في اليوم الدولي للتعليم
قطاع التعليم في اليمن يشهد حربًا موازية
  • 24/01/2025
  •  https://samrl.org/l?a5463 
    منظمة سام |

    جنيف- قالت منظمة سام للحقوق والحريات في بيان لها بمناسبة اليوم الدولي للتعليم، إن قطاع التعليم في اليمن يشهد انهياراً مريعاً جراء الصراع المستمر منذ أكثر من عقد، مشيرة إلى أن جماعة أنصار الله (الحوثيين)، المسيطرة على العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات اليمنية، ترتكب انتهاكات جسيمة بحق المعلمين والطلاب والمؤسسات التعليمية، والتي أدت في مجملها إلى انهيار شبه كامل للمنظومة التعليمية في البلاد، مما يستدعي وقفاً فورياً لهذه الانتهاكات من جميع أطراف النزاع، وتحييد التعليم عن الصراعات.

    في الوقت الذي يُحتفَى فيه عالمياً باليوم العالمي للتعليم، تحت شعار "الذكاء الاصطناعي والتعليم: تعزيز فاعلية الإرادة البشرية في عالم مُؤتمت"، تُسلّط منظمة "سام" الضوء على التباين الصارخ بين هذا التوجه العالمي وواقع التعليم في اليمن. فبينما يتطلع العالم إلى دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية، يُنظر إلى هذا الأمر في اليمن على أنه نوع من الترف، وتجاهلًا للتحديات الصعبة التي يواجهها التعليم في البلاد، موضحةً أنه بدلاً من السعي نحو تبني التكنولوجيا الحديثة في التعليم، لجأت جماعة الحوثي إلى حظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، مثل واتساب، في المدارس، بذريعة مواجهة ما يُعتبر "حرباً ناعمة" تُشنّ على الطلاب من خلال هذه المنصات، مع تشديد الجماعة على العودة إلى الأساليب التربوية التقليدية، والتهديد باتخاذ إجراءات قانونية صارمة بحق المدارس التي تُخالف هذا الحظر، وهو ما يبرز حجم الفجوة بين التعليم في اليمن وسائر بلاد العالم.

    المعلمون: انتهاكات بالجملة

    وذكرت سام أن المعلمين يتعرضون لانتهاكات جسيمة من قبل جماعة الحوثي، حيث تُظهر التقارير والبيانات الصادرة عن منظمات حقوقية ونقابة المعلمين، حجم المعاناة التي يُعاني منها المُعلّمون في مناطق سيطرة الحوثيين. فقد تعمدت الجماعة حرمانهم من رواتبهم، في انتهاك صارخ للقوانين المحلية والمواثيق الدولية، مما أدى إلى تفاقم معاناتهم، ودفعهم إلى البحث عن مصادر دخل بديلة، أو اللجوء إلى النزوح.

    تشير التقارير إلى أن آلاف المعلمين باتوا عاجزين عن تأمين احتياجاتهم الأساسية نتيجة لعدم صرف مستحقاتهم المالية. في بعض المناطق، تجاوزت نسبة المعلمين الذين لم يتلقوا رواتبهم لعدة أشهر أو سنوات حاجز الـ70%. هذا الانقطاع المستمر في الرواتب أدى إلى هجرة واسعة للكفاءات التعليمية إلى خارج قطاع التعليم، مما تسبب في نقص حاد في عدد المعلمين المؤهلين.

    وأشارت المنظمة إلى أنه تم تسجيل مئات الحالات تعرض فيها معلمون للاعتقال بسبب آرائهم السياسية أو مشاركتهم في احتجاجات تطالب بتحسين ظروف العمل. في بعض الحالات، تعرض المعلمون للإخفاء القسري، حيث لم يتم الكشف عن أماكن احتجازهم أو مصيرهم. وتشير الإحصائيات إلى أن عدد المعلمين المعتقلين في سجون الحوثي قد تجاوز 2,000 معلم في السنوات الأخيرة.

