جنيف- قالت منظمة "سام" للحقوق والحريات إن قوات اللواء السابع عمالقة ارتكبت خلال الفترة من 24 إلى 27 فبراير 2025، سلسلة من الانتهاكات الجسيمة بقيادة علي كنيني في مدينة حيس، والتي شملت اعتقالات تعسفية بحق الصحفيين والناشطين، بالإضافة إلى مداهمة المنازل دون أي مبرر قانوني، في ممارسات تمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان، وتقوض أبسط الضمانات القانونية التي كفلتها التشريعات اليمنية والدولية.
مطاردة واعتقال الصحفي حسام بكري
في 24 فبراير 2025، أقدمت قوات اللواء السابع على اعتقال الصحفي حسام بكري، مراسل قناة اليمن اليوم، بعد مطاردته على خلفية منشور له في فيسبوك انتقد فيه قرار منع الأنشطة الرياضية الرمضانية. إن احتجاز صحفي لمجرد تعبيره عن رأيه يعد انتهاكًا لحرية الصحافة التي كفلها الدستور اليمني في المادة (42)، والتي تنص على أن “لكل مواطن الحق في حرية الفكر والتعبير بالقول والكتابة والتصوير، في حدود القانون.” كما يتعارض هذا الإجراء مع المادة (19) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تضمن حرية التعبير دون مضايقة أو عقاب.
وأشارت منظمة "سام" إلى أن استمرار اعتقال الصحفي حسام بكري ومنعه من زيارة أسرته، ورفض إحالته إلى الجهات القضائية المختصة، يمثل احتجازًا تعسفيًا يندرج ضمن الجرائم التي يعاقب عليها القانون، ويضع المسؤولين عنها تحت طائلة المساءلة القانونية.
اعتقال الناشط المجتمعي عبد الله كزيح
كما تلقت المنظمة معلومات مؤكدة تفيد باعتقال الناشط المجتمعي عبد الله كزيح من منزله في مدينة حيس مساء 26 فبراير 2025، وذلك بعد ساعات من اعتقال الصحفي حسام بكري. ووفقًا لشهادات محلية، فقد تم اعتقال كزيح على خلفية مواقفه وآرائه الناقدة لبعض الإجراءات الأمنية التي تمارسها قوات العمالقة.
وذكرت "سام" أن هذا الاعتقال التعسفي يعكس واقعًا خطيرًا يعيشه الناشطون والصحفيون في المناطق الخاضعة لسيطرة القوات المسلحة غير النظامية، حيث يتم استغلال السلطة لإسكات أي صوت معارض، في انتهاك للمادة (48) من الدستور اليمني التي تؤكد أن “كل متهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تكفل له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عن نفسه.”
مداهمة منزل المواطن صالح الزبيدي
تلقت منظمة “سام” شكاوى وشهادات موثقة من ثلاثة أشخاص تفيد بأن قوة مسلحة تابعة للواء السابع داهمت منزل المواطن صالح علي الزبيدي مساء يوم 27 فبراير 2025، بحثًا عن نجله علاء الزبيدي، دون إذن قضائي أو أي مسوغ قانوني يبرر هذا الانتهاك الصارخ لحرمة المنازل، وذكر الزبيدي في إفادته لـ "سام" أن المسلحين روعوا أفراد الأسرة، واعتدوا على حقهم في الأمان والخصوصية، مؤكداً أن هذه الممارسات تأتي في سياق استهداف متكرر لعائلته في ظل إفلات المعتدين من العقاب رغم الشكاوى المتكررة التي رفعها الضحايا للجهات المختصة.
وأكدت المنظمة أن هذه الإجراء التعسفي يتنافى مع المادة (53) من الدستور اليمني، التي تنص على أن “المسكن مصون ولا يجوز الدخول إليه أو تفتيشه إلا بأمر قضائي مسبب وفقًا لأحكام القانون.”
