جنيف- قالت منظمة سام للحقوق والحريات إن الحرب اليمنية الدائرة منذ ثمان سنوات ، اجبرت مئات الآلاف من اليمنيين الفارين من جحيمها الي اللجوء في دول متعددة من العالم ، خاصة اوربا ، في حين مازال الملايين يعانون قسوة الداخلي ، ويعيشون في مخيمات تفتقر للمقومات الإنسانية الأساسية ، في ظل غياب أي امل بتوقف الحرب ، والانتهاكات المصاحبة لها ، وعجز المجتمع الدولي المجتمع الدولي عن القيام بدور إيجابي وحاسم في وقفها ، ما اجبر الالاف من اليمنين علي الفرار من الحرب ، وسلوك طرق ، ومحطات متعددة للصول الي أهدافهم ، ، وسط غياب غير مبرر لدور فعال من قبل المنظمات الدولية المعنية ، الامر فاقم من أوضاع اللاجئين بشكل خطير ومنعهم من تمتعهم بحقوقهم الأساسية .
وقالت المنظمة في بيان أصدرته بالتزامن مع اليوم العالمي للاجئين والذي يصادف 20 يونيو/ حزيران من كل عام إن ما وثقته وجمعته من معلومات عن الأوضاع المعيشية للاجئين اليمنيين خارج البلاد، يعكس انحدارًا خطيرًا في مؤشر تمتع الأفراد بحقوقهم الأساسية، حتى وصل الأمر لتهديد آلاف اللاجئين بالترحيل القسري إلى اليمن في الوقت الذي تشهده البلاد من صراعات داخلية وغياب للرقابة والسلطة الأمنية وانعدام للأمن الغذائي.
وبينت "سام" في بيانها، بأن الصراع اليمني أدى إلى فرار مئات الآلاف من اليمنيين إلى خارج البلاد بحثًا عن مكان يستطيعون أن يقيموا مع عائلاتهم فيه بعيدًا عن ويلات الحرب وانتهاكاتها، حيث توزع اليمنيون على عدة دول منها مصر الذي بلغ عدد اللاجئين اليمنيين فيها نحو مليون لاجئ وتركيا الذي يُقدر عدد اللاجئين فيها نحو 50 ألفاً وبعض الآلاف في ماليزيا إلى جانب المغرب والجزائر والهند والصومال والسودان.
وأبرزت المنظمة المخاطر التي يتعرض له اللاجئون اليمنيون خلال رحلة لجوئهم لا سيما وأنهم يسلكون طرقًا خطيرة منها البحر والذي غالبًا ما تتعرض فيه المراكب للغرق أو الضياع بسبب الأعداد الكبيرة للاجئين وطمع المُهربين الذي يتاجرون بمعاناة الأبرياء. يُضاف إلى ذلك سلوك العديد من اليمنيين الطرق الصحراوية من أجل المرور إلى الدول المجاورة لليمن الأمر الذي أدى إلى وفاة العشرات منهم بسبب العطش والتعرض لتجار البشر عبر تلك الطرق الخطيرة، إلى جانب عشرات الأشخاص الذين فُقدت آثارهم أو فقدوا حياتهم خلال عبورهم طريق بلاروسيا وغيرها من البلدان.
أما عن الصعوبات التي يواجهها اليمنيون في دول اللجوء فقد لفتت المنظمة إلى أن رحلة العذاب للاجئ اليمني لا تنتهي بوصوله إلى إحدى الدول العربية أو الأوروبية بل قد تكون لحظة وصوله الأكثر ألمًا بسبب التعقيدات التي تفرضها بعض الدول على اللاجئين. ففي بداية عام 2020، أعلنت إسبانيا أن اللاجئين العابرين يجب أن يحصلوا على تأشيرة عبور، مما يعني أن اليمنيين لا يمكنهم المرور عبر البلاد دون الحصول على أذونات إضافية. قبل ذلك، كان بإمكان اليمنيين التخطيط للسفر إلى دولة ثالثة أثناء التوقف في إسبانيا.
يضاف لتلك العقبات سوء تعامل مكاتب المفوضية العامة للاجئين مع اليمنيين والذي وثقته المنظمة في مكاتب الصومال والهند حيث تواصل عشرات اللاجئين اليمنيين مع المنظمة من أجل تقديم شكوى حول تجاهل مكاتب المفوضية لمطالباتهم ونداءاتهم المتكررة من أجل توفير المستلزمات الأساسية لهم وتسوية أوضاعهم القانونية، فيما تأخر مكتب المفوضية في كل من مصر والأردن في إعادة توطين أولئك اللاجئين الأمر الذي فاقم من أوضاعهم الإنسانية.
