حثت الأمم المتحدة على التدخل لوقف المحاكمات السياسية بحق عشرات المحتجزين من المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والأكاديميين والمعتقلين السياسيين في اليمن، وإيجاد آلية دولية للمساءلة وتحقيق العدالة الجنائية.
وجهت منظمة سام للحقوق والحريات وتسع منظمات حقوقية يمنية ودولية نداءً عاجلاً للإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة للتدخل لوقف المحاكمات السياسية بحق المعتقلين في اليمن، وحثت المنظمات الإجراءات الخاصة على التدخل لوقف المحاكمات السياسية بحق المعتقلين لدى جماعة "أنصار الله" الحوثيين المسلحة وأطراف الصراع الأخرى -بدرجة أقل- وقال بيان المنظمات إنه يجب على الأمم المتحدة أن تعمل بشكل أكبر للتصدي ومعالجة الاحتجاز التعسفي من قبل جميع أطراف النزاع.
وقالت المنظمات إن تزايد تقديم المعتقلين السياسيين، والمحتجزين على خلفية التعبير عن آرائهم، والمحتجزين على أساس النوع الاجتماعي إلى المحاكم سلوك يثير القلق، لا سيما مع هشاشة النظام القضائي وانقسامه بين أطراف الصراع.
وأضافت المنظمات في ندائها إن أطراف الصراع توظف المحاكم لملاحقة المعارضين، وتستخدم بروباجندا دعائية ضخمة لإلصاق تُهم (الخيانة والارتزاق والتخابر مع "العدو" والإضرار بسيادة الوطن، وزعزعة استقراره) فزاعةً لتصفية المعارضين معنوياً أمام الجمهور تمهيداً لمحاكمتهم، وأصدرت محاكم تتبعها عقوبات قاسية كالإعدام والحرمان من الحرية ومصادرة الأموال.
وحثت المنظمات الموقعة على النداء الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على التدخل العاجل من خلال إدانة المحاكمات السياسية بحق عشرات المحتجزين من المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والأكاديميين والمعتقلين السياسيين في اليمن وإدانة عمليات الإعدام خارج إطار القانون في اليمن
وطالبت المنظمات الموقعة على البيان بإلغاء أحكام الإعدام بحق اليمنيين الذين احتجزوا تعسفيًا، وحُكم عليهم بالإعدام دون محاكمة عادلة كما حثت سلطات "أنصار الله" الحوثيين بوضع حد لاستخدام أحكام الإعدام التعسفي، والاحتجاز التعسفي، والاختفاء القسري، التي تشكل انتهاكات صارخة للقانون الدولي.
ودعت المنظمات الموقعة على النداء المجتمع الدولي لتشكيل آلية تحقيق ذات تركيز جنائي مع منحها تفويضًا بإنشاء ملفات قضايا لاستخدامها من جانب سلطات الادعاء المختصة.
نص النداء:
تؤكد المنظمات أن اليمن يشهد، منذ اندلاع الحرب في 2014، تورط كافة أطراف النزاع في ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق اليمنيين الأساسية
تؤكد المنظمات الموقعة على البيان خطورة ما تشهده اليمن من محاكمات للمعتقلين السياسيين على خلفية الرأي والتعبير والمحتجزين أو على أساس النوع الاجتماعي، وأثره البالغ على الهامش المحدود للحريات السياسية، والحق في الحرية والتعبير، والحق في التقاضي العادل والنزيه والمحايد، وما يمثله من عائق أمام عملية السلام.
وتسلط المنظمات الضوء على تدهور أوضاع حقوق الإنسان في اليمن، في ظل فشل المجتمع الدولي في اتخاذ إجراءات أكثر صرامة من أجل تحقيق وتعزيز العدالة والمساءلة في اليمن.
