مع استمرار قطع الإمدادات الغذائية والإنسانية والمياه
سام تحذر من كارثة إنسانية غير مسبوقة في قطاع غزة
  • 08/11/2023
  •  https://samrl.org/l?a5042 
    منظمة سام |

    جنيف- قالت  منظمة سام للحقوق والحريات، إن سلطة الاحتلال الإسرائيلي تمارس سياسة الإبادة الجماعية بحق سكان غزة من خلال فرض سياسة الحصار والتجويع بحق المدنيين، بهدف التدمير الكلي للسكان، دون تمييز بين كبير وصغير، وطفل وامرأة، الأمر الذي أوصل الوضع المعيشي في القطاع الى مستويات كارثية، في محاولة لإخضاع المدنيين والضغط عليهم في إطار حربها المتواصلة للأسبوع الخامس على التوالي.

    وذكرت المنظمة في بيان صدر عنها اليوم الأربعاء، أنه وبالتزامن مع اليوم ال33 للحرب على غزة فإن سياسة التجويع التي تتبعها إسرائيل تجاه القطاع بدأت تأخذ منحنيات في غاية الخطورة، بما في ذلك قطع كافة الإمدادات الغذائية وقصف وتدمير المخابز والمصانع والمتاجر الغذائية ومحطات وخزانات المياه.

    حيث رصدت "سام" تعمد إسرائيل في الـ 48 ساعة الأخيرة، تركيز هجماتها على استهداف المولدات الكهربائية ووحدات الطاقة الشمسية التي تعتمد عليها منشآت تجارية ومطاعم ومؤسسات مدنية في الحفاظ على الحد الأدنى الممكن من عملها.

    كما دمّر الطيران الإسرائيلي المنطقة الزراعية شرقي غزة ومخازن الدقيق وقوارب الصيادين، فضلًا عن مراكز التموين للمنظمات الإغاثية، لا سيما وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، أكبر مصدر للمساعدات الإنسانية في القطاع.

    ولفتت المنظمة أنه وفقًا لتقديرات برنامج الأغذية العالمي فإن المخزونات الحالية من السلع الغذائية الأساسية ستكون كافية لأربعة أيام على الأكثر قبل أن تنفد بشكل نهائي، في وقت أصيبت الحركة التجارية بالشلل التام  بسبب الدمار واسع النطاق، وانعدام الأمن، ونقص الوقود.

    وبرغم العدد المهول من المساعدات التي تنتظر أمام بوابة معبر رفح من الجانب المصري للدخول إلى القطاع، إلا أن نحو 2% فقط من المساعدات والإمدادات الغذائية سمحت إسرائيل بإدخالها إلى قطاع غزة، في وقت تتجاهل دعوات المنظمات الدولية بضرورة إدخال الغذاء والماء والوقود وغيرها من الضروريات من دون قيود.

    حيث يحيط قطاع غزة 8 معابر، ستة منها تصل القطاع بالأراضي المحتلة عام 1948، وتسيطر عليها السلطات الإسرائيلية، التي تغلق أربعة منها بشكل تام، وتفتح معبرين بشكل متقطع هما: "بيت حانون" و"كرم أبو سالم"، بينما تسيطر مصر مع أطراف أخرى على معبرين آخرين، هما "رفح" و"بوابة صلاح الدين". تعد المعابر الأربعة المفتوحة -وإن لم يكن بشكل دائم- المنافذ الوحيدة للقطاع من وإلى العالم الخارجي، اثنان منهما مخصصان بشكل أساسي لحركة الأفراد، وهم معبر "بيت حانون" و"رفح"، بينما خصص الآخران للحركة التجارية، وهم معبر "كرم أبو سالم" و"بوابة صلاح الدين" .

