جنيف- قالت منظمة سام للحقوق والحريات إن الأجهزة الأمنية التابعة لجماعة الحوثي أحالت الصحفي محمد المياحي، إلى نيابة ومحكمة الصحافة والمطبوعات، بعد قرابة أربعة أشهر من اعتقاله التعسفي على خلفية كتاباته الصحفية، لافتةً إلى أن اعتقال المياحي يمثل انتهاكًا صارخًا للقوانين الوطنية والدولية التي تكفل حرية التعبير، ويؤكد استمرار جماعة الحوثي في استغلال القضاء لتصفية الحسابات السياسية وقمع الأصوات المعارضة.
في تصريح خاص لـ "سام"، أفاد المحامي عمار الأهدل بأن الصحفي محمد المياحي أُحيل بشكل مفاجئ إلى النيابة، حيث تفاجأ هو وزميله المحامي عبد المجيد صبرة، بوجوده هناك بعد اتصال من أحد العساكر. وعند ذهابهم إلى المحكمة الجزائية المتخصصة، اكتشفوا أن المياحي مُحال بتهمة تتعلق بتكدير الأمن العام والإضرار بنظام الحكم، وهي تهم جنائية جسيمة.
وأضاف المحامي الأهدل: قدمنا دفعًا لعضو التحقيق بأن المياحي صحفي وأن التهم المنسوبة إليه متعلقة بعمله كإعلامي، وبالتالي لا ينعقد الاختصاص للمحكمة الجزائية المتخصصة. اطلع عضو التحقيق على الملف وعلى الرفع المقدم من "استخبارات الشرطة"، وهو جهاز أمني جديد، ووجد أن المياحي مُسجل كإعلامي وأن التهم الموجهة إليه تتمثل في التصريح أو حضور مقابلات أو نشر منشورات كلها متعلقة بعمله الصحفي".
وأشار إلى أن "عضو النيابة، القاضي خالد عمر، أحال الملف إلى نيابة الصحافة والمطبوعات للنظر فيه، وذلك بعد أن اطلع على الملف وتأكد من أن القضية ليست من اختصاص النيابة الجزائية المتخصصة"، مضيفًا أن "القاضي رفع بذلك إلى رئيس النيابة ووكيلها للموافقة على هذا المقترح".
وذكر المحامي أنهم تحدثوا مع وكيل النيابة الذي أبدى قلقه في البداية من خطورة التهم الموجهة إلى محمد المياحي، والتي قال إن عقوبتها قد تصل إلى الإعدام، مبينًا أن "وكيل النيابة قال في النهاية "لا مشكلة" سنشرع غدًا في إجراءات إحالة الملف إلى نيابة الصحافة والمطبوعات حيث تكون الإجراءات هناك أخف، وإن شاء الله أنه سيخرج سريعًا"، حسب قوله.
اطلعت "سام" على منشور نشره المحامي عبد المجيد صبرة عبر صفحته على الفيسبوك، أكد فيه أن "عضو التحقيق قرر إحالة قضية المياحي إلى نيابة ومحكمة الصحافة والمطبوعات باعتباره صحفياً، والتهم الموجهة إليه تتعلق بعمله الصحفي وتحديداً بنشر مقالات تحريضية ضد الدولة ونظامها السياسي، بحسب المعلومات التي وردت من إدارة شرطة المباحث العامة".
وأكدت المنظمة أن اعتقال الصحفي محمد المياحي من الأساس يفتقر إلى أي سند قانوني واضح، حيث يتعارض مع المبادئ الدستورية والقوانين المحلية التي تضمن حرية التعبير وممارسة العمل الصحفي، كما أنه يتعارض مع التزامات اليمن الدولية بموجب العهود والاتفاقيات التي تكفل حرية الإعلام وتجرّم أي تضييق على الصحفيين بسبب آرائهم أو عملهم المهني.
وذكرت "سام" أن إحالة قضية المياحي إلى نيابة ومحكمة الصحافة تأتي في إطار سلوك ممنهج من قبل جماعة الحوثي، التي تستغل القضاء كوسيلة لتصفية الحسابات السياسية وإسكات الأصوات المعارضة، حيث أصبحت المؤسسات القضائية أداةً قمعية بيد الجماعة، تُستخدم لتبرير الانتهاكات المتكررة ضد الصحفيين والحقوقيين وكل من يجرؤ على التعبير عن رأيه بشكل مستقل.
وشددت منظمة "سام" على أن استمرار احتجاز الصحفي محمد المياحي ومحاكمته بسبب عمله الصحفي يُعد مؤشرًا خطيرًا على تصاعد القمع ضد الصحافة في اليمن، مشيرةً إلى أن هذه الممارسات القمعية تزيد من وطأة المعاناة، وتُرسِّخ حالة عدم الاستقرار، وهو ما يستدعي تحركاً عاجلاً لإنصاف المياحي وضمان سلامته وحقوقه القانونية.
وأوردت "سام" أن الضحية كان قد تعرض في صباح يوم الجمعة، الموافق 20 سبتمبر 2024، للاعتقال التعسفي من قبل قوات الشرطة العسكرية التابعة لجماعة الحوثي في صنعاء، على خلفية منشور نشره على صفحته على فيسبوك انتقد فيه جماعة الحوثي وسياساتها. وقد جاء اعتقاله ضمن حملة واسعة شنتها الجماعة في سبتمبر الماضي، تزامنًا مع الاحتفالات بالذكرى الـ 62 لثورة السادس والعشرين من سبتمبر.
وأشارت المنظمة إلى أن المياحي عانى خلال فترة احتجازه من ظروف قاسية في السجن، فقد تم احتجازه في زنزانة انفرادية لمدة شهر كامل، حيث حُرم من الخروج إلى الشمس مثل بقية السجناء، ولم يُسمح له برؤية زوجته إلا من خلف حاجز زجاجي، دون أن يتمكن من سماع صوتها. ووصف سجناء آخرون السجن الانفرادي الذي أودع فيه الضحية بأنه "جحيم" ، حيث يُحرم السجين من الضوء والهواء الكافي، ويتلقى فقط قرص خبز صغير يومياً بطريقة مهينة. وقد أعلن المياحي إضرابه عن الطعام احتجاجًا على ظروف احتجازه، مطالبًا بتحويله للمحاكمة أو إطلاق سراحه.
وأضافت "سام" أن الانتهاكات تعدت الضحية لتطال عائلته وأصدقائه، حيث داهمت قوات الحوثي منزله بطريقة عنيفة، وصادرت أجهزته الإلكترونية، وأخضعوا زوجته للتحقيق بطريقة مهينة. كما تعرض شقيقه للاختطاف والتعذيب، وتم إجباره على دفع فدية مالية مقابل الإفراج عنه. ولم يسلم شباب القرية التي ينتمي إليها المياحي من الاعتقال والابتزاز المالي بسبب تضامنهم معه، وفقًا لإفادات خاصة تحصل عليها موقع "تعز تايم".
تدعو منظمة "سام" للحقوق والحريات جماعة الحوثي إلى الكف عن ممارساتها القمعية بحق الصحفيين، والإفراج الفوري وغير المشروط عن الصحفي محمد المياحي وكل الصحفيين المعتقلين، كما تدعو المجتمع الدولي والمنظمات المعنية بحرية الصحافة إلى ممارسة أقصى الضغوط على جماعة الحوثي لوقف هذه الانتهاكات الممنهجة واحترام حرية الإعلام وحقوق الإنسان.