إن تزايد تقديم المعتقلين السياسيين، والمحتجزين على خلفية التعبير عن آرائهم، والمحتجزين على أساس النوع الاجتماعي إلى المحاكم سلوك يثير القلق، لا سيما مع هشاشة النظام القضائي وانقسامه بين أطراف الصراع. في واقع الأمر إن أطراف الصراع توظف المحاكم لملاحقة المعارضين، وتستخدم بروباجندا دعائية ضخمة لإلصاق تُهم (الخيانة والارتزاق والتخابر مع "العدو" والإضرار بسيادة الوطن، وزعزعة استقراره) فزاعةً لتصفية المعارضين معنوياً أمام الجمهور تمهيداً لمحاكمتهم، وأصدرت محاكم تتبعها عقوبات قاسية كالإعدام والحرمان من الحرية ومصادرة الأموال.
طبقًا للأمين العام للأمم المتحدة، فإن القانون الدولي "يضع شروطًا صارمة للغاية لتطبيق عقوبة الإعدام، من بينها وجوب الامتثال للمحاكمة العادلة ومعايير الإجراءات القانونية الواجبة. كما يحظر إعدام الجناة الأحداث بشكل قاطع، بغض النظر عن ظروف وطبيعة الجريمة المرتكبة". ويضيف "في سياق النزاع المسلح، يُعَد تنفيذ الإعدام دون توفير ضمانات قضائية انتهاكًا للقانون الإنساني الدولي ويصل حد جريمة حرب".
المعلومات التي نقلها ضحايا ناجون، ومحامون متخصصون في الترافع عن قضايا المعتقلين تؤكد أن ما يحدث داخل المحاكم هو سلخ للعدالة، وإفراغها من مضامينها؛ تحدث البعض عن إصدار المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء (مثلاً) أحكاماً بالإعدام أو عقوبات قاسية في جلسة واحدة لمحتجزين مكث اختفاؤهم سنوات في سجون خاصة وبإجراءات لا يتوفر فيها الحد الأدنى من معايير المحاكمة العادلة، ضمن العديد من الأحكام التي أصدرتها محاكم خاضعة للحركة ضد المئات من خصومها في السجون وخارجها.
على سبيل المثال، خلال ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة بقضايا الإرهاب -التابعة لجماعة أنصار الله الحوثيين في صنعاء- حكمين بالإعدام على (19) شخصية سياسية وتربوية من حزب التجمع اليمني للإصلاح، بينهم: "سالم دائل"، و "محمد هلال"، وهما مديران لمدرستين تعليميتين، وفي أغسطس/ آب 2021 أصدرت حكمها على (11) من المنتمين لحزب المؤتمر الشعبي العام ، بينهم السيدتان "حنان الشاحذي"، و "ألطاف المطري"، وفي تموز/ يوليو 2017 أصدرت حكماً بإعدام (30) شخصية سياسية وأكاديمية بينهم الأكاديميان "يوسف البواب"، و "نصر السلامي"، وفي مارس/ آذار 2020 أصدرت حكماً بإعدام (35) نائباً في مجلس النواب ومصادرة ممتلكاتهم كانوا قد استطاعوا مغادرة اليمن.
وفي وقت سابق من ديسمبر/ كانون الأول 2021 نفذت الحركة عقوبة الإعدام بحق (9) محتجزين على خلفية اتهامهم بمقتل القيادي في الحركة ورئيس مجلسها السياسي "صالح الصماد" كانت الحركة قد أعلنت مقتله بغارة جوية لطيران "التحالف العربي".
في المقابل هناك تطور خطير تنتهجه سلطات المجلس الانتقالي في عدن و الحكومة اليمنية في مأرب وحضرموت بتقديم العديد من المعارضين السياسيين والصحفيين أمام المحكمة الجزائية المتخصصة ومحاكم عسكرية في محاكمات تفتقر لضمانات العدالة؛ فقد قدمت سلطة المجلس الانتقالي الجنوبي الموالي للإمارات الصحفي المعارض "أحمد ماهر" إلى المحكمة الجزائية المتخصصة بتهم خطيرة قد تصل عقوبتها إلى الإعدام، على خلفية تعبيره عن رأيه تجاه سياسات المجلس، تحدث ماهر من محبسه أنه خلال (6) جلسات متوالية رفضت إدارة سجن بير احمد نقله الى المحكمة بحجة عدم وجود مركبة، للإضرار به وجعله يمكث أطول فترة في السجن، وأعلن إضرابه عن الطعام حتى يُفرج عنه أو يموت احتجاجاً على الإجراءات التي تفرض عليه.