    لكن منذ بداية الحرب على قطاع غزة اتخذ وزير الدفاع الإسرائيلي قرارًا بإغلاق كافة المعابر التجارية والمخصصة للأفراد كما تم قصف بوابة معبر رفح المصري وصلاح الدين أكثر من مرة، وتم إعادة صيانتها بشكل جزئي مؤخرًا لضمان مرور شاحنات المساعدات الإنسانية التي تواجه خطر التلف بسبب طول مدة الانتظار وقطع الطرق الرئيسية داخل القطاع الأمر الذي يعرقل وصولها للسكان.  

    وأبرزت "سام" أن العوامل السابقة ساهمت في رفع نسبة سوء التغذية التي كانت تصيب أطفال قطاع غزة والتي كانت قبل الحرب نحو 70% حيث كان يعاني أطفال القطاع من فقر الدم وضعف المناعة وخطر الإصابة بالأمراض الخطيرة لترتفع تلك النسبة لنحو 92% بحسب تقديرات وزارة الصحة في قطاع غزة.

    وفي حين يواجه 52,540 طفل مولود خطر القتل والجوع والجفاف والأمراض المعدية نظرًا لانقطاع الكهرباء عن الحاضنات وغياب المستلزمات الطبية والأغذية الخاصة، فإن النساء في غزة يتحملن بشكل غير متناسب تداعيات حرب إسرائيل، إذ يوجد نحو 55,000 حامل في غزة منهم 5,500 ألف ولادة متوقعة هذا الشهر.

    كما أدى القصف المتواصل للمستشفيات ومحيطها لا سيما ليلة الأحد الماضي الموافق ه نوفمبر. ، إلى تعطيل المرافق الصحية المتضررة أو غير العاملة، كما ساهم ارتفاع مستويات النزوح الهائلة، وانهيار إمدادات الغذاء والمياه والكهرباء، في زيادة نسبة الخطر التي تهدد الأمهات والأطفال حديثي الولادة بشدة.

    وبينت المنظمة أنه ومع تفاقم إمكانية الحصول على الغذاء والماء، فإن العوائل يعانون من أجل إطعام أسرهم ورعايتها، مما يزيد من مخاطر سوء التغذية والمرض والوفاة، حيث تواصلت المنظمة مع عدة عوائل وأفراد خلال الساعات الماضية، نقلوا خلال حديثهم معاناتهم في توفير المتطلبات الدنيا للحياة وهي المياه والطعام.

    حيث قال "إبراهيم شحادة" من سكان غزه  ، الذي  يقطن رفقة عائلته " لدي عائلة مكونة من 4 أشخاص وأتى لمنزلي عدد من أقاربي بعد أن فقدوا منازلهم، أصبح توفير الماء لي ولاطفالي كابوس يومي حيث لا أستطيع الحصول على كميات كافية من الماء، حتى أنني أقوم بإعطاء أطفالي حصتي من الماء نظرًا لانعدامها".

    أما " يوسف عبد المعطي" فقال لـ"سام" خلال إفادته " أنا الأكبر بين أخوتي ويقع على عاتقي طوال اليوم توفير الحد الأدنى لأبي وأمي وإخوتي من الماء، لا توجد كهرباء لتشغيل محطات المياه، كما أن المحطات العامة يقف أمامها الآلاف منذ الصباح حتى المساء للحصول على كمية ماء لا تكفي كافة أفراد أسرهم، بدأنا نشعر بأننا سنموت عطشًا".

    فيما قال "محمود ديب" خلال شهادته " نعاني من نقص في السلع الأساسية لا يوجد كهرباء أو ماء أو طعام بالشكل الكافي، مع بداية كل يوم نشعر بأننا أمام تحد للبقاء على قيد الحياة لا أعلم كيف سنستمر على هذا الشكل، لم أترك بقالة أو مخزنا إلا وتوجهت له للحصول على السلع الأساسية لكنني أعود معظم الأحيان خالي الوفاض لعائلتي بسبب نفاذ البضائع ومنع دخولها".

