جنيف - أعربت منظمة سام للحقوق والحريات عن ترحيبها بخروج المواطنة أسماء ماطر العميسي من سجون جماعة الحوثي بعد تسع سنوات من الاعتقال التعسفي، معتبرةً أن هذا الإفراج، رغم أهميته الإنسانية، لا يُسقط حقها في العدالة والإنصاف والتعويض، ولا يُعفي جماعة الحوثي من المسؤولية الجنائية عن الانتهاكات الجسيمة التي ارتُكبت بحقها.
وأوضحت المنظمة أن قضية أسماء العميسي تُجسّد نموذجًا صارخًا لمعاناة النساء في سجون الحوثي، حيث اعتُقلت في مطلع أكتوبر 2016، وصدر بحقها حكم بالإعدام من المحكمة الجزائية الابتدائية التابعة للجماعة. وقد تولى الدفاع عنها المحامي عبد المجيد صبرة، الذي نجح في استئناف الحكم أمام محكمة الاستئناف التي قضت بسجنها خمسة عشر عامًا، قبل أن تُلغي محكمة النقض الحكمين الابتدائي والاستئنافي وتعيد القضية إلى محكمة الاستئناف، غير أن الأخيرة أصدرت حكمًا جديدًا بسجنها عشر سنوات في قضية لم تُوجَّه لها فيها أي تهمة واضحة، في سابقة خطيرة كشفت حجم الانتهاكات القضائية وتسييس القضاء وحرمان المتهمين من حقهم في المحاكمة العادلة.
ولفتت منظمة سام إلى أنها تابعت قضية أسماء منذ لحظة اعتقالها في تقاريرها المختلفة حول أوضاع النساء في سجون الحوثي، مشيرةً إلى ما تعرّضت له من معاناة قاسية وتعذيب نفسي وإهانات وانتهاكات لحقوقها الأساسية. وأوضحت المنظمة أنها أصدرت عددًا من التقارير التي وثّقت الانتهاكات التي تتعرّض لها النساء في اليمن في مناطق سيطرة الحوثي، من أبرزها تقاريرها بعنوان "ماذا بقي لنا" و"نساء اليمن.. معاناة مستمرة" و"قيود تمييزية"، والتي كشفت حجم الانتهاكات الجسيمة والممنهجة ضد النساء، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية، والتعذيب، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، وانعدام العدالة.
وأكدت المنظمة أن قضية أسماء ليست حالة فردية، بل تمثل رمزًا لمعاناة آلاف النساء اللاتي يُحتجزن في ظروف قاسية داخل سجون الجماعة، حيث تحوّلت تلك السجون إلى مقابر صامتة، والمحاكم إلى أدوات قمع، في مشهد يجسد أبشع صور الظلم وانعدام العدالة.
وفي هذا السياق، لفتت منظمة سام إلى قضية الناشطة فاطمة العرولي، التي أصدرت بحقها المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء حكمًا بالإعدام في ديسمبر 2023 بعد محاكمة صورية شابتها انتهاكات قانونية جسيمة، أبرزها حرمانها من حقها في الدفاع والتمثيل القانوني، واحتجازها في ظروف قاسية لثمانية أشهر في الحبس الانفرادي، مشيرة إلى أن العرولي – وهي ناشطة حقوقية ورئيسة منظمة الموئل للتنمية الحقوقية – لا تزال تواجه خطر الإعدام بسبب تهم ملفقة بالتجسس والتعاون مع دول أجنبية.
واعتبرت منظمة سام أن الإفراج عن العميسي لا يُلغي مسؤولية جماعة الحوثي عن تسع سنوات من الاعتقال الجائر، مشددةً على أن هذا الإفراج يجب أن يُتبعه تحقيق شامل ومستقل يضمن محاسبة المسؤولين عن احتجازها ومحاكمتها غير العادلة، وتعويضها تعويضًا كاملاً عن الأضرار الجسدية والنفسية والاجتماعية التي لحقت بها وبأسرتها.
وطالبت سام بضرورة تمكين أسماء العميسي فورًا من الرعاية الطبية والنفسية والاجتماعية، بعد ما عانته من حرمان طويل ومعاملة قاسية، مؤكدةً أن العدالة الحقيقية لا تتحقق بمجرد الإفراج، بل بمحاسبة الجناة وإنصاف الضحايا، كما دعت المنظمة المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى ممارسة أقصى درجات الضغط على جماعة الحوثي لوقف الانتهاكات المنهجية ضد النساء، والإفراج الفوري عن جميع المعتقلين والمعتقلات تعسفًا في سجونها، بمن فيهم الناشطة فاطمة العرولي.
وحذرت المنظمة على أن استمرار الصمت الدولي إزاء ما يحدث في سجون الحوثي يُعد تواطؤًا غير مباشر، ويقوّض الجهود المبذولة لتحقيق العدالة في اليمن، مؤكدةً أن ما تعرضت له أسماء العميسي هو جريمة مركبة، طالت المرأة والعدالة والكرامة الإنسانية في آن واحد.