    كما واجه المعلمون اعتقالات تعسفية وتهديدات، وتعرضوا للاختفاء القسري والتعذيب الوحشي في سجون غير خاضعة للرقابة، بسبب استخدامهم لأساليب تربوية حديثة تعتمدها اليونيسف، مما يُثير مخاوف كبيرة حول أوضاع المُعلّمين المُحتجزين. وكل هذه الانتهاكات  أدت إلى ترك أكثر من 60% من الكادر التعليمي وظائفهم، واضطرارهم للعمل في مهن أخرى لتلبية احتياجاتهم المعيشية.

    وثق تقرير "الجريمة المغيبة" الصادر عن نقابة المعلمين اليمنيين بتاريخ مايو 2022، مقتل 1582 من العاملين في القطاع التربوي على يد جماعة الحوثي المسلحة خلال الفترة من أكتوبر 2014 وحتى ديسمبر 2021. من بين هؤلاء الضحايا، تم اغتيال 21 معلماً منذ بداية عام 2015، منهم 12 معلماً في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، وأشار التقرير إلى 22 حالة وفاة لمعلمين تحت التعذيب في سجون الحوثيين.

    وكشف تقرير رصد حقوقي لنقابة المعلمين اليمنيين عن توثيق 49 ألفا انتهاكا ارتكبتها ميليشيا الحوثي، في قطاع التعليم ومنتسبيه خلال الفترة 24 أكتوبر 2014 حتى 30 ديسمبر 2021. من ضمن الانتهاكات، قامت الجماعة بفصل أكثر من 20 ألف بين تربويين ومعلمين من الجنسين، وقامت بإحلال بدلاء طائفيين من انصارهم والموالين لهم، إضافة إلى قطع مرتبات أكثر من 160 ألف معلما ومعلمة، حيث لا يستلمون رواتبهم على الإطلاق رغم استمرارهم في أداء واجبهم.، وأجبر من تبقى على حضور دورات طائفية تروج لأفكار متطرفة، مما أدى إلى تدهور مستوى التعليم، وفرض أجندة الجماعة على العملية التعليمية.

    الأطفال: من المدارس إلى جبهات القتال

    وأشارت "سام" إلى أن عشرات الآلاف من الأطفال في سن التعليم تم تجنيدهم قسراً أو إغراؤهم للانضمام إلى الميليشيات المسلحة، حيث أُجبر بعض هؤلاء الأطفال على ترك مدارسهم والانخراط في معسكرات تدريب، ليتم استغلالهم كجنود أو عمال دعم للجبهات، مضيفةً أن عدد الأطفال المجندين في عام 2015 قد ارتفع خمسة أضاف مقارنة بالسنة السابقة، وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف).

    وذكرت المنظمة أن جماعة الحوثي بشكل خاص تستهدف طلبة المدارس بشكل ممنهج، حيث يتم إغراء الأطفال بالانضمام للجماعة من خلال الوعود الكاذبة، مثل منحهم رواتب أو أسلحة، والتلاعب بعواطفهم من خلال الدروس الدينية والخطب الحماسية. كما يتم استغلال الوضع الاقتصادي المتردي لإقناع الأسر بإرسال أطفالهم إلى ساحات القتال. في بعض الحالات، يتم اختطاف الأطفال من المدارس ونقلهم إلى معسكرات تدريب حيث يتعلمون استخدام الأسلحة وزرع الألغام والمشاركة في القتال، مما تسبب في مقتل وإصابة آلاف الأطفال. 

    إلى جانب التجنيد، يتعرض الطلاب لعمليات غسل أدمغة ممنهجة تُزرع فيها أفكار متطرفة أو طائفية، حيث تحولت المدارس إلى حوزات لتلقين الأطفال أيديولوجيات سياسية ودينية متطرفة، مما يؤدي إلى تدمير براءتهم وحرمانهم من التعليم السليم.

