جنيف- قالت منظمة سام للحقوق والحريات إن سلاح الجو الإسرائيلي نفذ سلسلة غارات جوية على مطار صنعاء وميناء الكثيب وميناء رأس عيسى في الحديدة، في تصعيد خطير ينتهك القوانين الدولية ويستهدف بشكل مباشر المنشآت المدنية الحيوية في اليمن، كما يُبرز الحاجة الملحة لمساءلة إسرائيل عن انتهاكاتها التي تُفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، وتُعرض حياة المدنيين للخطر.
وأشارت المنظمة إلى أن هذا الهجوم يأتي في سياق تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي الذي هدد علنًا بتدمير صنعاء، وهو تهديد يؤكد العقلية التدميرية التي تُهيمن على سياسات الحكومة الإسرائيلية، حيث لا يعني "الدمار" في قاموس هذا الكيان سوى ما حدث في غزة من استباحة كاملة للمدنيين والمنشآت الحيوية.
اطلعت منظمة "سام" على مقاطع فيديو متداولة عبر شبكات التواصل الاجتماعي توثق لحظة الهجوم على مطار صنعاء، حيث أظهرت المقاطع وقوع الاستهداف في وقت كان فيه عشرات المدنيين متواجدين داخل صالة المطار، ما أسفر عن وقوع 4 قتلى و16 مصابا، فضلا عن 3 مفقودين، بحسب إحصاءات جماعة الحوثي، وهو ما يعكس بوضوح عدم اكتراث إسرائيل بسلامة المدنيين أو احترامها للمبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني، الذي ينص على ضرورة حماية المدنيين وتجنب تعريض حياتهم للخطر أثناء النزاعات المسلحة.
ونوهت منظمة "سام" إلى أن استهداف منشآت حيوية مثل الموانئ والمطارات يعكس نية متعمدة لتعطيل الحياة الاقتصادية وترك السكان في مواجهة كارثة إنسانية، في محاولة واضحة لفرض سياسة "التجويع" كوسيلة للضغط، وهو تكتيك يُظهر نية متعمدة لإذلال السكان وتركيعهم، وليس لتحقيق أي أهداف عسكرية مشروعة، مبينةً أن هذا النوع من الهجمات لا يقتصر على إلحاق الضرر بالبنية التحتية، بل يهدد حياة ملايين المدنيين الذين يعتمدون على هذه المنشآت للحصول على الغذاء، الدواء، والوقود.
وأكدت المنظمة أن الهجمات الإسرائيلية على مطار صنعاء وموانئ الحديدة، بما في ذلك ميناء الكثيب وميناء رأس عيسى، تمثل انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية، خصوصًا قواعد القانون الدولي الإنساني التي تحظر استهداف المنشآت المدنية والأعيان الحيوية التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين، كما أن هذه الهجمات تُصنّف كجرائم حرب بموجب اتفاقيات جنيف والبروتوكول الإضافي الأول لعام 1977، الذي يُلزم أطراف النزاع بتجنب توجيه الهجمات ضد المدنيين والأهداف غير العسكرية، لافتةً إلى أن هذه المنشآت تُشكّل شرايين الحياة لملايين اليمنيين، إذ يعتمد السكان على ميناء الحديدة بشكلٍ أساسي لتأمين الغذاء والدواء والوقود.
وأوردت "سام" أن هذه الهجمات تُظهر تجاهلًا واضحًا لمبدأ التناسب والتمييز، وهما ركنان أساسيان في القانون الدولي الإنساني. إن تعمّد استهداف المدنيين والمنشآت المدنية لا يترك مجالًا للشك بأن هذه الأفعال ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية، مضيفةً أن استهداف المنشآت الاقتصادية والخدمية يُشكل تهديدًا مباشرًا لحياة ملايين المدنيين، ويزيد من معاناتهم اليومية، حيث يعيش اليمن بالفعل أسوأ أزمة إنسانية في العالم، مما يُلزم المجتمع الدولي بالتحرك لوقف هذه الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها.
ودعت منظمة سام للحقوق والحريات المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقفٍ حازم حيال هذا التصعيد الخطير، مؤكدة أن الصمت على هذه الأفعال يُشجع إسرائيل على الاستمرار في انتهاك القوانين الدولية دون أي مساءلة. كما طالبت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بالتحرك الفوري لضمان حماية المدنيين والمنشآت الحيوية في اليمن، والعمل على وقف هذه الاعتداءات التي تُهدد حياة وكرامة السكان، مؤكدةً على أن استمرار هذه الهجمات يُظهر ازدواجية المعايير التي يتعامل بها المجتمع الدولي مع الأزمات الإنسانية، ويُكرّس لواقعٍ خطير يُتيح لدولٍ مثل إسرائيل استباحة حقوق الشعوب دون أي رادع.