جنيف - قالت منظمة سام للحقوق والحريات إن اعتقال الصحفي اليمني مجاهد محمد يسلم الحيقي في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية يوم الثلاثاء الموافق 12 أغسطس 2025، وإخفاءه قسرًا منذ ذلك الحين، يمثل انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي ويثير قلقًا بالغًا بشأن سلامته وظروف احتجازه. وأكدت المنظمة أن هذا التوقيف جرى في ظروف غامضة، ودون أي توضيح رسمي أو مذكرة قضائية، الأمر الذي يضع الواقعة في خانة الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري المحظورين بموجب الاتفاقيات الدولية.
وذكرت المنظمة أن الصحفي مجاهد الحيقي، البالغ من العمر 33 عامًا، ويعمل رئيسًا لقسم وكلاء المحطات في شركة النفط اليمنية – فرع ساحل حضرموت، إضافة إلى نشاطه الصحفي المستقل، دخل إلى الأراضي السعودية في الرابع والعشرين من يوليو 2025 برفقة والدته لأداء مناسك العمرة، بعد أن أقام عدة أشهر في القاهرة لمرافقة والده الذي يخضع لعلاج طويل جراء حادث مروري خطير. وفي صباح يوم اختفائه، تواصل الحيقي مع والدته وأبلغها بأنه متوجه إلى أحد مقار المباحث العامة بجدة بناءً على استدعاء يتعلق بإجراءات سفره، ومنذ تلك اللحظة انقطعت أخباره بشكل كامل.
وأوردت إفادة أسرته أن قوة أمنية سعودية حضرت إلى مقر سكنه بعد ساعات، وقامت بتفتيش الشقة بحضور والدته فقط، ورافق التفتيش وجود عناصر من الشرطة النسائية، من دون إبراز أي مذكرة قضائية أو تقديم شرح لسبب المداهمة. وأشارت الأسرة إلى أن مجاهد اقتيد بعد ذلك إلى جهة مجهولة، ولم يُسمح له حتى الآن بالتواصل مع عائلته أو بمحامٍ مستقل، وهو ما يشكل انتهاكًا صارخًا لأبسط الحقوق المكفولة للإنسان بموجب القوانين الدولية.
وأشارت “سام” إلى أن احتجاز الصحفي اليمني بهذه الطريقة التعسفية وحرمانه من أي ضمانات قانونية يمثل خرقًا واضحًا لأحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، لاسيما المادة التاسعة التي تنص على حظر الاعتقال التعسفي وضرورة خضوع أي توقيف لإجراءات قانونية معلنة، والمادة العاشرة التي تؤكد على معاملة جميع الأشخاص المحرومين من حريتهم بما يحفظ كرامتهم الإنسانية. ولفتت المنظمة إلى أن استمرار إخفاء مكانه وحرمانه من التواصل مع عائلته يرقى إلى جريمة إخفاء قسري بموجب الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، وهو فعل يجرّمه القانون الدولي ولا يسقط بالتقادم.
واعتبرت المنظمة أن صمت السلطات السعودية وغياب أي توضيحات رسمية حتى الآن يشير إلى توجهات أمنية خطيرة تغيب عنها الشفافية وتتناقض مع الالتزامات الدينية والقانونية للمملكة، خصوصًا في ما يتعلق بضمان سلامة الزوار والمعتمرين، مشددةً على أن أداء شعيرة العمرة يجب أن يظل بمنأى عن أي استهداف أو ممارسات تعسفية، وأن تحويلها إلى ذريعة للتوقيف يخل بقدسية الشعائر ويضعف من مكانة المملكة الدينية والأخلاقية.
وأكدت “سام” أن هذه الواقعة تمثل اختبارًا جديًا لاحترام التزامات المملكة الدولية في مجال حقوق الإنسان، كما تعكس حجم التهديد الذي يواجه الصحفيون والمواطنون اليمنيون خارج بلدهم، لافتةً إلى أن أسرة المعتقل تعيش مأساة إنسانية مركبة، حيث اضطرت والدته للعودة إلى القاهرة لمرافقة زوجها المريض، دون أن تحصل على أي تطمين أو توضيح بشأن مصير ابنها، ما يضاعف من حجم الألم النفسي والمعاناة الإنسانية.
ودعت المنظمة السلطات السعودية إلى الكشف الفوري عن مكان احتجاز الحيقي وضمان حقوقه الأساسية في التواصل مع أسرته وتوكيل محامٍ، والإفراج عنه فورًا ما لم تكن هناك تهم قانونية معلنة تستند إلى إجراءات قضائية نزيهة، كما طالبت الحكومة اليمنية ممثلة بوزارة الخارجية وسفارتها في الرياض بتحمل مسؤولياتها القانونية والإنسانية تجاه مواطنيها، والضغط للحصول على إيضاحات رسمية حول ملابسات هذه الحادثة.
كما ناشدت سام المنظمات الدولية المعنية بحرية الصحافة وحقوق الإنسان التدخل العاجل للضغط من أجل كشف مصير الصحفي اليمني مجاهد الحيقي وضمان إطلاق سراحه، داعية المجتمع الدولي وكافة الآليات الأممية ذات الصلة، إلى التضامن مع هذه القضية العادلة، باعتبارها اختبارًا لاحترام الحق في الحرية والكرامة وفقًا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.