أكدت سام للحقوق والحريات -المنظمة المتخصصة برصد هذا النوع من الانتهاكات- أن حركة أنصار الله أصدرت أحكاماً بإعدام أكثر من (350) شخصية، معظمهم معارضون وقادة حكوميون وطلاب وصحفيون وعسكريون وأكاديميون ونساء ومن خلفيات أخرى، بينهم قرابة (90) محتجزًا في السجون، وأصدرت أحكاماً بعقوبات قاسية على أكثر من (150) شخصية وصلت بعضها السجن (15) عاماً. وقُدم أكثر من (32) شخصية للمحاكمة بينهم صحفيون ونشطاء بأوامر المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن والحكومة المعترف بها دولياً في مأرب وحضرموت، صدرت بحق (5) منهم أحكامٌ بالإعدام في مأرب.
إن انتهاك الحق في المحاكمة العادلة الذي تمارسه حركة "أنصار الله" سلوك يثير القلق؛ تؤكد الوقائع وجود ضحايا كثر حُرِموا ويُحرمون بشكل أو بآخر من هذا الحق، وأن هناك من أُدينواْ – ويُدانون- تعسُّفاً بسبب عدم توفر أدنى شروط المحاكمات العادلة. وتشير المعلومات إلى تزايد عدد الخاضعين لهذا النوع من المحاكمات آخرها تقديم عدد من النشطاء كانوا محسوبين عليها بتهم التحريض وتكدير السلم الاجتماعي وتأليب الرأي العام ضد سياساتها.!
توحي طبيعة وإجراءات المحاكمة التي تجريها المحاكم الخاضعة لجماعة أنصار الله "الحوثيين" الدوافع الانتقامية التي تحركها للإضرار بالمحتجزين. وتفتقد المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء الى المشروعية القانونية بعد نقل صلاحياتها إلى مأرب من قبل المجلس القضائي التابع للحكومة المعترف بها؛ وصار خصوم الحوثي من النشطاء والسياسيين يواجهون واقعاً استثنائياً يفتقر إلى الحد الأدنى من العدالة، حيث صودر الحق في المحاكمة العادلة أمام هذه المحكمة واحترام البراءة الأصلية وغيرها من الحقوق الأساسية للإنسان.
تشير المنظمات إلى أن القيود التي تفرضها جماعة "أنصار الله" بحق النشطاء والمدنيين تخالف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، و العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والبروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1989 الذي انضمت اليمن له، وغيرها من الحقوق والالتزامات التي تضمن الحق في الحياة والسلامة الجسدية والمحاكمة العادلة، كما تخالف نص الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري، والتي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 ديسمبر 2006، والتي تنص على "ألا يتعرض أي إنسان للاختفاء القسري"، وتؤكد في الوقت ذاته أن "الاختفاء القسري على نطاق واسع أو منهجي يشكل جريمة ضد الإنسانية".
القضاء في اليمن منقسم بين أطراف الصراع وليس بخافٍ التأثير الذي تشكله ما يعرف بـ" المنظومة العدلية" في صنعاء على المحاكم في مناطق الحوثيين، و"نادي القضاة الجنوبي" أحد أذرع المجلس الانتقال الجنوبي على المحاكم في عدن، وأصبحت المحاكم تتلقى توجيهاتها بشكل واضح من هذه الكيانات، إلىى جانب توجيهات الحكومة المعترف بها على المحاكم في مأرب وحضرموت. لا يمكن في هذا الوضع بناء ثقة اليمنيين بنظام العدالة، ويتحتم على الأطراف رفع وصايتهم عن مؤسسات إنفاذ القانون، ونحفز المؤسسات الدولية المهتمة بالعدالة إلى البدء بالعمل من أجل إعادة توحيد مؤسسة القضاء تحت قيادة مقبولة من اليمنيين.
