جنيف- قالت منظمة سام للحقوق والحريات إن إعلان مكتب أمن عدن ، يوم الخميس الماضي الموافق الأول من أغسطس 2024، اعتبار القائد الأمني يسران المقطري فار من وجه العدالة، يثير تساؤلات عميقة حول مدى سيادة القانون في المدينة، معتبرةً أن هروب المقطري يرتبط بشكلٍ وثيقٍ بتنامي نفوذ المليشيات المسلحة، فحالة الفراغ الأمني التي تعيشها عدن، في ظل وجود هذه المليشيات التي تعمل خارج إطار القانون، والمتورطة في جرائم خطيرة، قد خلق بيئة خصبة لانتشار الفوضى وانفلات الأمن.
وذكرت سام أن ما يزيد من تعقيد الأزمة، وجود أجندات سياسية ضيقة ودعم داخلي وخارجي لهذه المليشيات، بشكل يساهم في إطالة أمد الصراع ويقوض أي محاولات لإعادة الاستقرار إلى المدينة، مشيرةً إلى أن هروب المقطري يُظهر كيف يمكن أن تؤدي الانقسامات الداخلية وضعف مؤسسات الدولة إلى تفشي الفوضى، كما يؤكد هذا الهروب أن غياب سلطة القانون يفتح المجال أمام المليشيات التي تعمل بشكل مستقل، مما يزيد من حالة الانعدام الأمني ويجعل الأمور أكثر تعقيدًا.
ولفتت المنظمة إلى أن القيادي الأمني يسران المقطري لعب دورًا رئيسيًا في انتهاكات حقوق الإنسان في عدن ، وتعزيز الفوضى خارج رقابة القانون ،من خلال سلطته كقائد جهاز مكافحة الأرهاب ، حيث اتهم بارتكاب العديد من الجرائم، بما في ذلك عمليات الاغتيالات، والخطف، والاعتقالات التعسفية، والتعذيب في السجون، مما أثر سلبًا على حياة المدنيين وأدى إلى انعدام الثقة في القوى الأمنية الرسمية، وبالتالي فإن هذا الوضع يُبرهن على ضرورة اتخاذ إجراءات صارمة لردع هذه المليشيات وتفكيك أنشطتها.
وأكدت سام أنها حذرت مسبقًا في عدة بيانات من تغول سلطة المليشيات التي مارست وما زالت مهام وسلطات الدولة، كالقبض والتحقيق وإدارة سجون خارج رقابة القضاء، حيث أصبح قادة المليشيات، يديرون مربعات أمنية مستقلة، لا رقيب عليهم، ويمارسون فيها انتهاكات جسيمة ترقى إلى جرائم حرب، كالإخفاء القسري والتعذيب.
وأضاف البيان الصادر عن سام أن قضية المقطري لا يمكن النظر إليها بمعزل عن تغول المليشيات خارج رقابة وإشراف الدولة اليمنية، والفساد المستشري في الأطر الأمنية الذي شكل حائط صد أمام محاولات تطبيق القانون وعزز من قوة المليشيات، وهو ما يستدعي اتخاذ إجراءات لمكافحة الفساد، بما في ذلك وضع آليات واضحة لمحاسبة الفاسدين وضمان الشفافية في جميع العمليات الأمنية.
ودعت سام إلى ضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة، أبرزها ضرورة ضم كافة الأجهزة الأمنية إلى القوات الشرعية، ووضعها تحت إشراف وزارتي الداخلية والدفاع، بما من شأنه أن يساهم في توحيد الجهود ويسهم في تقوية القدرات الأمنية ومواجهة التحديات المشتركة التي تمثلها المليشيات، كما ينبغي أن تكون هناك استجابة شاملة تُعنى بمعالجة الأسباب الجذرية للأزمة، من خلال تعزيز مؤسسات الدولة، وتقوية الأطر القانونية، وتوفير التأهيل المناسب للكوادر الأمنية.
وشددت منظمة سام على أن الوضع الأمني في عدن يتطلب اهتمامًا عاجلًا وجهودًا متكاملة لتصحيح المسار وتوفير بيئة آمنة للمواطنين، على أنَّ معالجة قضية يسران المقطري تمثل خطوة أولى في هذا الاتجاه، لكن يجب أن تكون جزءًا من استراتيجيات شاملة تهدف إلى إنهاء الفوضى واستعادة الأمن.