممنهج لكل من يعبر عن تأييده للثورة الوطنية أو ينتقد ممارسات الحوثيين.
واطلعت سام على سلسلة تغريدات على منصة إكس، أفاد فيها الصحفي والناشط الحقوقي إبراهيم عسقين، بأن جماعة الحوثي تواصل حملة اعتقال الشباب في مدينة إب، حيث اعتقلت الأستاذ التربوي عبدالعزيز الفضلي والمحامي أكرم الطاهري من حي جرافة ونقلتهما إلى مكان مجهول، بذات التهمة، وفي صنعاء، اعتقلت الجماعة قيادات في حزب المؤتمر الشعبي العام في العاصمة صنعاء، بما فيهم: الشيخ أمين راجح، الدكتور سعيد الغليسي، الشيخ علي ثابت حرمل، الأستاذ أحمد عبدالله العشاري، والأستاذ نايف النجار، وصادرت جميع الأجهزة والجوالات الخاصة بهم وبأسرة الشيخ راجح.
وفي 9 سبتمبر الجاري، اعتقلت سلطات الحوثي في محافظة إب الناشط محمد عمر الكثيري من حارة الجبانه في مدينة اب بعد أيام من كتابة منشور في حسابه على فيسبوك، أعلن فيه أنه لن يحتفل بالمولد حتى لا يحسب من المنافقين، وسيحتفل فقط بذكرى ثورة سبتمبر. كما اعتقلت الجماعة مطلع سبتمبر الناشط رداد قاسم سعيد، بعد سلسلة تغريدات تحدث فيها عن ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، جاء في إحداها: "كيمنييين سبتمبريين أحرار، نعتبر أن ثورة 26 سبتمبر هي امتداد طبيعي لثورة الإسلام المحمدي".
وأوردت سام أن الحوثيين كانوا قد اعتقلوا في 13 سبتمبر، الناشطة الإعلامية سحر الخولاني، بسبب مطالبتها بصرف الرواتب وانتقادها لفساد سلطة الحوثي، ولا زالت سحر مخفية قسرًا ولم يعرف مصيرها أو مكان سجنها حتى اللحظة.
تؤكد منظمة سام على أن هذه الاعتقالات تمثل انتهاكاً صارخاً للقوانين المحلية والدولية التي تكفل حرية الرأي والتعبير. حيث نص الدستور اليمني في المادة 42 على أن "لكل مواطن الحق في الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتكفل الدولة حرية الفكر والإعراب عن الرأي بالقول والكتابة والتصوير"، كما تحظر المادة 49 من الدستور أي اعتقال تعسفي أو احتجاز دون سند قانوني.
على المستوى الدولي، ينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 9 على أنه "لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفًا". كما يجرم العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، ويؤكد على ضرورة احترام حقوق الأفراد وكرامتهم.
تدعو منظمة سام سلطات الأمر الواقع الحوثية إلى الإفراج الفوري عن المعتقلين دون قيد أو شرط وكشف مصيرهم، مع التوقف عن ممارسة الانتهاكات والتضييق على النشطاء وضرورة احترام الحق في حرية التعبير.
كما تدعو سام المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية إلى تسليط الضوء على هذه الانتهاكات والضغط على الحوثيين من أجل إطلاق سراح المعتقلين والمخفيين قسرًا ووقف هذه الانتهاكات اللا إنسانية، وتشدد على أهمية أن يكون هناك موقف واضح وحازم ضد هذه الانتهاكات لضمان حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في اليمن.