جنيف- دعت منظمة سام للحقوق والحريات أطرف الصراع وهيئة الأمم المتحدة لا سيما الإجراءات المتعلقة بالألغام والفرق التابعة لها، لممارسة دور أكبر وأكثر جدية في موضوع الألغام المزروعة في اليمن، التي تفتك بالمدنيين بشكل يومي مُخلفة آثار خطيرة على المستوى الإنساني والاقتصادي بسبب تضرر المباني بشكل متكرر والعمل على تطبيق قواعد قانون الدولي ذات الصلة وأهمها إرسال لجان دولية متخصصة لتطهير المناطق وبشكل أخص أماكن تواجد المدنيين.
ولفتت المنظمة في بيان صدر عنها اليوم الأربعاء، بالتزامن مع اليوم الدولي للتوعية بخطر الألغام الموافق 4 نيسان / أبريل من كل عام، بأن الأرقام التي رصدتها ووثقتها خلال سنوات الحرب في اليمن، أظهرت وقوع آلاف الضحايا مـن المدنيين بين قتيل وجريح ، فيما لا يــزال الآلاف منهــم معرضين للخطر خاصة في المحافظات التي تشهد معارك ونزاعات مسلحة كالحديدة والجوف والبيضا وغيرها، حيث تعتبر محافظة حضرموت من أكثر المحافظات التي تعرضت للانتهاكات بسبب الألغام المزروعة مقارنة بباقي المحافظات.
وبحسـب الأرقام التي رصدتها وتحصلت عليها منظمة "سام"، فقد بلغ العدد الإجمالي لضحايا الالغام من المدنيين والمنشآت المدنية في اليمن جراء انفجار الألغام في الفترة (2014-2022) (6019 )مدني بينهم، (2632) قتيل و(3386) مصاب، كما شملت الخسائر المادية الخاصة (4743) منشأة، في حين بلغت الخسائر في المنشآت العامة (456) .
هذا ومن بين أعداد القتلى تم توثيق مقتل (477) طفلًا و ( 168) امرأة، في حين بلغ عدد الأطفال المصابين بسبب انفجار الألغام (730) طفلا، في حين بلغ عدد النساء المصابات بسبب انفجار الالغام (219) امرأة، في حين شملت الأضرار التي طالت المنشآت المدنية الخاصة (1005) منزلًا بصورة كلية، وتضرر(464) منزلًا بصورة جزئية، كما شمل تضرر عدد (167) منشأة تجارية بصورة جزئية وكلية، في حين تضررت(588) مركبة بصورة كلية وجزئية، وتضرر (344) مزرعة، ومقتل واصابة (2185) من المواشي المملوكة للمواطنين .
أما المنشآت العامة فقد تم رصد تضرر(80) منشأة تعليمية منها (53) بصورة كلية، (17) وحدة صحية،(25) مقار حكومية،(93) خزانات وآبار مياه، (36) معالم أثرية، (120) جسرًا و (72) مسجدًا.
تشدد "سام" على أن ارتفاع أعداد الضحايا يرجع إلى قيام جماعة الحوثي زرع الألغام في المناطق القريبة من السكان والطرق العامة والمزارع وأماكن الرعي دون خرائط، ما يجعل من الصعوبة بمكان معرفة نقاط تواجد تلك الألغام وهو ما ساهم برفع نسبة الإصابة بصورة ملحوظة خاصة في محافظتي تعز والحديده. حيث حرصت جماعة الحوثي على وقوع أكبر عدد من المدنيين من خلال زراعة الألغام في مناطق كبيرة وعشوائية.
حيث لفتت المنظمة إلى أن جماعة الحوثي تتحمل المسؤولية الكبرى عن الالغام المزروعة، ومسؤولية الضحايا الذين يسقطون بسبب الالغام خاصة ممن يعانون من اصابات دائمة، مشيرة إلى أن التقارير المتخصصة وفي طليعتها تقارير فريق خبراء الأمم المتحدة بشأن اليمن أكد على انفراد الحوثيين بزراعة الألغام، استنادًا للوقائع والأحداث شبه اليومية، إذ لاحظ فريق الخبراء بأن المناطق التي ينسحب منها الحوثيون في الغالب مزروعة بالألغام المختلفة من الألغام الفردية والألغام المضادة للمركبات والآليات.
تشدد "سام" على أن ملف الألغام في اليمن أصبح كابوس يقتل اليمنين ويترصد لهم في الطرقات والاودية والمزارع، حيث تشكل الالغام عائق كبير أمام عودة الحياة الطبيعية وعودة النازحين الذين تركوا منازلهم بسبب القتال خاصة الحديده وتعز والبيضاء ولحج والضالع.
فيما تؤكد المنظمة على أن معاناة ضحايا الألغام الصحية والنفسية والاجتماعية تتفاقم، بسبب ضعف البنية الصحية وعدم القدرة على توفير العلاج لا سيما الأطراف الصناعية ، حيث يسافر أغلب الضحايا الى خارج اليمن للعلاج كالهند ومصر وسلطة عمان، حيث بتواجد مركز الأطراف الصناعة هناك مركز في سلطنة عمان.
ونوهت المنظمة الحقوقية، إلى أنه برغم الجهود المبذولة من قبل الأجهزة الأممية عبر مشاريعها وبرامجها في هذا نزع الألغام، لكن لا تزال معاناة اليمنيين مستمرة جراء الألغام التي زرعها الحوثيون في مناطق مختلفة، وبكميات كبيرة جداً، وبطرق عشوائية بدون وجود خرائط تُسهّل عمل فِرَق نزع الألغام، الأمر الذي يشكل تهديداً مباشراً للسكان وسط تزايد أعداد الضحايا المدنيين وغالبيتهم من النساء والأطفال.
تؤكد "سام" على أن استخدام أو حيازة الألغام أمرًا محظور بموجب العهود والمواثيق الدولية ذات العلاقة مثل معاهدة أوتاوا لحظر الأنعام واتفاقية الأمم المتحدة بشأن الأسلحة التقليدية و نظام روما الأساسي الذي اعتبر الألغام التي تستهدف المدنيين الذين لا يشاركون في العمليات العسكرية بممارسة قد ترقى إلى جرائم حرب تستوجب المساءلة إلى جانب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية اللذان جرما أي مساس بالسلامة الجسدية أو الحق في الحياة.
وتشدد المنظمة على أن هذا الملف الخطير والحساس يجب أن لا يمر دون عقاب ومساءلة مشيرة إلى زراعة الألغام جريمة لا إنسانية تستوجب المساءلة الجنائية ضد مرتكبيها ويجب تضمينها ضمن اي عدالة انتقالية لضمان افلات مرتكبيها من العقاب.
واختتمت المنظمة بيانها بدعوة الأمم المتحدة والإجراءات الخاصة المتعلقة بالألغام، للتحرك الجدي والفاعل من أجل المساهمة في إنهاء ملف انتهاكات الألغام في اليمن الذي يعاني من اثار الألغام منذ ثمانينات القرن الماضي، عبر عدة خطوات أولها، تسليم جماعة الحوثي خرائط أماكن تواجد تلك الألغام، ومن ثم العمل على إرسال الفرق المتخصصة من أجل تفكيكها، وضرورة توفير الخدمات الصحية والنفسية الأساسية لضحايا الألغام وتشكيل صندوق خاص لدعم وتعويض المتضررين اليمنيين من تلك الألغام.