ساهمت بنية التشريع اليمني في مساعدة أطراف الصراع على ملاحقة المعارضين، بفرضه عقوبة الإعدام -بشكل مسرف- على كثير من الأفعال تحت مسمى "جرائم أمن الدولة"، وعدد منها بالأساس يندرج ضمن ممارسة الحق في حرية التعبير. ينبغي أن تُعاد صياغة التشريع في ما يتعلق بعقوبة الإعدام بحيث تكون على جرائم القتل الأكثر خطورة وبعد محاكمة تتوفر فيها معايير التقاضي العادل والنزيه والمحايد، ويجب تجميد عقوبة الإعدام بشكل نهائي في اليمن خلال النزاع بسبب استغلالها من قبل أطراف الحرب لتطبيقها على الخصوم والمعارضين.
ساهم غياب العدالة الجنائية والإفلات من العقاب في اليمن في فتح شهية الحركة الحوثية -ومن بعدها الأطراف الأخرى- لارتكاب المزيد من انتهاكات حقوق الانسان، لا سيما ما يتعلق بانتهاك الحق في العدالة، والإعدام بإجراءات موجزة، وفي هذا السياق يجب أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته في إيجاد آلية دولية للمساءلة في اليمن تعمل على تحجيم الإفلات من العقاب.
نثمن جهود المجتمع المدني وأسر الضحايا والمحامين الواقفين مع الضحايا، ونقف الى جانب التحركات التي تكشف الانتهاكات وتضغط من أجل الوصول الى العدالة؛ بما في ذلك حملة "دون عدالة" المتخصصة بمناصرة المعتقلين السياسيين وذوي الرأي.
ندعو الحركة الحوثية إلى الوقف الفوري للمحاكمات السياسية ضد المحتجزين والمعارضين، وتجميد تنفيذ أحكام الإعدام والعقوبات الأخرى التي أصدرتها، والإفراج عن المحتجزين كافة. ونشدد على الحكومة اليمنية الالتزام بالمعايير الدولية للمحاكمات والإفراج عن النشطاء المحتجزين في مناطق سيطرتها وسيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي.
تحث المنظمات الموقعة على هذا النداء الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على التدخل العاجل من خلال:
● إدانة المحاكمات السياسية بحق عشرات المحتجزين من المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والأكاديميين والمعتقلين السياسيين في اليمن
● إدانة عمليات الإعدام خارج إطار القانون في اليمن
● إلغاء أحكام الإعدام بحق اليمنيين الذين احتجزوا تعسفيًا، وحُكم عليهم بالإعدام دون محاكمة عادلة.
● مطالبة سلطات "أنصار الله" بوضع حد لاستخدام أحكام الإعدام التعسفي، والاحتجاز التعسفي، والاختفاء القسري، التي تشكل انتهاكات صارخة للقانون الدولي.
● مراقبة حالة تنفيذ عقوبة الإعدام وعقوبات الإعدام في اليمن عن كثب، لا سيما مع المخاوف بشأن التركيز على تنفيذ سلسلة من أحكام الإعدام الصادرة عن المحكمة الجزائية المتخصصة والمحاكم الأخرى.
● دعوة الهيئات المحلية والدولية المختصة للتحقيق في القضية في السياق الأوسع للاحتجاز التعسفي واستخدام التعذيب لانتزاع الاعترافات.
● دعوة المجتمع الدولي لتشكيل آلية تحقيق ذات تركيز جنائي مع منحها تفويضًا بإنشاء ملفات قضايا لاستخدامها من جانب سلطات الادعاء المختصة.
الموقعون:
منظمة سام للحقوق والحريات
منظمة الكرامة - جنيف
جمعية ضحايا التعذيب - جنيف
مؤسسة مسار للتنمية وحقوق الإنسان
مؤسسة باحث للتنمية وحقوق الإنسان
التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان- تحالف رصد
منظمة إفدي الدولية لحقوق الإنسان
المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب