السلام المنشود في اليمن مرهون بوقف الانتهاكات وتحقيق العدالة الشاملة
  • 21/09/2025
  •  https://samrl.org/l?a5596 
    منظمة سام |

    جنيف - قالت منظمة سام للحقوق والحريات إن اليوم العالمي للسلام، الموافق 21 سبتمبر، يحل على اليمنيين مثقلاً بجرحٍ مفتوح منذ أحد عشر عامًا، إذ يقترن هذا اليوم بذكرى اجتياح جماعة الحوثي للعاصمة صنعاء وسيطرتها على مؤسسات الدولة الشرعية في سبتمبر 2014، مؤكدةً أن هذه المناسبة لم تكن مجرد استيلاء على السلطة، بل كانت نقطة انطلاق لمسار طويل من الانتهاكات الواسعة التي طالت حياة اليمنيين كافة، وقوّضت أسس السلام والأمن والعيش الكريم.

    وأشارت المنظمة إلى أن تبعات الانقلاب انعكست أولًا على المدنيين الذين وجدوا أنفسهم في قلب صراع دموي حصد عشرات الآلاف من الأرواح وأوقع مئات الآلاف من الجرحى، كما أدت سياسة الحصار على مدن كبرى مثل تعز إلى حرمان السكان من الغذاء والدواء والمياه، وحوّلت الحياة اليومية إلى معركة قاسية للبقاء. وذكرت أن القصف العشوائي وزراعة الألغام في الأحياء السكنية والمزارع والطرقات حصدت أرواح آلاف المدنيين، وقيّدت عودة النازحين إلى بيوتهم.

    وأوردت المنظمة أن الحريات الإعلامية كانت من أبرز الضحايا، حيث تعرّض الصحفيون للاعتقالات التعسفية والمحاكمات الجائرة، وأُغلقت المؤسسات الإعلامية المستقلة، وأُخضعت وسائل الإعلام لرقابة صارمة ودعاية أيديولوجية تُمجّد العنف وتقمع الرأي الآخر، كما طالت الانتهاكات الحريات العامة، إذ جرى قمع المظاهرات السلمية ومنع التجمعات وفرض قيود مشددة على منظمات المجتمع المدني، بينما أصبح الناشطون والمدافعون عن حقوق الإنسان عرضة للملاحقة والإخفاء القسري.

    ولفتت سام إلى أن الجماعة عمدت إلى تجنيد آلاف الأطفال والزجّ بهم في جبهات القتال بعد إخضاعهم لدورات طائفية وتدريب عسكري، وهو ما حرمهم من التعليم وحوّل طفولتهم إلى ساحة حرب، كما عانت النساء من التهميش والإقصاء ومنع السفر دون محرم، وتعرضن لحملات اعتقال وتعسف، فيما واجهن قيودًا على مشاركتهن في العمل والتعليم والحياة العامة.

    وذكرت المنظمة أن الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري أصبحا سياسة ممنهجة، حيث أُقيمت سجون سرية، وتعرض المحتجزون للتعذيب وسوء المعاملة، وأُجبر كثير منهم على الإدلاء باعترافات تحت الإكراه، كما أصدرت محاكم تابعة للجماعة أحكامًا جماعية بالإعدام بحق عشرات المعارضين والناشطين، في محاكمات تفتقر إلى أدنى معايير العدالة.

    وأوردت المنظمة أن الأقليات الدينية لم تسلم من الاستهداف، إذ تعرّض أتباع الطائفة البهائية وغيرهم للملاحقة والمصادرة والاعتقال، كما جرى فرض أيديولوجية مذهبية أحادية في المناهج التعليمية، بما يقوّض التنوع الاجتماعي والفكري والديني في البلاد.

    وشدّدت سام على أن الانتهاكات الاقتصادية شكّلت بعدًا آخر للكارثة؛ فقد جرى تحويل مؤسسات الدولة ومواردها إلى أدوات حرب، حيث صودرت إيرادات الموانئ والضرائب والجمارك لتمويل المجهود العسكري، فيما تلاشت الخدمات العامة الأساسية، وارتفعت الأسعار بشكل غير مسبوق، وانهارت العملة، وتفشّى الفقر والبطالة على نطاق واسع، فضلاً عن تعرّض المساعدات الإنسانية للنهب أو التلاعب والتوزيع على أسس سياسية وولاءات، ما فاقم معاناة ملايين اليمنيين.

    وأكدت المنظمة أن سيطرة الجماعة على السلطة فتحت الباب أمام التدخلات الخارجية، إذ تحوّل اليمن إلى ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية، حيث تلقى الحوثيون الدعم العسكري والسياسي من قوى خارجية، مما أسهم في إطالة أمد النزاع وتعقيد فرص السلام، وجعل الصراع اليمني قضية إقليمية ودولية تتجاوز حدوده الوطنية.

    وطالبت منظمة سام للحقوق والحريات بوقف جميع الانتهاكات الممنهجة ضد المدنيين، وفتح ممرات إنسانية آمنة لإيصال المساعدات دون قيود، وإطلاق سراح جميع المعتقلين تعسفًا، ووقف تجنيد الأطفال واستخدامهم في النزاع، وضمان حرية العمل الإعلامي والحقوقي دون مضايقات. 

    كما دعت المنظمة المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤوليته الأخلاقية والقانونية عبر ممارسة ضغوط حقيقية على جماعة الحوثي للانخراط في مسار سلام شامل وعادل، قائم على عودة الدولة، واحترام حقوق الإنسان، ومساءلة مرتكبي الجرائم، وضمان مشاركة جميع اليمنيين في عملية انتقالية عادلة تحفظ حقوقهم في الحرية والكرامة

     

  •  
    جميع الحقوق محفوظة لمنظمة سام © 2023، تصميم وتطوير