    وأكد تقرير سابق صادر عن منظمة "سام"، أن جماعة الحوثي جندت صبية في جميع المحافظات اليمنية لا تتجاوز أعمارهم سبع سنوات، حيث تم تجنيدهم من المدارس والمناطق الفقيرة ومراكز الاحتجاز من خلال دروس التلقين والحوافز المالية والاختطاف، ليتم استخدامهم بعد ذلك في القتال ما أدى إلى وفاة بعضهم وإصابة البعض الآخر، وأكدت نقابة المعلمين اليمنيين في تقرير لها أنها وثقت ارتكاب مليشيا الحوثي جريمة تجنيد 17350 طفلا من الطلاب دون سن الثامنة عشر منذ انقلابها في 2014  وحتى مايو 2021.

    وفقا لتقرير صادر عن منظمة إنقاذ الطفولة بتاريخ مارس 2024، يعاني اليمن من أزمة تعليمية غير مسبوقة بعد تسع سنوات من الصراع. يشير التقرير إلى أن طفلين من كل خمسة أطفال، أي ما يعادل 4.5 مليون طفل، متسربون من التعليم.

    وبحسب إنقاذ الطفولة، تُعد الرسوم المدرسية الشهرية وتكلفة الكتب المدرسية من العوامل الرئيسية التي تجعل التعليم بعيد المنال بالنسبة للكثيرين، حيث أفادت 20٪ من العائلات بأنها غير قادرة على تحمل تكاليفها. بالإضافة إلى ذلك، أشار أكثر من 44٪ من مقدمي الرعاية والأطفال الذين شملهم الاستطلاع إلى أن الحاجة إلى دعم دخل أسرهم كانت سببًا رئيسيًا للتسرب من المدرسة.

    ويؤكد تقرير صادر عن البنك الدولي بتاريخ فبراير 2023، على أن أطفال اليمن يعانون من صعوبات في الوصول إلى التعليم، حيث يُحرم الكثير منهم من فرصة الذهاب إلى المدرسة بسبب الفقر وعدم قدرة أهاليهم على تحمل تكاليف الطعام واللوازم المدرسية.

    التعليم: تطييف ممنهج لخدمة الأجندة السياسية

    ولفتت منظمة سام في بيانها إلى أن تطييف التعليم هو أحد أخطر التحديات التي تواجه قطاع التعليم في مناطق سيطرة  الحوثي حيث يتم استغلال المناهج الدراسية والمدارس كأدوات لنشر الأجندات الطائفية والسياسية، موضحةً أن جماعة الحوثي قامت بإجراء العديد من التعديلات على المناهج التعليمية في اليمن، وبشكل خاص مواد التربية الإسلامية واللغة العربية والتربية الوطنية والاجتماعيات، وتركزت هذه التعديلات على تكريس فكرة الاستحقاق "الإمامي" للحكم في اليمن والثروة ووجوب التبعية والتسليم لأمر قياداتها ورموزها.

    تُظهر الإحصائيات الصادرة عن نقابة المعلمين اليمنيين حجم التعديلات التي أجرتها الجماعة على المناهج التعليمية، ففي عام 2022، أدخلت الجماعة ما لا يقل عن 200 تعديل في المناهج الدراسية للمراحل الأساسية والإعدادية، وبلغ إجمالي التعديلات الطائفية التي أجرتها ميليشيا الحوثي على المناهج الدراسية للصفوف الأولى حتى الصف السادس 420 تعديلاً. وفي العام الدراسي 2020/2021، أجرت الجماعة 187 تعديلاً إضافيًا على المناهج، بعد أن كانت قد أجرت 234 تعديلاً في الأعوام الفائتة على مناهج المرحلتين الأساسية والثانوية في مناطق سيطرتها.

