جنيف- قالت منظمة سام للحقوق والحريات إن جهاز الأمن والمخابرات التابع للحوثيين، نفذ الخميس 6 يونيو، حملة مداهمة واعتقالات طالت 12 موظف يعملون في وكالات تابعة للأمم المتحدة، في حملة قمع مفاجئة تشكل انتهاكًا صارخًا للحصانات والامتيازات الدبلوماسية التي يتمتع بها العاملون في وكالات الأمم المتحدة.
وفي تصريح مقتضب، أكد ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة أن سلطات الأمر الواقع الحوثية احتجزت 11 موظفا أمميا محليا يعملون في اليمن، مضيفًا أنهم يتابعون جميع القنوات المتاحة لتأمين الإفراج الآمن وبدون شروط عنهم جميعا في أقرب وقت ممكن.
وقال أقارب وزملاء لبعض المحتجزين لـ هيومن رايتس ووتش إن سلطات الحوثيين لم تكشف عن أماكن الأشخاص الذين اعتقلتهم ولم تسمح لهم بالتواصل مع أصحاب عملهم أو عائلاتهم. وقد يصل رفض السلطات الكشف عن مكان وجود المعتقلين أو مصيرهم إلى حد القتل والاختفاء القسري بموجب القانون الدولي.
وذكرت مصادر أن عناصر حوثية داهمت منزل رئيس قسم تكنولوجيا المعلومات، بالمفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وضاح عون، وقامت بتفتيشه والعبث بمقتنياته، وتمت مصادرة هاتفه وجهاز الكمبيوتر الخاص به ومبالغ مالية للأسرة، كما تم مصادرة هاتف زوجته وهواتف أخرى لعدد من أقاربه قبل اعتقاله ونقله إلى جهة غير معلومة.
ولفتت نيكو جافارنيا، باحث اليمن والبحرين في هيومن رايتس ووتش إلى أن مثل هذه الاعتقالات لا تهاجم حقوق هؤلاء الأفراد فحسب، بل تقوض أيضًا العمل الإنساني وحقوق الإنسان الأساسي في اليمن في وقت لا يحصل فيه غالبية اليمنيين على ما يكفي من الضروريات الأساسية مثل الغذاء والماء.
وأشارت منظمة سام إن قيام الحوثيين باعتقال موظفين يعملون في وكالات تابعة للأمم المتحدة يعد انتهاكًا صارخًا لاتفاقية امتيازات وحصانات الأمم المتحدة لعام (1946)، حيث تنص على أنه لا يجوز القبض على موظفيها أو حجزهم أو الاستيلاء على أمتعتهم الشخصية ولا تجوز محاكمتهم قانونا على ما يصدر عنهم بصفتهم الرسمية من أعمال أو أقوال أو بيانات مكتوبة، كما نصت على أنه لا يجوز المساس بأي من أوراقهم ووثائقهم.
تحصلت سام على قائمة بأسماء بعض المختطفين العاملين في منظمات أممية ودولية ومحلية إثر حملة مداهمات واسعة للحوثيين على منازل الموظفين ومقار عملهم في صنعاء، نشرها الصحفي فارس الحميري، في حسابه على منصة إكس، وهم كالتالي، ستة موظفين يعملون لدى مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وثلاثة موظفين يعملون لدى مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، وثلاثة موظفين يعملون في المعهد الديمقراطي الأمريكي، وموظفين اثنين يعملون لدى الصندوق الاجتماعي للتنمية، أحدهم يمني يحمل الجنسية البريطانية، وأربعة موظفين آخرين يعملون لدى منظمات أخرى.
وأوردت "سام" أن هذه الإجراءات الحوثية تأتي ضمن سلسلة الانتهاكات المستمرة التي يتعرض لها العاملون في المجال الإنساني، حيث سبق أن اعتقل الحوثيون عدة أشخاص يعملون مع منظمات المجتمع المدني اليمنية خلال الأسبوع الماضي، وفي أكتوبر 2023، توفي هشام الحكيمي ، الموظف في منظمة إنقاذ الطفولة، أثناء احتجازه لدى الحوثيين بعد احتجازه تعسفياً منذ 9 سبتمبر/أيلول 2023. ولا يزال ثلاثة من موظفي الأمم المتحدة محتجزين تعسفياً من قبل الحوثيين - واحد منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2021 واثنان منذ أغسطس/آب 2023، وفقًا لهيومن رايتس ووتش.
قال توفيق الحميدي، رئيس منظمة سام: " يساورنا والمجتمع المدني اليمني القلق من الاعتقالات التعسفية الأخيرة التي يتعرض لها العاملون في المجال الإنساني، فتعامل جماعة الحوثي يتسم بالقسوة والانتقام، فأحيانا يصل إلى حد الحكم بالإعدام، كما حدث مع الناشطة فاطمة العرولي رئيسة جمعية الموئل للتنمية والحقوق، ومحمد هادي ظافر، المتطوع في الهلال الأحمر بمحافظة صعدة، وفي حالات أخرى تمارس جماعة الحوثي أسلوب التعذيب المفضي إلى الموت، بحق المعتقلين، كما حدث مع "هشام الحكيمي" الذي يعد نموذجًا بارزًا على هذه القسوة، ولذا؛ لا بد من تحرك عاجل للإفراج عن المعتقلين تعسفيا، والمخفيين قسرًا، لما يشكله ذلك من انتهاك جسيم للقانون الدولي والوطني".
وعبرت "سام" في ختام بينها عن بالغ إدانتها للواقعة، مطالبةً سلطات الحوثيين بالإفراج الفوري عن المعتقلين دون قيد أو شرط، كما دعت إلى التوقف عن مضايقة العاملين في المجال الإنساني والعمل على توفير كافة التسهيلات التي من شأنها أن تمكنهم من مزاولة مهامهم بسلاسة وأريحية.