    تشير تقديرات وزارة الصحة والتموين في غزة إلى أنه لا يتوفر الآن سوى أقل من ثلاثة لترات من المياه النظيفة للشخص الواحد من أصل 15 لترًا يوميًا كحد أدنى ضروري للأشخاص في حالات الطوارئ الإنسانية الأكثر حدة، حيث إن مخزون المياه المعبأة أخذ في النفاد، وقد ارتفعت تكلفة المياه المعبأة بالفعل إلى درجة أصبحت بعيدة عن متناول أسرة متوسطة في غزة، مع ارتفاع الأسعار إلى خمسة أضعاف في بعض الأماكن بفعل النقص الشديد الحاصل.

    حيث قالت مصلحة المياه الفلسطينية أن إنتاج المياه في غزة يبلغ الآن 5% فقط من إجمالي إنتاجه الطبيعي، ومن المتوقع أن ينخفض أكثر، ما لم يتم تزويد مرافق المياه والصرف الصحي بالكهرباء أو الوقود لاستئناف نشاطها.

    هذا ويواجه مئات الآلاف من سكان مدينة غزة وشمالها نقصًا حادًا في المياه، مما يثير مخاوف من الجفاف والأمراض المنقولة بالمياه بسبب استهلاك المياه من مصادر غير آمنة، في ظل توقف معظم مرافق المياه في المناطق المذكورة التي يعتمد السكان فيها على الحد الأدنى من الآبار الخاصة ومحطات التنقية و يستهلكون المياه غير الآمنة من الآبار الزراعية.

    على صعيد آخر لفتت المنظمة الى أن الحصول على الخبز في قطاع غزة أصبح يشكل تحديًّا وجوديًّا، إذ لا تزال المطحنة الوحيدة العاملة في غزة غير قادرة على طحن القمح بسبب نقص الكهرباء والوقود، فيما تم قصف وتدمير 11 مخبزًا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، أما تلك التي ما تزال تعمل، فإنها تواجه تحديات شديدة بسبب نقص الضروريات مثل الدقيق والوقود.

    يُشار هنا إلى أن الإمدادات الغذائية المحدودة التي تدخل من مصر يتم توزيعها في المقام الأول على النازحين والأسر المضيفة في جنوبي قطاع غزة، مع توفير الدقيق فقط للمخابز، فيما يتم منع أي وصول للمواد الغذائية إلى مدينة غزة وشمالها.

    وتشدد المنظمة على أن ما يدخل قطاع غزة عبارة عن كمية محدودة من المساعدات الغذائية، حيث لم يتم تسليم أي واردات غذائية تجارية، ما يجعل سكان قطاع غزة البالغ عددهم نحو 2.3 مليون نسمة في حاجة ماسة إلى الغذاء في ظل فرض نهج العقاب الجماعي عليهم.

    في حين أن توزيع المساعدات الغذائية للنازحين في شمال غزة توقف بشكل شبه كامل خلال الأيام القليلة الماضية، في أعقاب تكثيف العمليات البرية للجيش الإسرائيلي، ما يهدد بمجاعة واسعة النطاق يدفع ثمنها الأطفال على وجه الخصوص.

    تؤكد "سام" على أن القانون الإنساني الدولي يحظر بشكل صارم استخدام التجويع كوسيلة من وسائل الحرب، وباعتبار إسرائيل القوة المحتلة في غزة، فإنها ملزمة وفقًا للقانون الإنساني الدولي بتوفير احتياجات سكان غزة وحمايتهم.

    وتجدد المنظمة دعوتها للمجتمع الدولي بضرورة التحرك العاجل والفاعل لفرض وقف إطلاق النار في قطاع غزة ومنع تدهور الوضع لحياة المدنيين بشكل أكبر عبر إتاحة الوصول العادل وغير المشروط من المواد الأساسية والإغاثية إلى قطاع غزة بأكمله، وإتاحة الإمدادات الضرورية من الغذاء والمياه والإمدادات الطبية والوقود لتلبية احتياجات السكان.


  •  
    جميع الحقوق محفوظة لمنظمة سام © 2023، تصميم وتطوير