جنيف- قالت منظمة سام للحقوق والحريات إن الجيش الإسرائيلي اقتحم فجر اليوم الأربعاء، 15 نوفمبر، عدد من مباني مجمع الشفاء أكبر مستشفيات مدينة غزة، بعدد من كبير من الآليات، بعد إطلاق النار بشكل عشوائي، وتحويلة لمركز اعتقال، يشكل جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية مكتملة الأركان، تتم بشكل مباشر أمام أعين المجتمع الدولي والمنظمات الأممية التي عكست مستوى السقوط الأخلاقي والمهني المدوي إزاء صمتها عن الجرائم الإسرائيلية.
وبينت المنظمة في بيان صدر عنها اليوم الأربعاء، بأن الجيش الإسرائيلي أبلغ مدير المستشفى في وقت متأخر من الليلة الماضية بأنه سيقتحم المجمع الطبي بحجة البحث عن أسلحة ومطلوبين لديها، حتى تفاجئ الطاقم الطبي ومئات النازحين بدخول الجيش إلى مبنى أمراض الكلى والباطنة، فيما يدعي الجيش بأن اقتحامه هو محدد وجاء بناء على معلومات استخبارية على حد تعبيره.
ولفتت "سام" بأنها استمعت لمكالمة مسجلة دارت بين مدير وزارة الصحة في غزة "منير البُرش" وأحد الجنود نشرتها صفحة قناة العبرية عبر حسابها على "فيسبوك" حيث يظهر صوت البرش مدير مستشفى الشفاء وأحد الجنود الذي أخبره بضرورة الابتعاد عن النوافذ وخروج المسلحين ليخبره الطبيب بأن مجمع الشفاء لا يوجد به غير المدنيين والمرضى من ذوي الحالات الصعبة وبأنهم سيمكثون في أماكنهم.
تؤكد سام مسؤولية جيش الاحتلال، عن سلامة المرضي والاطباء والمدنيين اللذين لجوء الي المستشفى، كون جيش الاحتلال هو الطرف الوحيد المتحكم في مستشفى الشفاء، وما حولة، ويفرض طوقاً امنية حول المستشفى، ويقطع الانترنت والاتصال على المنطقة .
وبحسب ما نشره المكتب الإعلامي بغزة فإن الجيش الإسرائيلي قصف خلال حصاره لمجمع الشفاء المستمر منذ عدة أيام 5 مبان وأطلق النار على الجميع ومنع أي شخص من التجول في باحات المجمع الطبي الخارجية حتى أنهم استطاعوا بصعوبة دفن ما يقارب 170 داخل حديقة المستشفى لعدم تمكنهم من الخروج ودفنهم في مدافن خاصة بسبب الحصار المطبق على المستشفى.
وأبرزت "سام" إلى أن اقتحام قوات الاحتلال الاسرائيلي لمستشفى الشفاء اكبر مستشفيات غزة، يتضمن تهديدًا خطيرا لحياة آلاف الأفراد بينهم نازحون ومصابون ومرضى وطواقم طبية، حيث يضم المستشفى حاليًا مئات الجرحى والمرضى من ذوي الحالات الخاصة الذين لا يمكن نقلهم خارج المستشفى من بينهم 47 طفلا حديث الولادة إلى جانب أشخاص متواجدين في العناية المكثفة أعلن المستشفى عن وفاة أحدهم بسبب انقطاع الكهرباء والحصار المفروض على المستشفى.
تؤكد المنظمة على أن اقتحام مستشفى الشفاء ومحاصرته لأيام يعد مخالفة جسيمة لقوانين وأعراف الحرب، وتشكل " جريمة حرب" بمقتضى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فالقانون الدولي الإنساني يوفر حماية عامة وخاصة للمواقع المدنية وذلك في اتفاقية جنيف الرابعة (1949)، والبروتوكولين الأول والثاني لاتفاقيات جنيف (1977)، واتفاقية لاهاي (1954).كما خُصصت حماية خاصة للمستشفيات في اتفاقية جنيف الرابعة (المادة 18)، إذ لا يجوز بأي حال الهجوم على المستشفيات المدنية المنظمة لتقديم الرعاية للجرحى والمرضى والعجزة والنساء، ويجب احترامها وحمايتها في جميع الأوقات.
وتنص الاتفاقية على "عدم جواز وقف الحماية الواجبة للمستشفيات المدنية"، وفق المادة الـ19. في حين تلزم اتفاقيات جنيف الأربع -المادة الثالثة المشتركة- جميع الأطراف على وجوب "جمع الجرحى والمرضى والعناية بهم".
هذا وقد اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1970 القرار (2675) الذي ينص على أن "منطقة المستشفى أو أي ملجأ مماثل لا ينبغي أن تكون هدفا للعمليات العسكرية"، ولذلك "لا يسمح أبدا بالهجمات العشوائية أو المستهدفة على المستشفيات والوحدات الطبية والعاملين الطبيين الذي يعملون بصفة إنسانية".
تشدد المنظمة على تحمل الولايات المتحدة الأمريكية في المقام الأول التبعات القانونية والأخلاقية المترتبة على اقتحام الجيش الإسرائيلي لمستشفى الشفاء، مشيرة إلى أن الضوء الأخضر الذي أعطته الإدارة الأمريكية لإسرائيل في دعم روايتها بوجود مسلحين داخل المستشفى أدى لوضع حياة آلاف الأفراد المتواجدين داخل المستشفى تحت خطر محدق وخطير ومباشر.
وأكدت المنظمة على أنها تشعر بالأسف والاستغراب لعجز المجتمع الدولي والمحكمة الجنائية الدولية حتى هذه اللحظة من فتح تحقيق عاجل في جرائم العدوان والإبادة التي تتم بحق الأهداف الأعيان المدنية والتي من ضمنها المستشفيات والمراكز الصحية والمنازل فوق رؤوس ساكنيها وغيرها من الأماكن التي ضمنها القانون الدولي للحماية الخاصة والمشددة.
واختتمت "سام" بيانها بدعوة المجتمع الدولي إلى ضرورة تشكيل لجنة أممية خاصة للتحقيق في التبعات الخطيرة لاقتحام الجيش الإسرائيلي مباني مستشفى الشفاء وإطلاق النار تجاه النازحين والطواقم الطبية مؤكدة على أن المجتمع الدولي الذي يعاني من سقطة أخلاقية غير مسبوقة مطالب بالتحرك العاجل لإنقاذ حياة الأطفال والمرضى والمصابين من كارثة محققة على وجه أن يشاهدها العالم أجمع دون أي موقف فعلي وحقيقي.