ندوة حول دور المجتمع الدولي في دعم مسار العدالة الانتقالية في اليمن
  • 02/10/2025
  •  https://samrl.org/l?a5603 
    منظمة سام |

    اختتمت منظمة سام للحقوق والحريات ورابطة أمهات المختطفين، الندوة السادسة من سلسلة الندوات الحقوقية المتخصصة حول العدالة الانتقالية في اليمن، ضمن مشروع سبارك المدعوم من معهد DT، بمشاركة نخبة من الخبراء والحقوقيين والأكاديميين المحليين والدوليين، وممثلين عن منظمات المجتمع المدني، وذلك في إطار جهود المنظمتين لتعزيز الوعي الحقوقي وترسيخ مبادئ العدالة والمساءلة وعدم الإفلات من العقاب.

    استهلت الندوة بكلمةٍ لرئيس منظمة سام للحقوق والحريات الأستاذ توفيق الحميدي، الذي أشار إلى أن العدالة الحقيقية تبدأ من الاعتراف بمعاناة الضحايا وتوثيق الانتهاكات، لافتًا إلى أن تحقيق العدالة يتطلب جهودًا يمنية خالصة يقودها المجتمع المدني، وأن الشراكة بين منظمة سام ورابطة أمهات المختطفين ومعهد DTI تمثل نموذجًا فاعلًا في بناء مسار وطني للعدالة قائم على التوثيق والمساءلة والإنصاف.

    وفي مداخلةٍ مسجلة، تحدثت الخبيرة الدولية مارتا منديز، عن أهمية العدالة الانتقالية في السياقات التي تمر بصراعاتٍ طويلة، مشيرة إلى أن الوعي بالحقوق وبناء القدرات المحلية يمثلان المدخل الحقيقي لأي تحولٍ عادل، مؤكدة أن العدالة تبدأ قبل انتهاء الحرب، وأن توثيق الجرائم وبناء الذاكرة المجتمعية هو الضمان الأول لعدم تكرار الانتهاكات.

    من جانبه، قدّم المحامي أنور البني، المدير العام للمركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية، مداخلةً معمقة حول أهمية التوثيق القانوني، مؤكدًا أن العدالة الدولية لا تبدأ من المحاكم، بل من جهود الضحايا والمجتمع المدني في جمع الأدلة وحفظ الحقيقة، مشددًا على ضرورة إعداد كوادر يمنية مؤهلة قادرة على قيادة ملفات العدالة ومتابعتها مستقبلاً أمام القضاء الوطني أو الدولي.

    كما تحدث الأستاذ محمد الشويطر، المدير التنفيذي لمنصة قانون، عن الوعي بوصفه الركيزة الأساسية للعدالة الانتقالية، مشيرًا إلى أن المجتمع الدولي ليس كيانًا موحدًا، بل مجموعة من الفاعلين المختلفين الذين يجب التعامل معهم بوعي واستراتيجية واضحة. ولفت الشويطر إلى أن العدالة الانتقالية في اليمن تتطلب امتلاك رؤية وطنية يقودها الحقوقيون والمجتمع المدني، مؤكدًا أن بناء الثقافة القانونية هو الضمان لاستمرار هذا المسار بعد انتهاء النزاع.

    وفي السياق ذاته، استعرض الدكتور متعب مبارك بازي، الأكاديمي والباحث في القانون الدولي ورئيس مركز البحوث القانونية، البعد القانوني للعدالة الانتقالية، موضحًا أن تحقيقها في اليمن يتطلب إصلاحًا جذريًا لمؤسسات القضاء والأمن، ومواءمة التشريعات الوطنية مع الاتفاقيات الدولية. وشدد على أن العدالة ليست خصمًا للسلام بل شرطًا له، لافتًا إلى أن تجارب الدول التي نجحت في تحقيق مصالحة وطنية حقيقية كانت قائمة على الاعتراف بالذنب والمساءلة والإنصاف.

    أما المحور الأخير من الندوة فتناول العدالة من منظور الضحايا، وقدّمته الأستاذة أمة السلام الحاج، رئيسة رابطة أمهات المختطفين، التي أكدت أن العدالة ليست شعارًا سياسيًا بل قضية حياة وكرامة. وأوضحت أن الأمهات بدأن نضالهن من أمام السجون بحثًا عن أبنائهن حتى تحوّلت معاناتهن إلى حركةٍ حقوقية منظمة توثّق الانتهاكات وتطالب بكشف الحقيقة وإنصاف الضحايا، داعيةً المجتمع الدولي لتحمل مسؤوليته في دعم العدالة والضغط من أجل إطلاق سراح المختطفين وإنهاء معاناتهم.

    كما قدّم الأستاذ فراس حمدوني، مدير برامج اليمن بمعهد DTI، مداخلةً موجزة عرض فيها أبرز مخرجات لقاء عقده المعهد مؤخرًا مع مكتب المبعوث الأممي ومجموعة من منظمات المجتمع المدني حول العدالة الانتقالية، حيث أشار إلى الحاجة لإتمام مبادرات العدالة التصالحية في عموم المحافظات اليمنية، وأكد على ضرورة استمرار دعم المجتمع الدولي لتلك المبادرات، كما دعا إلى توظيف الاقتصاد كرافعة لبرامج العدالة الانتقالية، مع ضرورة وضع الضحايا والناجين في صدارة أولويات البرامج التنموية والإنسانية.

    ونوّهت الندوة في ختامها إلى أن العدالة الانتقالية في اليمن تتطلب إرادة وطنية صادقة وتعاونًا جادًا بين الدولة والمجتمع المدني والمجتمع الدولي، مؤكدة أن السلام الدائم لن يتحقق إلا عبر إنصاف الضحايا وجبر الضرر وكشف الحقيقة. كما أوصت بضرورة تفعيل التشريعات الوطنية الداعمة للعدالة الانتقالية، وإنشاء هيئة وطنية مستقلة، وتعزيز ثقافة المساءلة، وتوثيق الانتهاكات وفق المعايير الدولية، ودعم مبادرات الضحايا والأمهات في كل المحافظات.

     

  •  
    جميع الحقوق محفوظة لمنظمة سام © 2023، تصميم وتطوير