تحقيق استقصائي
تصاعد قضايا اغتصاب الأطفال في مخيمات اللجوء في محافظة مأرب
  • 17/07/2023
  •  https://samrl.org/l?a4870 
    منظمة سام |

    جنيف- قالت منظمة سام للحقوق والحريات إن المعلومات التي وردت في التحقيق الذي  نشر علي موقع رصيف بتاريخ ١٤ يوليو ٢٠٢٣ ، و حمل عنوان "أطفال مخيمات النزوح في اليمن... براءة منتهكة"، والذي سلط الضوء على الممارسات الفظيعة وغير الإنسانية بحق الأطفال النازحين داخل المخيمات في مأرب تضمن معلومات صادمة ومثيرة لمخاوف كبيرة وحقيقية بشأن غياب الحماية الرسمية التي ساهمت في  تصاعد عمليات اغتصاب الأطفال داخل هذه المخيمات، داعية السلطات في مأرب وفي مقدمتها النيابة العامة بفتح تحقيق فورا في المعلومات التي وردت في التحقيق، وتقاعس الجهات الأمنية عن القيام بدورها في ملاحقة الجناة، مؤكدة على أن السلطات في مأرب تتحمل مسؤولية توفير الحماية الخاصة للأطفال وضرورة إحالة الملف للقضاء لضمان تحقيق العدالة للأطفال وذويهم، وتوفير الحماية القانونية والإنسانية الكاملة .

    وقال الصحفي محمد حفيظ معد التقرير لسام "مع انتشار أخبار جرائم الاغتصاب التي يتعرض لها الأطفال النازحون في مختلف المحافظات التي تحتضن مخيمات نازحين دفعتني تلك الأحداث الكثيرة والتي ارتفعت بين عامي 2017 وعام 2021 إلى التوجه والبحث عن صحة وصدقية تلك الأخبار، وبدأنا في طرح فرضية حول تلك الحوادث لكشف أسبابها وعدم وجود ما يقف أمام اتساعها وعلاج لما قد وقع منها." وأضاف "وبدأنا بالبحث الميداني فوجدنا حجم الكارثة كبيرا وواسعا ومتشعبا، كن ي منتج للتحقيق وجدت أن هناك كارثة أكبر يتعرض لها الأطفال والأسر التي تعرض أطفالها للاغتصاب؛ وهي عدم توثيق الجريمة من خلال الحصول على تقرير طبي أول ثم عدم الذهاب لتقديم شكاوى رسمية لدى الأجهزة الأمنية وملاحقة الجناة قضائيا. وقد أخفى الكثير قصتهم وغادر مخيمه إلى مخيم آخر وبدا بالعيش وبصمت عما تعرض لها طفله وهي أكبر حجما من القضايا الموثقة.

    وبحسب التقرير فإن عملية البحث والاستقصاء استمرت لخمسة أشهر، التقى فيها –معد التقرير- ببعض ضحايا الاغتصاب وعائلاتهم، وأجرى مقابلات معهم ومع منظمات ومحامين وجهات رسمية، بالإضافة إلى أنه حصل على تقارير طبية حصرية، موثقة من قبل أطباء شرعيين ومنظمات محلية ودولية، تثبت وقوع اغتصاب لأطفال في مخيمات النزوح المختلفة في البلاد.

    ووفقا لما اطلعت عليه "سام" من شهادات وتقارير طبية موثقة فقد أظهرت تعرض العديد من الأطفال للاغتصاب مع إفلات الجناة، حيث ورد في التقرير قضية الطفل "فهد" يبلغ من العمر 5 سنوات تعرض للاغتصاب على يد أحد الأفراد، حيث تم العثور عليه فاقدا للوعي، أمام منزل يقع بالقرب من المخيم، تعود ملكيته إلى أحد أبناء محافظة مأرب.

    حيث قام والد الطفل ويدعى "أبو فهد"، بأخذ طفله إلى مستشفى كري الحكومي، لتلقي الإسعافات، ومن ثم عرضه على الطبيب الشرعي، الذي أفاد بعد الكشف على الطفل بأنه تعرض للاغتصاب، وكشف تقرير الطبيب الشرعي الذي "أورده معد التقرير"، عن وجود جروح حول فتحة الشرج وتعرض الطفل "فهد" للضرب على وجهه، ما أدى إلى الإغماء.

    وبحسب الإفادة التي نقلها معد التقرير عن والد الطفل "أبو فهد" الذي قال "إنه بعد قيام الأجهزة الأمنية بالتحقيقات وإلقاء القبض على الجاني، تم تهريبه من السجن من قبل بعض العناصر الأمنية، الأمر الذي دعاه إلى التوجه إلى النيابة لرفع قضية ضد مدير قسم شرطة المطار في محافظة مأرب سلطان الصبيحي، الذي استدعته النيابة للتحقيق معه بتهمة تهريب الجاني من السجن. وبينما وجهت النيابة أمر قبض قهري بحق الجاني، تم الحكم على مسؤول الحجز في قسم الشرطة، وهو المتهم الرئيسي، بالسجن لمدة عام، ليتم الإفراج عنه لاحقا بضمانة حضورية".

    ولفت معد التقرير بأن هذا الأمر لم ينته عند هذا الحد فقد تسببت قضية الطفل "فهد" بمشكلات إضافية للأسرة، فبعد أن اضطرت إلى مغادرة المخيم الذي وقعت فيه حادثة الاغتصاب، هربا من الوصمة الاجتماعية التي تعرضت لها بعد الحادثة، استأجرت منزلا يبعد عن المخيم السابق، وبعد خمسة أشهر طردت من قبل مالك المنزل بسبب عدم دفع الإيجار. وبعد شهر من صدور الحكم الغيابي بحق الجاني، بالسجن لمدة ثلاث سنوات، قال "أبو فهد" خلال إفادته لمعدي التقرير بأنه "تلقى اتصالا من أحد التجار المعروفين في مأرب، مدفوعا من أسرة الجاني، ليتوسط لحل القضية، حيث عرض عليه مليون ريال (900 دولار أمريكي)، مقابل التنازل عن القضية، وبسبب حاجته إلى المال وفقدانه عمله، اضطر إلى القبول بالحكم والتنازل عن القضية مقابل المال".

    الصحفي حفيظ معد التقرير يؤكد "لقد اصطدمنا أثناء البحث بمحاولة كل الأطراف الحكومية والقبلية والمجتمع بذاته لإخفاء تفاصيل القصة وإخفاء الحادثة. كذلك عدم وجود وعي كامل بالطرق الصحيحة للتعامل مع الحادثة إذا ما تعرض طفل في أسرة ما للاغتصاب. إنما يعرفون أن خروج ذلك الخبر عيب ويجب دفنه وتغيير مكان السكن درءا لوصمة العار التي تلاحق الضحية وليس المجرم". وأضاف "إضافة إلى عدم معرفة الأجهزة الأمنية بواجبهم في التعامل بطرق قانونية مع المبلغين عن هذه القضايا مثال على ذلك" ذهبت أم تعرض ابنها للاغتصاب وشكت ما تعرض له ابنها من أحد الشبان لأحد الأطقم الأمنية بعدن دون أن تقدم ورقة مكتوبة إنما شكوى شفهية لكنها تلقت ردا من قبل الطقم الأمني يفيد بان عليها أن تخفي هذا الكلام وتعود بابنها إلى المستشفى وتعود إلى بيتها بصمت- ومثلها تماما في مأرب "

    ويختم حفيظ" واجهنا العديد من التحديات الإضافية وهي انعدام تام للإحصائيات والمعلومات في هذا الخصوص لدى المنظمات المختصة بالحماية وكذا الجهات الرسمية مثل إدارة النازحين ومكاتب الصحة بالمحافظة. كذلك اكتشفنا أن المنظمات توجهت بكل ثقلها نحو الإغاثة الغذائية والدوائية وتركت جوانب الحماية وتركت الأطفال والنساء يواجهون مصيرهم.

