جنيف- شاركت منظمة سام للحقوق والحريات في ندوة حول "أهمية إيجاد آلية تحقيق دولية لانتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، والتي عقدت على هامش الدورة الثامنة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان في جنيف بتاريخ 28 فبراير 2025، بدعوى من مركز الخليج لحقوق الإنسان، وحضور كلا من الأرشيف اليمني، ومركز القاهرة لحقوق الإنسان، وبدعم من السفارة البريطانية والهولندية والبلجيكية، وفي الندوة أكدت "سام" على ضرورة استمرار الجهود لمواجهة الانتهاكات وتعزيز المساءلة، وكسر دائرة الإفلات من العقاب في اليمن.
وأكد رئيس منظمة سام "توفيق الحميدي"، على أن هذه المشاركة تأتي في سياق الاهتمام المتواصل بالملف اليمني وضرورة استمرار الجهود لمواجهة الانتهاكات وتعزيز المساءلة، مشيرًا إلى أن وجود "سام" في هذه المنصة هو تأكيد على التزامها بالسعي لتحقيق العدالة وكسر دائرة الإفلات من العقاب وضمان أن أصوات الضحايا لن تبقى مجرد أرقام.
وأضاف الحميدي: "بعد مرور اثني عشر عامًا من الحرب الدامية، لا تزال اليمن تعاني من أسوأ أزمة إنسانية، حيث تستمر انتهاكات حقوق الإنسان دون توقف"، مؤكدًا أن فشل المجتمع الدولي في استمرار الآلية الدولية السابقة لأسباب سياسية ساهم في مزيد من الانتهاكات وتصاعد وتيرة الصراع.
غياب العدالة وتفاقم الكارثة الإنسانية
واعتبر رئيس المنظمة أن المطالبة بالعدالة في اليمن ليست مجرد شعار، بل هي ضرورة أخلاقية وإنسانية وشرط جوهري لتحقيق السلام المستدام، وهي الضامن الوحيد لوقف دورة العنف والانتقام، وحماية المدنيين الذين باتوا الضحية الأولى للحرب، منوهًا بأن غياب العدالة أدى إلى تفاقم الكارثة الإنسانية، بما في ذلك القتل المباشر والتعذيب والاختفاء القسري، إضافة إلى تدمير البنى التحتية وفرض حصار اقتصادي خانق حرم ملايين اليمنيين من حقهم في الحياة والكرامة.
إعادة إقرار آلية دولية للتحقيق
وشدد "الحميدي" خلال الندوة على أن إقرار آلية دولية جديدة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، أو إعادة تفعيل فريق الخبراء البارزين، يمثل خطوة حيوية لإعادة الأزمة اليمنية إلى دائرة الاهتمام الدولي وتذكير المجتمع الدولي بمسؤوليته تجاه ملايين الضحايا، مؤكدًا أن هذه الآلية سترسل رسالة واضحة للضحايا بأنهم ليسوا منسيين، بل ما زال المجتمع الدولي مهتمًا بقضاياهم ومعاناتهم.
وأورد أن وجود مثل هذه الآلية سيعزز بناء شبكة تعاون حقيقية بين المنظمات المحلية اليمنية والمنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان، مما سيمكن من تعزيز قدرات المنظمات المحلية على التوثيق الدقيق للانتهاكات وتوفير الأدلة اللازمة للعدالة الدولية.
استمرار الانتهاكات وغياب الحل السياسي
وذكر رئيس منظمة سام أنه وفي ظل حجم وخطورة الانتهاكات في اليمن وغياب أفق الحل، تؤكد التقارير الحقوقية حجم الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبت بحق المدنيين، والتي تشمل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بما فيها الهجمات العشوائية على المدنيين، الاعتقالات التعسفية والتعذيب، تجنيد الأطفال، العنف الجنسي، الحصار الاقتصادي.
وتابع: "مع غياب الحل السياسي ورفض الأطراف المتصارعة تقديم تنازلات حقيقية، يبقى أفق الحل في اليمن شبه معدوم، مما يلزم مجلس حقوق الإنسان والمجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية".