كما تؤثر محدودية الدخل للاجئين اليمنيين في الدول على مختلف نواحي الحياة؛ خصوصاً في البلدان المضيفة ذات تكاليف المعيشة العالية مثل الأردن، إذ يبلغ متوسط إيجار الشقة الواحدة - مثلاً - في وسط المدينة نحو 700 دولار، وهو متوسط أعلى بنحو 30 % من أسعار الإيجارات في القاهرة بمصر. حيث تدفع تكاليف المعيشة الباهظة اليمنيين في البلدان المضيفة إلى حافة الهاوية، وتُقحمهم في ظروف إنسانية قاهرة. وفقاً لمعلومات تم نشرها فإن بعض العائلات في بعض الدول العربية كالأردن مثلًا قد تضطر إلى أن تشارك شقة واحدة صغيرة مع عائلة أخرى، كما أفاد طالب لجوء آخر أن شقق الشباب مكتظة لدرجة أن 15 شاباً قد يتشاركون غرفة واحدة.
وبالمثل، في كوالالمبور "عاصمة ماليزيا" حيث لا يُسمح قانونًا لليمنيين بالعمل، إلا أن بعضهم أنشأ مطاعم مختلفة في المدينة، حيث تعمل هذه أيضًا كمراكز حيث يمكن لليمنيين مناقشة المشاكل وطلب المشورة من الآخرين فيما يتعلق بالمسائل القانونية أو المجتمعية، على الرغم من وجود مداهمات تنفذها قوات مكافحة الهجرة، حيث يتعرض اليمنيون لخطر نقلهم إلى مراكز الاعتقال. يشار هنا إلى محاولة بعض اليمنيين الوصول إلى كوريا الجنوبية من ماليزيا، حيث وصل حوالي 500 يمني إلى جزيرة جيجو بكوريا الجنوبية في عام 2018، وطلبوا اللجوء في البلاد، ومع ذلك مُنعوا من مغادرة الجزيرة.
إضافة لمشكلة السكن، يعاني اللاجئون وطالبو اللجوء اليمنيون مصاعب أخرى فيما يتعلق بالخدمات الصحية والتعليم؛ وهي عقبات تختلف من بلد إلى آخر؛ ففي مصر مثلاً يحصلون على الرعاية الصحية العامة الأولية والثانوية والطارئة على قدم المساواة مع المصريين، وكذلك الأمر بالنسبة إلى التعليم العام.
أما في الأردن، فيتم تقديم خدمات الرعاية الصحية بمقابل مالي، كما يدفع اليمنيون رسوماً مدرسية، إضافة إلى تكاليف النقل والمستلزمات الدراسية. وعلى الرغم من أن هذه التكاليف تُثقل كاهل طالبي اللجوء واللاجئين بالفعل؛ فإن الأهالي يبدون أكثر انزعاجاً من جودة التعليم المتدنية، حسب ما وصفته إحدى طالبات اللجوء اليمنيات في الأردن، ومما يتعرض إليه أبناؤهم من تنمُّر وعنف من قِبل أقرانهم والمعلمين. وفي الصومال، تُعد مشكلة اللغة معضلة أساسية بالنسبة إلى اليمنيين؛ مما يدفعهم إلى إلحاق أبنائهم بالمدارس الخاصة التي تدرس باللغة العربية.
تؤكد سام على أن ما ذكرته من معلومات في بيانها الخاص بأوضاع اللجوء جزء من انتهاكات ممتدة تطال مئات الآلاف من الأشخاص يوميًا، دون أن يكون هناك تحرك حقيقي وفاعل سواء من قبل الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا أو من قبل أطراف الصراع، من خلال تجنيب المدنيين واللاجئين تداعيات الصراعات الداخلية وتوفير الحماية الكاملة، لا سيما وأن العديد من الاتفاقيات الدولية كفلت لتلك الفئة الحماية الخاصة والحقوق الكاملة كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية إضافة لاتفاقية حقوق اللجوء واتفاقية حقوق المرأة والطفل التي كفلت مجتمعة العديد من الحقوق الأساسية التي تلزم كافة أطراف الصراع بها.
وشددت "سام" على أن غياب دور الجهات والمؤسسات الأممية ذات الصلة شكلت غطاءً ضمنيًا للعديد من أطراف الصراع للتمادي بانتهاكاتها محملةً المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والمقرر الخاص بحالة حقوق الإنسان في اليمن وغيرهم من الأشخاص الدوليين المسؤولية الكاملة عن تردي أوضاع اللاجئين والنازحين في البلاد وخارجها بسبب مواقفهم السلبية تجاه الانتهاكات الممتدة بحق اللاجئين، مؤكدة على ضرورة تفعيل الآليات الدولية الحقيقية للمضي قدمًا في ضمان حماية حقوق أولئك الأفراد لا سيما توفير الأماكن الآمنة والمتطلبات الأساسية من غذاء وتعليم وصحة وغيرها من الحقوق، وتقديم المخالفين للمحاكمة العادلة نظير انتهاكاتهم الجسيمة.