    فضلًا عن ذلك، استخدمت جمعة الحوثي المدارس كمنابر لبث خطابها السياسي والطائفي، وحشد الطلاب في فعاليات وأنشطة مؤيدة لها. وأكد تقرير صادر عن البرلمان الأوروبي، أن جماعة الحوثي تستخدم المدارس والمرافق التعليمية لاستقطاب الأطفال إلى التجنيد الإجباري، من خلال نظام تعليم يحرض على العنف، بالإضافة إلى تلقين الطلاب العقيدة الأيديولوجية الخاصة بالجماعة من خلال محاضرات خاصة داخل المرافق التعليمية لتعبئتهم بالأفكار المتطرفة، وترغيبهم بالانضمام إلى القتال.

    البنية التحتية في مرمى الاستهداف المتعمد

    وأوردت "سام" أن البنية التحتية التعليمية لم تسلم من الاستهداف المباشر وغير المباشر في مناطق النزاعات، حيث أصبحت  المدارس أهدافًا للغارات الجوية والقصف المدفعي. تشير تقارير أممية إلى أن عدد المدارس التي تعرضت للتدمير الكلي أو الجزئي في بعض المناطق قد تجاوز 3,000 مدرسة خلال العقد الماضي، وفي بعض الحالات، تم استهداف المدارس أثناء ساعات الدراسة، مما أدى إلى وقوع مئات الضحايا من الطلاب والمعلمين، وهو ما يعكس حجم الكارثة التي أصابت قطاع التعليم في البلاد. 

    إلى جانب القصف، شهدت بعض المدارس احتلالًا عسكريًا من قبل الجماعات المسلحة وبشكل خاص جماعة الحوثي، حيث تم تحويلها إلى ثكنات عسكرية أو مخازن للأسلحة، ما أدى إلى حرمان آلاف الطلاب من فرصهم في التعليم، كما جعل المدارس أهدافًا مشروعة للهجمات العسكرية.

    أفادت "منظمة  أنقذوا الأطفال أن 256 مدرسة دمرت، وتضرر 1520 مدرسة أخرى بسبب الصراع المسلح، وأن 23 مدرسة تم احتلالها من قبل جماعات مسلحة، منذ 2015 وحتى 2019، وبحسب تقرير صادر عن الائتلاف العالمي لحماية التعليم من الهجمات، فإن 482 هجمة على التعليم في اليمن تم توثيقها بين عامي 2020 و 2023. وشملت هذه الهجمات 83 هجمة على المدارس و 41 هجمة على مؤسسات التعليم العالي و 39 هجمة على الطلاب والموظفين و 22 حالة استخدام عسكري للمدارس أو الجامعات. وأسفرت هذه الهجمات عن إصابة أو مقتل أو اعتقال أو إيذاء 330 طالبًا ومعلمًا، من بينهم 15 فتاة أو امرأة. كما تضرر أو دمر 95 مدرسة وجامعة.

    وذكرت المنظمة أنه ومنذ منذ بداية الصراع في سبتمبر 2014، كان للهجمات على أطفال المدارس والمعلمين والبنية التحتية التعليمية تأثير مدمر على نظام التعليم في البلاد - وعلى فرص ملايين الأطفال في الوصول إلى التعلم. حتى العام 2022، تم تدمير 2916 مدرسة (واحدة على الأقل من كل أربع) أو تضررت جزئيًا أو استخدمت لأغراض غير تعليمية، بحسب إحصائيات اليونيسف.

    وشددت منظمة سام على أن الانتهاكات التي يعاني منها قطاع التعليم تشكل تهديدًا خطيرًا لمستقبل الأجيال القادمة، ذلك أن حرمان الطلاب من التعليم لا يؤدي فقط إلى تدهور مستويات المعرفة، بل يسهم أيضًا في تعزيز دائرة الفقر والجهل والتطرف، مضيفةً أن الأرقام والإحصائيات التي تم رصدها تعكس حجم المأساة، لكنها لا تُظهر الصورة الكاملة للمعاناة الإنسانية.