انهيار مؤسسة القضاء وتورط أطراف خارجية
ولفت "توفيق الحميدي" إلى أن مؤسسة القضاء في اليمن تحولت إلى أداة للصراع، حيث انقسم القضاء بين الأطراف المتنازعة، مما أدى إلى فقدان الثقة في إمكانية الحصول على العدالة داخليًا، مردفًا أن العديد من الدول تورطت بشكل مباشر أو غير مباشر في هذه الحرب، سواء من خلال الدعم العسكري أو السياسي أو الاستخباراتي لأطراف الصراع.
توصيات ومطالبات
في ختام الندوة، أوصى رئيس منظمة سام بإعادة تفعيل أو إنشاء آلية تحقيق دولية مستقلة، ودعم مكتب المفوض السامي والإجراءات الخاصة للتحرك بشأن اليمن، إضافة إلى تشجيع الدول الأعضاء على اتخاذ إجراءات فردية وجماعية لمحاسبة المسؤولين.
كما أوصى الحميدي بضرورة توفير الدعم التقني والمالي العاجل لمنظمات المجتمع المدني اليمنية، والضغط من أجل وقف توريد الأسلحة والدعم العسكري لأطراف الصراع، مشددًا على أن التحرك العاجل أصبح ضرورة لحماية ما تبقى من كرامة الإنسان اليمني وإيقاف تكلفة الإفلات من العقاب.
النص الكامل لمداخلة رئيس منظمة سام - توفيق الحميدي
ضرورة تحرك مجلس حقوق الإنسان – بعد 12 عاماً: تكلفة الإفلات من العقاب في اليمن
توفيق الحميدي
أود في البداية أن أتقدم بجزيل الشكر لمركز الخليج لحقوق الإنسان على تنظيم هذا الحدث المهم، الذي يجسد الاهتمام المتواصل بالملف اليمني، ويؤكد ضرورة استمرار الجهود لمواجهة الانتهاكات وتعزيز المساءلة. كما أشكر جميع المشاركين والحضور الكريم على تفاعلهم وحرصهم على مناقشة القضايا الحقوقية في اليمن، بما يساهم في إبقاء معاناة الضحايا في صدارة الاهتمام الدولي.
يشرفني أن أكون بينكم اليوم بصفتي عضوًا في منظمة سام للحقوق والحريات، وهي منظمة نشطة في مجال حقوق الإنسان في اليمن، تعمل على توثيق الانتهاكات والدفاع عن حقوق الضحايا. وجودنا هنا اليوم هو تأكيد على التزامنا جميعًا بالسعي لتحقيق العدالة، وكسر دائرة الإفلات من العقاب، وضمان أن أصوات الضحايا لن تبقى مجرد أرقام، بل محركًا حقيقيًا نحو تحقيق العدالة والسلام المستدام.
نحضر إلى هذه المنصة بعد اثني عشر عاماً من الحرب الدامية في اليمن ، لا تزال أسوأ أزمة إنسانية عرفها العالم المعاصر، تعصف بالشعب اليمني دون تمييز، وانتهاكات حقوق الإنسان دون توقف، لم تستثني أحدًا، وهذا الاستمرار هي انعكاس لأزمةٌ متجذرة في غياب المساءلة وتفشي ظاهرة الإفلات من العقاب، حيث أن فشل المجتمع الدولي في استمرار الالية الدولية السابقة لأسباب سياسية ، ساهم في مزيد من الإنتهاكات ، و استمرار تصاعد وتيرة الصراع وتوسع نطاقه، حيث أن غياب الحل السياسي وإغلاق أبواب العدالة أمام الضحايا يعمقان الأزمة ويهددان مستقبل البلاد بأكملها، حتى نكون منصفين هناك جهود تبذل على المستوى الوطني من قبل منظمات وآليات تحقيق وطنية ، بذل جهود كبيرة في الرصد والتوثيق ، رغم شحة الإمكانيات ، ولكنها تواجه الكثير من التحديات الفنية والسياسية والأمنية ، إضافة إلى الانقسام السياسي ، الأمر الذي يلقي بثقل كبير على مجلس حقوق الإنسان في اتخاذ خطوات عملية جادة لكسر حلقة العنف وضمان المساءلة عن الجرائم والانتهاكات.