    تؤكد "سام" بأن القضية السابقة هي واحدة من القصص المأساوية التي أوردها معد التقرير، مشيرة بأن التقرير يحتوي شهادات وأحداث مماثلة تتضمن اعتداءات جنسية على أطفال من بينهم أطفال "معاقين"، مشيرة إلى أن تلك الحوادث لا تؤثر على الأطفال وحسب بل تمتد لتطال ذوي الأطفال المغتصبين الذين يجدون أنفسهم مجبرين على ترك مخيم النزوح خوفًا من الوصمة الاجتماعية لتزداد معاناة لجوئهم إلى معاناة أخرى تتمثل في إيجاد مأوى آخر ودفع الأموال للحصول على منزل بعيد عن مخيمات اللجوء.

    يُشار هنا إلى أن محافظة مأرب استقبلت أكثر من مليوني نازح من مختلف المحافظات اليمنية، منذ انطلاق الحرب بين جماعة الحوثي والحكومة المعترف بها دولياً، قبل تسع سنوات، يعيشون في ظروف صعبة ويفتقرون إلى أغلب الخدمات المعيشية وسبل الحماية، وفقًا للتقرير السنوي لإدارة النازحين الذي نُشر أواخر العام الفائت 2022، والذي أظهر أيضاً بأن 197 مخيم نزوح يسكنها أكثر من 55 ألف أسرة نازحة، بمعدل 299،325 نازحاً من أصل 2،274،598 نازحاً في مختلف مناطق محافظة مأرب.

     تشدد "سام" على أن الوضع الذي يعيشه أطفال اليمن مقارنة بأقرانهم في دول العالم يعكس حجم التهديد الحقيقي الموجه لأولئك الأطفال، مؤكدة على أن الطفولة اليمنية تم انتهاكها من عدة جوانب من حيث الأمان وانتهاك الحياة، وانتهاك السلامة الجسدية لهم وحماية من الاغتصاب، كما انتهك حقهم في الحصول على العدالة من الجناة الذي يعتدون عليهم داخل مخيمات النزوح.

    وذكرت المنظمة الحقوقية بأن ما تتابعه وترصده من ممارسات دائمة ضد الأطفال ينتهك بشكل خطير مجموعة من المواثيق الدولية في مقدمتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية إضافة لاتفاقية حقوق الطفل واتفاقيات جنيف لا سيما الرابعة وقواعد لاهاي المنظمة للنزاعات المسلحة وميثاق روما المشكل للمحكمة الجنائية الدولية.

    تؤكد المنظمة أن الوقائع التي وردت في التحقيق الاستقصائي واكدتها إفادات وشهادات حول تعرض أطفال مخيمات النزوح للاغتصاب والتحرش الجنسي مدانة ،  إلا أنها تعبر عن خيبة أملها الكبيرة واستغرابها من الدور السلبي للنيابة العامة في مأرب بشكل خاص وعدم جديتها في ملاحقة المعتدين على الأطفال والمماطلة في تحقيق الردع مؤكدة على أن النيابة العامة تُعد شريكة في تلك الانتهاكات الموجهة ضد الأطفال في ظل دورها السلبي وغير الفعال.

    واختتمت "سام" بيانها بالتأكيد على ضرورة ضمان احترام وتطبيق القوانين التي كفلت للطفل الحماية الخاصة والكاملة من التهديد والقتل والتحرش الجنسي والاغتصاب، داعية السلطات في مأرب لا سيما الجهات القضائية والنيابة العامة لممارسة دورهم الأخلاقي والقانوني والعمل على تجنيب الأطفال آثار الصراع الدائر في اليمن منذ سنوات، والبدء بخطوات فعالة وجدية في ذلك الاتجاه، وفي مقدمتها تقديم المتورطين المدانين بجرائم الاعتداء على الأطفال للعدالة الجنائية من أجل الاقتضاء منهم وتشكيل لجان حماية خاصة داخل المخيمات لضمان عدم تكرار حدوث مثل تلك الجرائم الخطيرة.

     


  •  
    جميع الحقوق محفوظة لمنظمة سام © 2023، تصميم وتطوير