     

    ممارسات أطراف الصراع تنتهك القانون

    أوردت "سام" أن ممارسات أطراف الصراع إزاء قطاع التعليم تمثل انتهاكاً صارخاً للقوانين المحلية والدولية، التي تؤكد على مجانية التعليم كحق أساسي لكل طفل، وتُلزم الدولة بتوفير الموارد اللازمة لتحقيق هذا الهدف، كما تؤكد على أن حقوق المعلمين مكفولة قانونيًا، سواء من حيث الرواتب المنتظمة أو تحسين ظروف عملهم وتوفير بيئة تعليمية مناسبة.

     

    تنص المادة (54) من الدستور اليمني أن الدولة تكفل حق التعليم لجميع المواطنين من خلال إنشاء مؤسساته وتهيئة الظروف المناسبة، والتعليم في المرحلة الأساسية إلزامي"، وتشدد المادة (26) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن "لكل شخص الحق في التعليم. ويجب أن يُوفّر التعليم الأساسي مجانًا وإلزاميًا"، كما تنص المادة (13) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على: "تعترف الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل فرد في التعليم، وتوافق على أن يكون التعليم الابتدائي إلزاميًا ومتاحًا مجانًا للجميع."، وتشير المادة (28) من اتفاقية حقوق الطفل إلى أن "الدول الأطراف تعترف بحق الطفل في التعليم، وتتعهد بجعل التعليم الابتدائي إلزاميًا ومتاحًا مجانًا للجميع."

     

    ينص قانون الخدمة المدنية على ضمان حقوق الموظفين الحكوميين، بما فيهم المعلمون، في الحصول على الرواتب والمستحقات المالية بانتظام وبدون تأخير. ويُلزم القانون الدولة بتوفير بيئة عمل لائقة، وضمان تحقيق الاستقرار الوظيفي للمعلمين. ويكفل قانون رقم (37) لسنة 98 بشأن المعلم والمهن التعليمية، العديد من الحقوق والمزايا، بما في ذلك الرواتب والعلاوات والبدلات المختلفة. ويحظر القانون استجواب أو إيقاف أي معلم بسبب مزاولته لمهنته إلا بأمر قضائي وعن طريق جهة عمله المباشرة.

     

    كما تنص المادة (23) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن "لكل فرد الحق في العمل، وفي الحماية من البطالة، والحصول على أجر عادل ومناسب يضمن له ولأسرته عيشًا كريمًا."  

    وتؤكد المادة (7) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على: "تعترف الدول الأطراف بحق كل شخص في التمتع بشروط عمل عادلة ومرضية تكفل على الخصوص أجرًا منصفًا."، كما أن التوصية المشتركة بين منظمة العمل الدولية واليونسكو بشأن أوضاع العاملين في التعليم (1966)، تضع إطارًا شاملًا لحماية حقوق المعلمين، وتشدد على توفير رواتب تتناسب مع جهودهم، والالتزام بدفعها في مواعيدها، مع توفير حياة كريمة وبيئة عمل آمنة ومستقرة. وتشدد اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم (151) بشأن حماية حق التنظيم وتحسين شروط العمل، على ضرورة احترام حق المعلمين في التنظيم النقابي، والتفاوض الجماعي لتحسين أوضاعهم الوظيفية والمعيشية، كما تلزم الدول بضمان دفع أجور عادلة ومنتظمة للعاملين في القطاع التعليمي.  

    وتؤكد اتفاقية "إعلان المدارس الآمنة" على حق كل فتى وفتاة في التعليم دون خوف من العنف أو الهجوم. كما تؤكد على أن كل معلم وأستاذ ومدير مدرسة يجب أن يكون قادرًا على التدريس والبحث في ظروف والكرامة، وتشدد الاتفاقية على أن كل مدرسة يجب أن تكون مساحة محمية للطلاب للتعلم وتحقيق إمكاناتهم حتى أثناء الحرب، كما تنص الاتفاقية على مجموعة من الالتزامات لتعزيز حماية التعليم من الهجوم وتقييد استخدام المدارس والجامعات للأغراض العسكرية"، وعلى الرغم من أن اليمن صادقت على الاتفاقية، إلا أن الواقع يشير إلى وجود انتهاكات جسيمة لحق الأطفال في التعليم، حيث تتعرض المدارس للهجمات العسكرية والاستخدام لأغراض عسكرية.