انتهاكات خطيرة وتضييق على الحريات العامة
واعتبرت المنظمة أن ما حدث في مدينة حيس لا يمكن اعتباره حوادث فردية معزولة، بل هو جزء من نمط متكرر من القمع والترهيب تمارسه بعض القوى المسلحة التي تتخذ من الدين ذريعة لفرض سياسات قمعية ضد المواطنين، مضيفةً أن هذه الجماعات لا تملك أي سلطة قانونية تتيح لها فرض وصايتها على المجتمع أو التدخل في وجدان الأفراد وضمائرهم، وهو ما يعيد إلى الأذهان محاولات سابقة لتقييد الحريات العامة وفرض أنماط دينية متشددة بالقوة.
ولفتت "سام" إلى أن تذرع قيادة اللواء السابع بمنع الإفطار العلني خلال نهار رمضان كمبرر لحظر الفعاليات الرياضية، واعتقال من يعترض على ذلك، يعد تعديًا صارخًا على حق المجتمع في تنظيم أنشطته الثقافية والرياضية. إن ممارسة الشعائر الدينية هي شأن شخصي، وليس من صلاحية أي جهة عسكرية أو غيرها فرض تفسيرات دينية معينة على المواطنين بالقوة.
دعوة إلى التحرك العاجل
تطالب منظمة “سام” للحقوق والحريات بالإفراج الفوري وغير المشروط عن الصحفي حسام بكري والناشط عبد الله كزيح، اللذين تعرضا للاعتقال التعسفي على خلفية تعبيرهما عن آرائهما وانتقادهما لقرارات السلطات في مدينة حيس، معتبرةً أن استمرار احتجازهما يمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان وحرية التعبير، ويؤكد على ضرورة وقف هذه الممارسات القمعية التي تستهدف تكميم الأفواه وترهيب الأصوات الحرة.
كما تشدد المنظمة على ضرورة إجراء تحقيق مستقل وشفاف في حادثة مداهمة منزل المواطن صالح الزبيدي، التي شكلت تعديًا صارخًا على حرمة المساكن وحقوق الأفراد في الأمن والخصوصية، على أن يشمل هذا التحقيق محاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة، وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات التي تتعارض مع القوانين الوطنية والدولية، وتكرس ثقافة الإفلات من العقاب.
وتؤكد “سام” على ضرورة وقف التدخل العسكري في شؤون المجتمع المدني، حيث لا يجوز لأي جهة عسكرية فرض وصايتها على الأنشطة الثقافية والاجتماعية للمواطنين، مبينةً أن محاولة إلغاء فعاليات تقام منذ سنوات بحجج دينية أو أخلاقية، واستخدام القوة العسكرية لقمع من يعارض ذلك، يشكل تعديًا خطيرًا على الحريات الأساسية.
وفي السياق ذاته، تشدد المنظمة على ضرورة إلزام قوات اللواء السابع عمالقة باحترام القوانين المحلية والدولية، والكف عن استخدام القوة كأداة لقمع الحريات العامة، وتؤكد على ضرور أن تقتصر صلاحيات هذه القوات على مهامها العسكرية والأمنية المشروعة، دون تجاوزها إلى فرض قرارات سياسية أو اجتماعية على المواطنين، أو التدخل في حقوق الأفراد وحرياتهم المكفولة بالقانون، محذرةً من أن استمرار هذه الانتهاكات يعمق الأزمة الحقوقية في اليمن، ويزيد من تفاقم حالة الاستبداد التي تمارسها الجماعات المسلحة على المدنيين.
وتحث منظمة “سام” كافة المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة، ولجنة حماية الصحفيين، ومنظمة العفو الدولية، إلى ممارسة الضغط على جميع أطراف الصراع في اليمن، بما في ذلك القوات المسيطرة على مدينة حيس، لإلزامها باحترام حقوق الإنسان والتوقف عن استخدام القمع كأداة لإسكات الأصوات الناقدة، مشددةً على أن انتهاكات حرية الرأي والتعبير، والاعتقالات التعسفية، ومداهمات المنازل، تمثل تهديدًا خطيرًا للحقوق والحريات في اليمن، وتتطلب تحركًا عاجلًا من قبل جميع الجهات المعنية للحد من هذه الجرائم التي تكرس ثقافة الإفلات من العقاب وتقوض أسس العدالة.