المطالبة بالعدالة ليس ترفا
بعد كل السنوات يجب أخلاقيا وقانونيا أن نطرح سؤال لماذا نطالب بالعدالة في اليمن؟ ندرك أن الجواب معقد ومتعدد ولكنه بنفس الواضح سهل وواضح ، حيث ان مطالبتنا بالعدالة في اليمن ليست مجرد شعار، بل هي ضرورة أخلاقية وإنسانية، وشرط جوهري لتحقيق السلام المستدام. فالعدالة هي الضامن الوحيد لوقف دائرة العنف والانتقام، وهي شرطٌ أساسي لحماية المدنيين الذين باتوا الضحية الأولى للحرب.
لقد أدى غياب العدالة إلى تفاقم الكارثة الإنسانية، فإلى جانب العديد من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان أبرزها القتل المباشر والتعذيب والاختفاء القسري، إضافة إلى تدمير البنى التحتية وفرض حصار اقتصادي خانق حرم ملايين اليمنيين من حقهم في الحياة والكرامة ، إن العدالة هنا تعني الاعتراف أولاً بمعاناة الضحايا، وخلق مساحة قانونية لمحاسبة المسؤولين، بما يعيد للإنسان اليمني الأمل بإمكانية السلام.
إعادة اليمن إلى الواجهة الدولية
يمثل إقرار آلية دولية جديدة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، أو إعادة تفعيل فريق الخبراء البارزين (GEE)، خطوة حيوية لإعادة الأزمة اليمنية إلى دائرة الاهتمام الدولي، وتذكير المجتمع الدولي بمسؤولياته تجاه ملايين الضحايا. فمن شأن هذه الآلية أن تُرسل رسالة واضحة للضحايا بأنهم ليسوا منسيين أو متروكين لمصير الحرب القاسية، بل ما زال المجتمع الدولي حاضراً ومهتماً بقضاياهم ومعاناتهم.
كما أن وجود مثل هذه الآلية لن يكون مجرد إجراء شكلي، بل سيعزز من بناء شبكة تعاون حقيقية بين المنظمات المحلية اليمنية والمنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان. وهذا التعاون سيمكّن من تعزيز قدرات المنظمات المحلية على التوثيق الدقيق للانتهاكات، ويساهم في توفير الأدلة اللازمة للعدالة الدولية، إضافةً إلى خلق قنوات للتواصل والدعم المستمر من المجتمع الدولي للمنظمات الحقوقية في اليمن.
في النهاية، فإن إعادة إقرار هذه الآلية تمثل رسالة تضامن دولية مع اليمنيين الذين يعيشون يومياً مأساة الحرب وتكلفة الإفلات من العقاب، وتعيد الأمل بإمكانية تحقيق العدالة والمحاسبة والسلام المستدام.
استمرار الانتهاكات
إن حضورنا اليوم تأكد لوقفنا الثابت بوقف سياسة الإفلات من العقاب، الذي يبدأ بالتحقيق في جرائم حقوق الإنسان، في ظل حجم وخطورة الانتهاكات في اليمن وغياب أفق الحل ، تؤكد التقارير الحقوقية المحلية والدولية، بما فيها تقارير فريق الخبراء البارزين (GEE) وتقارير منظمات المجتمع المدني، حجم الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبت بحق المدنيين في اليمن، والتي تشمل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
تتمثل هذه الانتهاكات في:
الهجمات العشوائية على المدنيين: القصف المستمر على المناطق السكنية والأسواق والمستشفيات والمدارس.
الاعتقالات التعسفية والتعذيب: استمرار اعتقالات الحوثيين للناشطين والعاملين الإنسانيين وموظفي الأمم المتحدة.
