الدعوى ضد الصحفي عبد الرحمن أنيس تهدد حرية التعبير وحياد القضاء
  • 07/11/2025
  •  https://samrl.org/l?a5645 
    منظمة سام |

    جنيف - قالت منظمة سام للحقوق والحريات إن استدعاء الصحفي عبد الرحمن أنيس للمثول أمام نيابة الصحافة إثر دعوى مرفوعة من المجلس الانتقالي الجنوبي يمثل مؤشرًا مقلقًا على اتساع مساحة التضييق على حرية التعبير والعمل الصحفي، مشيرةً إلى أن اللجوء للقضاء يفترض أن يكون وسيلة لصون الحقوق والحريات، لا مصدرًا لتخويف الصحفيين أو الحد من دورهم في النقد المسؤول وكشف الحقائق.

    وأشارت المنظمة إلى أن احترام مبدأ الاحتكام للقانون يشكل نهجًا حضاريًا يُسهم في ترسيخ دولة المؤسسات، غير أنها أكدت في الوقت ذاته ضرورة حماية حرية الصحافة باعتبارها ركيزة لأي عملية تحول ديمقراطي، لافتةً  إلى أن النقد المهني لا يصح أن يُعامَل كخصومة، وأن الصحفي يؤدي دورًا رقابيًا مشروعًا يجب ضمان عدم تعرضه للتعسف أو الاستخدام الانتقائي للقانون.

    وذكرت المنظمة أن أي إجراءات تُتخذ في مثل هذه القضايا يجب أن تراعي المعايير الدولية ذات الصلة بحرية التعبير، وأن تُدار الشكوى بمنأى عن الضغوط السياسية والإعلامية، بما يكفل نزاهة وشفافية العملية القضائية، ويحُول دون تحولها إلى سابقة تُستغل لملاحقة الإعلاميين على آرائهم.

    وفي هذا السياق، شددت المنظمة على أن حرية الرأي والتعبير مكفولة بمبادئ الدستور اليمني والاتفاقيات الدولية الملزِمة، وفي مقدمتها المادة (19) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمادة (19) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وأكدت أن أي قيود على النشر يجب أن تخضع لشروط الشرعية والضرورة والتناسب، وأن تُفسَّر الاستثناءات تفسيرًا ضيقًا، مع الحيلولة دون استخدام نصوص فضفاضة لتجريم النقد أو تقييد العمل الصحفي.

    وشددت أيضًا على ضرورة احترام ضمانات المحاكمة العادلة، بما يشمل قرينة البراءة وحق الدفاع وعلنية الإجراءات واستقلال النيابة والقضاء عن التأثيرات السياسية، مع تجنب العقوبات السالبة للحرية في قضايا النشر إلا في أضيق الحدود ووفق معايير دقيقة ومحددة.

    كما أوضحت المنظمة أن الاحتكام للقضاء –وهو توجه عبّر الصحفي عن ترحيبه به– يجب أن يُمارس كوسيلة لحماية الحقوق، لا كأداة للردع أو تكميم الأصوات، وأن تنصب أي شكوى على وقائع نشر محددة وواضحة بعيدًا عن التعميم أو الاتهامات المرسلة، مبينةً أن الدور الرقابي للصحافة جزء أصيل من منظومة الحكم الرشيد، وأن العلاقة بين “السلطة الرابعة” وبقية السلطات ينبغي أن تقوم على الاحترام المتبادل، وتبادل الحجج داخل مؤسسات العدالة وليس في ساحات الضغط أو الحملات السياسية.

    ودعت المنظمة السلطة القضائية إلى التمسك باستقلالية كاملة في نظر هذه القضية بما يعزز ثقة المجتمع بالقضاء، ويوجه رسالة طمأنة لقطاع الإعلام بأن العدالة تعمل بمعايير مهنية بحتة، منوهةً بضرورة أن تحترم الأطراف السياسية حرية التعبير وأن تُفسح المجال للقضاء ليباشر مهامه بعيدًا عن أي تأثير أو تشهير أو تحريض، حفاظًا على هيبة القضاء وكرامة العمل الصحفي معًا.

    وختمت المنظمة بالتأكيد على ضرورة أن يتوازى اللجوء للقضاء مع مراجعة شاملة للإطار القانوني المنظم للإعلام، ضمانًا لملاءمته للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، ولمنع توظيف النصوص القانونية كأداة لتقييد الصحفيين أو معاقبتهم، وبما يجعل القانون مظلة حماية وعدالة لا وسيلة تضييق أو عقاب.


  •  
    جميع الحقوق محفوظة لمنظمة سام © 2023، تصميم وتطوير