دعت منظمة سام للحقوق والحريات المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته الأخلاقية الكاملة في فتح جميع معابر مدينة تعز المحاصرة، مؤكدة في بيان لها اليوم الأثنين الموافق ٣٠ مايو ٢٠٢٢ بهذا الخصوص أن تحويل هذا الملف إلى ورقة للمساومة السياسة يزيد من معاناة المدنيين، و لا يخدم عملية السلام وقد يقوض تمديد الهدنة في اليمن.
وقالت المنظمة إن الأرقام والحوادث التي سببها الحصار في تعز صادمة، يصل أثرها مباشرة إلى حياة المواطن العادي خاصة المرضى وكبار السن والأطفال والنساء، حيث حول الحصار تعز إلى سجن كبير لممارسة عقاب جماعي على كل من يعيش فيها دون تفرقة بين المدنيين والعسكريين، كما أثر على حرية التنقل بين القرى والمدن، واستهدف حق الحياة للمدنيين بصورة مباشرة؛ سواء بالقنص أو الألغام أو القصف العشوائي.
وأشارت المنظمة في بيانها أن الحصار قد أضر بصورة كبيرة بالحق في الحياة الأسرية وأدى إلى الفصل بين أفراد الأسرة الواحدة؛ لما في ذلك من آثار سلبية على الأسرة باعتبارها خليّة أساسية في بناء المجتمع، وعلى الطفل – الطرف الضعيف في الأسرة – الذي يتوجب حمايته وعدم فصله عن أسرته حيث انقسمت الأسر في تعز إلى قسمين بعضها يعيش داخل المناطق المحاصرة، وبعضها الآخر في مناطق سيطرة الحوثيين، ومنذ سنوات الحصار افتقدت بعض الأسر للزيارة ورؤية بعضها وهي جريمة يجب أن ينظر لها بمنظور إنساني بحت.
ونوهت سام إلى أن القيود الموسعة للحصار الذي تفرضه جماعة الحوثي ساهمت في ممارسة سياسة التجويع بين السكان المدنيين، حيث تستخدمه جماعة الحوثي كأسلوب من أساليب الحرب ضد المدنيين، ومنعت وصول المساعدات الإنسانية والأغذية اليومية للمدنيين، وتراجع الخدمات الطبية والتعليمية والمعيشية، مما أدى إلى تدهور الحالة الإنسانية بالمحافظة في انتهاك صارخ للقانون الدولي، كما يعد ممارسة الحصار جريمة حرب تستوجب المساءلة.
وأكدت المنظمة أنه بالإضافة إلى الحصار الخانق الذي تمر به تعز، فقد حُرمت من مطارها الدولي الذي كان يمكن أن يشكل منفذا مهما لإنقاذ الكثير من الحالات الإنسانية التي تضطر إلى سلوك طرق التفافيّة طويلة ومرهقة للوصول إلى مطار عدن أو مشافي صنعاء، وكذلك حُرمت من مينائها في المخا والذي كان يمكن أن يساهم في تنشيط الحركة التجارية ووصول البضائع والمواد الأساسية والأدوية والمعدات الطبية وهو أمر يجب أن يكون محل اهتمام، فالسلام منظومة متكاملة لا يجوز تجزئته بإهمال الجانب الإنساني منه.
لقد تكبدت تعز الكثير من الأرقام المالية والاقتصادية على مستوى الإيرادات أو الإنفاق الفردي على الصحة والتنقل، وقد حدثت فيها الكثير من حوادث الطرق الالتفافية البعيدة والوعرة. كما تحملت تعز العبْء الأكبر من التكلفة البشرية لضحايا القصف العشوائي والقنص المتعمد والألغام الفردية التي زرعتها جماعة الحوثي، في ظل تجاهل ملحوظ من قبل الحكومة والمجتمع الدولي.
وأكد بيان سام على أنه قد حان الوقت ليتصدر ملف تعز الإنساني أولوية في صناعة السلام دون أي تلكُّؤ أو ابتزاز سياسي. ودعت إلى منح المدنيين في تعز أولوية إنسانية، وفتح جميع المنافذ من وإلى محافظة تعز دون قيد أو شرط، وإن عجز المجتمع الدولي منذ استكهولم على تحريك هذا الملف فإنه سيفقد الثقة بمبادرات السلام واستمرار الهدنة، بل وبالوسطاء الدوليين خاصة مع استمرار التكلفة الإنسانية الباهظة للحصار.