    تشدد منظمة "سام" على أن عملية تجنيد الأطفال واستخدامهم في النزاعات المسلحة تعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، حيث نص "البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة" لعام 2000 على حظر تجنيد الأطفال دون سن 18 عامًا بشكل قاطع في القوات المسلحة والجماعات المسلحة غير الحكومية، وأكد البروتوكول أن هذا العمل يُعد جريمة حرب بموجب "نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية" لعام 1998، كما شددت اتفاقيات جنيف لعام 1949 وبروتوكولاتها الإضافية على وجوب حماية الأطفال من أي مشاركة مباشرة في الأعمال العدائية. وبدورها، أصدرت الأمم المتحدة قرارات عديدة، أبرزها القرار 1612 (2005)، الذي يدعو إلى اتخاذ تدابير صارمة لمحاسبة المسؤولين عن تجنيد الأطفال، ويؤكد على ضرورة إعادة تأهيل الأطفال المجندين ودمجهم في مجتمعاتهم.

     

    ضرورة تحييد التعليم عن الصراعات

    ونوهت منظمة "سام" للحقوق والحريات بأن الانتهاكات الجسيمة التي تطال قطاع التعليم في اليمن، تمثل جريمة حرب، داعيةً جميع أطراف النزاع إلى الوقف الفوري لهذه الانتهاكات، والالتزام بالقوانين والمواثيق الدولية التي تجرم استهداف المؤسسات التعليمية أو استخدامها لأغراض عسكرية.

    وأكدت المنظمة على ضرورة تحييد المؤسسات التعليمية عن أي صراعات سياسية أو عسكرية، مع ضمان حماية المدارس والمعلمين والطلاب من الاستغلال، داعيةً إلى إدماج القطاع التعليمي في استراتيجيات العدالة الانتقالية، من خلال توثيق الانتهاكات التي طالته، ودمج برامج مصالحة وطنية في المناهج الدراسية.

    وطالبت منظمة "سام" المجتمع الدولي بالضغط على جماعة الحوثي لوقف تجنيد الأطفال، وإطلاق سراح جميع المعلمين المعتقلين، والكف عن تدمير البنية التحتية التعليمية، بما يضمن سلامة الطلاب والهيئات التعليمية، ويمنع استغلال التعليم كأداة للصراعات السياسية والطائفية.

    ودعت منظمة "سام" المجتمع الدولي إلى تكثيف جهوده لحماية قطاع التعليم في مناطق النزاعات، وتخصيص موارد كافية لإعادة بناء وتأهيل المدارس المتضررة، وتوفير بيئة تعليمية آمنة وشاملة لجميع الأطفال اليمنيين، كما دعت المنظمة إلى التعاون الدولي لدعم القطاع التعليمي في اليمن، من خلال تقديم الدعم المالي والفني، وتعزيز الشراكات بين وزارات التعليم والوكالات الأممية.

    كما أوصت منظمة "سام" بأهمية تعزيز مناهج الديمقراطية وحقوق الإنسان في التعليم، من خلال تطوير مناهج تركز على قيم الديمقراطية والمشاركة المدنية، مع تدريب المعلمين على تدريس هذه المفاهيم بفعالية، مشددة على أهمية تطوير التعليم الإلكتروني كوسيلة لتعزيز الوصول إلى التعليم، خاصة في المناطق المتضررة من النزاعات، من خلال توفير بنية تحتية تقنية متطورة، وإنشاء منصات تعليمية تفاعلية.

     

  •  
    جميع الحقوق محفوظة لمنظمة سام © 2023، تصميم وتطوير