تجنيد الأطفال: حيث جرى توثيق آلاف الحالات لتجنيد الأطفال والزج بهم في ساحات القتال.
العنف الجنسي: الذي يستهدف النساء والفتيات في ظل الإفلات الكامل من العقاب.
الحصار الاقتصادي: استهداف مصادر عيش المدنيين، وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية.
ومع غياب الحل السياسي ورفض الأطراف المتصارعة تقديم تنازلات حقيقية، يبقى أفق الحل في اليمن شبه معدوم، مما يُلزم مجلس حقوق الإنسان والمجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية.
انهيار مؤسسة القضاء
كما أن مطالبنا تستند إلى انهيار المؤسسة القضائية التي من المفترض أن تكون أداة للإنصاف والعدالة وتحولها إلى أداة للصراع ، حيث ساهم الصراع الي انقسم القضاء بين الأطراف المتنازعة، وتحوّل إلى جزء من أدوات النزاع بدلاً من أن يكون وسيلة لتحقيق العدالة. ، حيث اصبح في اليمن وزارتي عدل، ومجلسي قضاء، ومحكمتين عليا، لقد أدى ذلك إلى فقدان الثقة تماماً من جانب المواطنين اليمنيين في إمكانية الحصول على العدالة داخلياً.
ففي المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، أُخضعت المحاكم لقرارات سياسية وأمنية، وتم استغلالها لشرعنة عمليات الإعدام والاعتقال التعسفي، التي بلغت بحسب تقرير " دون عدالة الصادر عن منظمة سام " ٥٥٠ حكما ، حيث تم إعدام تسعة ممن صدر بحقهم حكم بالإعدام منهم طفل والعاشر قتل تحت التعذيب في أماكن الاحتجاز، وفي مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، تعاني المحاكم من ضعف شديد في الإمكانات، وعدم استقلالية القضاء نتيجة الفساد والتدخلات السياسية، هذا الواقع يجعل من الضروري وجود آلية دولية قادرة على تجاوز هذه الانقسامات وتوفير الحد الأدنى من العدالة المستقلة والنزيهة.
الأطراف الخارجية وتورطها في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان
إن حرب اليمن لم تعد صراعاً داخلياً محدوداً، بل أصبحت مسرحاً لتصفية حسابات إقليمية ودولية. وقد تورطت العديد من الدول بشكل مباشر أو غير مباشر في هذه الحرب، سواء من خلال الدعم العسكري أو السياسي أو الاستخباراتي لأطراف الصراع.
وقد وثقت المنظمات الحقوقية العديد من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ارتكبت من قبل أطراف خارجية بصورة مباشرة أو غير مباشرة، كالاعتقال التعسفي، والتعذيب، والإخفاء القسري، القصف العشوائي، ومقرات احتجاز غير قانونيا
كما وثقت من ناحية أخرى أدلة واضحة على تورط دول في تزويد أطراف الصراع بالسلاح والذخائر التي استخدمت في ارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني. ومع ذلك، لم يتخذ المجتمع الدولي، ومجلس حقوق الإنسان خصوصاً، إجراءات حقيقية لمحاسبة هذه الدول أو الأطراف الدولية المتورطة.
وبعد حرب غزة الأخيرة، تصاعدت خطورة الأوضاع في اليمن مع احتمال اتساع نطاق الصراع وتحوله إلى حرب إقليمية شاملة، مما يضاعف المسؤولية الملقاة على عاتق مجلس حقوق الإنسان في التحرك الفوري لمنع وقوع كارثة أكبر، وزادت معه الانتهاكات سواء المتعلقة بالاستهداف المباشر للأعيان المدنية بالمخالفة لاتفاقيات جنيف، أو زيادة الانتهاكات بحق اليمنين، سواء تفجير المنازل ، أو اعتقال الموظفين اليمنيين العاملين في المنظمات الإنسانية والسفارات، مما زاد الأمور قتامة وتعقيدا، خاصة في ظل تجاهل جماعة الحوثي لكل النداءات والتحذيرات والوساطات بشأن الإفراج عن الموظفين اليمنيين.
