أطلقت منظمة سام للحقوق والحريات تقريراً حقوقياً يوثق وقائع جرائم القنص في اليمن للفترة من مارس 2015 إلى ديسمبر 2020.
وأفادت سام بأن تقرير (رعب القناص) محصلة خمس سنوات من البحث والتحقيق، وقد أعده فريق من الباحثين والمتعاونين المدربين على كتابة القصة الحقوقية، وعلى استخدام آليات الرصد والتوثيق المعمول بها دولياً.
وإلى جانب النزول الميداني وتصوير الضحايا والاستماع إليهم وإلى شهود العيان، ومقابلة المصادر الطبية، وزيارة المستشفيات، واستخدام الوسائل المتاحة للاتصال حصلت سام على العديد من المقاطع المتلفزة لقصص الضحايا، واعتمدت على ما اطمأنت إليه بعد الفحص والتحليل ومطابقة الأدلة وفقاً للمنهجيات المعمول بها لدى المنظمات الحقوقية ولجان التحقيق.
وقالت المنظمة إن تقرير " رعب القناص " الذي اتخذ من مدينة تعز نموذجاً - لأنّ سكانها كانوا الأكثر تضرراً من هذه الجريمة - يشكّل وثيقة تاريخية لاحتوائه على العديد من الشهادات والقصص لضحايا مدنيين، لم يحصلوا على إنصاف أو عدالة خلال الفترة الماضية، ولم تقم السلطات القضائية بالتحقيق في كل الهجمات التي تحدّث عنها التقرير.
كما يؤرشف التقرير قصص الضحايا التي تحتوي على الكثير من البشاعة والقسوة والآلام ويحفظها في الذاكرة التاريخية، ويفتح الباب واسعاً أمام المهتمين بالشأن الحقوقي اليمني للالتفات إلى ملف ظل مسكوتاً عنه كثيراً طوال الفترة الماضية، حيث يؤصل التقرير لحيثيات هذه الجريمة، ويظهر بوضوح كيفية تبرير أطراف الصراع لاستخدامها سلاح القناصة ضد المدنيين.
ورصد التقرير خلال الفترة المحددة منذ مارس 2015 وحتى نهاية ديسمبر 2020، مقتل (725) مدني بهجمات القناصة في عدد من المحافظات اليمنية، من بينهم (141) طفلاً، و(78) امرأة، وسقط أكثر هؤلاء الضحايا في تعز، حيث سُجل فيها مقتل (365) مدنياً، تليها مدينة عدن التي سقط فيها (140) قتيلاً مدنياً، ثم محافظة الضالع التي سقط فيها (92) قتيلاً مدنياً، تليها محافظة البيضاء التي سقط فيها (18) قتيلاً مدنياً، وسُجل مقتل الاخرين في محافظات الحديدة ولحج وشبوة وأبين ومأرب.
وقالت المنظمة إن جماعة الحوثي والرئيس السابق علي عبدالله صالح كانا في المرتبة الأولى من بين أطراف الصراع في حجم جرائم القنص، حيث قُتل بسببهما (714) مدنياً، (480) على يد تلك القوات مجتمعة إبّان تحالفها، و(234) بهجمات قوات جماعة الحوثي بمفردها بعد فك تحالفها مع قوات صالح منذ بداية العام 2018 وحتى نهاية الفترة المحددة للتقرير.
بينما وثقت سام مقتل (5) مدنيين بهجمات القوات الحكومية، و(3) آخرين قتلوا بهجمات قوات موالية للإمارات في تعز ومدينة عدن، وتحديداً بهجمات كتائب أبي العباس وقوات الحزام الأمني، في حين سُجل مقتل (3) على يد جماعات مسلحة.
وقالت سام إن هذه الجريمة تركت جروحاً وإعاقات على الضحايا، حيث وثقت سام إصابة (512) مدنياً، بينهم (157) طفلاً، و(85) امرأة.
وسجلت سام إصابة وإعاقة أكثر من (345) مدنياً في محافظة تعز، في حين أصيب أكثر من (86) مدنياً في محافظتي الحديدة والضالع بالتناصف بينهما، وسُجلت إصابة (26) مدنياً في محافظة البيضاء، بينما أصيب الآخرون في محافظات لحج وأبين وشبوة.
وكانت جماعة الحوثي وصالح هي الفاعل الأبرز خلال فترة تحالفهما، وقوات جماعة الحوثي لوحدها بعد فك تحالفها مع قوات صالح في بداية 2018، حيث بلغ عدد المصابين بهجمات هذا الحلف (489)، ووثقت سام إصابة (4) مدنيين بهجمات نفذتها كتائب أبي العباس وقوات الحزام الأمني المدعومتين إماراتياً، فيما وثقت سام إصابة (19) مدنياً بهجمات قناصة لم تعرف هوية الجهات المرتكبة لها.
ولتعزيز مبدأ عدم الإفلات من العقاب فقد أورد التقرير قائمة بأسماء مجموعة من الأشخاص المتورطين في جرائم القنص في اليمن، شملت قيادات عسكرية في جماعة الحوثي والجيش الوطني والمقاومة الوطنية في الساحل الغربي بقيادة طارق صالح وميليشيا أبي العباس في تعز المدعومة إماراتيا والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا. كما يخصص التقرير فصلاً لقصص مروعة وشهادات ضحايا سابقين للاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب.
وخلص التقرير إلى أن جريمة قنص المدنيين في اليمن ارتكبها مقاتلون محترفون على سلاح القناصة، على نطاق واسع ضد المدنيين، واستخدمته أطراف الصراع ضد بعضها بشكل متفاوت، ويكشف التقرير أنّ جماعة الحوثي وقوات صالح خلال فترة تحالفهما، وجماعة الحوثي بمفردها بعد فك تحالفها مع قوات صالح، كانا هم الأكثر استخداماً لهذا السلاح، وبسببهما سقط المئات من الضحايا، فيما استخدمته القوات الحكومية والقوات المدعومة من الإمارات بشكل محدود.
ودعا التقرير مجلس الأمن إلى اتخاذ خطوات جادة وفعالة بما من شأنها حفظ الأمن والسلم في اليمن، يُجبر كافة الأطراف المحلية والإقليمية المرتبطة بها، بوقف الهجمات ضد المدنيين، ووقف كل أشكال الدعم الذي يُقدّم للجماعات المسلحة، وإحالة ملف اليمن إلى محكمة الجنايات الدولية للتحقيق في كافة أشكال الجرائم التي ارتكبتها أطراف الصراع، والتي تندرج ضمن اختصاصها في البحث والتحقيق ومحاسبة المسؤولين عن ارتكابها.