محدودية خيارات العدالة الغير وطنية
تقلص خيارات العدالة الغير وطنية، حيث أن نمط العدالة ذات الولاية الشاملة، خاصة عبر مبدأ "الولاية القضائية العالمية"، إذا كانت الولاية القضائية العالمية قد قدم فرصاً للمحاسبة في صراعات أخرى مثل الحالة السورية، فإن الوضع اليمني يواجه تحديات كبيرة أهمها ضعف الإمكانات اللوجستية والمالية لمنظمات المجتمع المدني اليمنية، وكذلك بُعد اليمن الجغرافي وصعوبة الوصول إلى الضحايا والشهود وتوثيق الأدلة و لتجاوز هذه التحديات يتطلب تعزيز الدعم المالي والتقني لمنظمات المجتمع المدني اليمنية، وتسهيل وصول الضحايا إلى منصات العدالة الدولية، وهو ما يتطلب موقفاً أكثر حزماً من جانب مجلس حقوق الإنسان، ما يجعل العمل على آلية دولية في الوقت الراهن خيارا ضروريا لحفظ الأدلة، وتوثيق الانتهاكات، وبناء سجل يمكن العمل عليه.
ضعف قدرات المجتمع المدني بسبب نقص التمويل والدعم الدولي
رغم الجهود الكبيرة والتي لا يمكن تجاهلها لمنظمات المجتمع المدني الحقوقي في اليمن، والتي كانت سباقة إلى الكشف عن العديد من الانتهاكات الجسيمة، ولفت أنظار العالم إليها، إلا أنها للأسف تواجه العديد من التحديدات خاصة نقص الدعم المالي وبناء القدرات والحوكمة، والتواصل مع آليات المنظمات الأممية والمجتمع الدولي، حيث ان الكثير من الدعم السابق قبل أزمة التمويل الحالية المتعلقة بسياسة الولايات المتحدة الامريكية الجديدة، كان محدودا للعديد من المنظمات، ويتسم بعدم التوازن، حيث ركز بدرجة كبيرة في قضايا بعيدة عن الرصد والتوثيق والمساءلة، ما أدى إلى تراجع قدراتها على التوثيق والرصد الفعال للانتهاكات، مما يساهم في نهاية المطاف في خلق فجوة بين الأدلة الموثقة والانتهاكات المرصودة، وهذا للأسف سوف يفاقم ثقافة الإفلات من العقاب ويُضعف فرص بناء قضايا قانونية أمام المحاكم الدولية، وبالتالي، فإن مجلس حقوق الإنسان مطالب اليوم بالعمل على آلية دولية تساهم في سد الفجوة التي أشرنا إليها، وتوجيه المجتمع الدولي لدعم المنظمات اليمنية وتخصيص تمويل كافٍ يضمن استدامة عملها واستقلاليتها.
خلاصة وتوصيات عملية:
لا يمكن تحقيق السلام والاستقرار في اليمن دون عدالة حقيقية ومحاسبة شاملة لكل مرتكبي الجرائم والانتهاكات. وفي هذا السياق نوصي بما يلي:
إعادة تفعيل أو إنشاء آلية تحقيق دولية مستقلة.
دعم مكتب المفوض السامي والإجراءات الخاصة للتحرك بشأن اليمن.
تشجيع الدول الأعضاء على اتخاذ إجراءات فردية وجماعية لمحاسبة المسؤولين.
توفير الدعم التقني والمالي العاجل لمنظمات المجتمع المدني اليمنية.
الضغط من أجل وقف توريد الأسلحة والدعم العسكري لأطراف الصراع.
إن تأخر التحرك لم يعد خياراً، بل أصبح ضرورة عاجلة لحماية ما تبقى من كرامة الإنسان اليمني وإيقاف تكلفة الإفلات من العقاب.