تعز - محمد فرحان
في مدينة صنعاء الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي، وفي حي شميلة، كانت تعيش الممثلة وعارضة الأزياء اليمنية انتصار الحمادي (21) عامًا، كفتاة يمنية تحلم أن تكمل دراستها من خلال تخصص جامعي ترغب فيه وتتمكن في نهاية الدراسة من تحقيق ذاتها بالعمل، وهذا مالم يحصل مع الفتاة العشرينية التي أصبحت اليوم أشهر قصة إنسانية مأساوية لامرأة يمنية غُيّبت خلف قضبان السجن من قبل جماعة الحوثي منذ شهر فبراير (شباط) عام2021م وحتى اليوم.
تم اختطاف انتصار الحمادي في منطقة حدة من الشارع العام أثناء ما كانت مع زميلاتها، من قبل مسلحين يتبعون جماعة الحوثي، وظلت لفترة لا يعرف أحدٌ عن مكانها حتى تم التعرف على مكان احتجازها، بعد زيارة ناشطين وبعض الشخصيات البرلمانية لمكان احتجازها من قبل الأجهزة الأمنية التابعة للجماعة بعد أكثر من خمسة أشهر من إخفائها، وخلال هذه الفترة لم تعرف أسرتها عنها شيئًا ولا عن مكان تواجدها.
وما نقل حينها على لسان من زارها في تصريحات متفرقة لوسائل إعلام مختلفة أن انتصار الحمادي تعرضت للتعذيب والتعنيف الجسدي واللفظي واتهامات منسوبة لها من قبل أجهزة الأمن التابعة للجماعة نشرت في وسائل إعلام الجماعة تتعلق في قضايا الشرف.
وصدر أول حكم على انتصار الحمادي بالسجن خمس سنوات في نوفمبر 2021م حسب ما نقلت حينها وكالة "سبأ" الناطقة باسم حكومة جماعة الحوثي بصنعاء بتهم ارتكاب "فعل فاضح".
انتصار الحمادي قالت حسب ما نقل عن الذين التقوا بها ومنهم محاميها خالد الكمال، إنها تعرضت للاعتداء الجسدي واللفظي أثناء احتجازها في شباط/فبراير، وإنها وقّعت على وثائق وهي معصوبة العينين.
انتهى كل شيء في حياة انتصار الحمادي فقد تحول واقع طموحها إلى مأساة إنسانية غاية في الألم وحياة مرة خلف القضبان فيها الكثير من الضغوط النفسية التي تقوم بها الجماعة عليها من خلال التعذيب النفسي لها وحرمانها من الكثير من حقوقها.
أدى ذلك إلى تدهور حالتها الصحية فهي ممنوعة من الزيارة وتُمارس ضد والدتها ضغوط كبيرة حسب ناشطة أكدت لــ"سام" حتى لا يتم استمرار تناول قضيتها من قبل وسائل الإعلام وتظل مغيبة لا يعرف أي أحد عن تفاصيل ما يحدث لها من انتهاكات لا إنسانية.
فقد قامت جماعة الحوثي بحلق شعر رأسها كنوع من أساليب الإذلال لفتاة قابعة تحت رحمة المحققين الأمنيين التابعين لأجهزة جماعة الحوثي بالإضافة الى التنكيل بها نفسيًا، وهو بالنسبة لفتاة مثل انتصار الحمادي يعني انكسار حياة وأذى نفسي لا يطاق، لم تكن تتصور أن تعيشه يومًا ما بعد أن كانت قد بدأت خطوات ناجحة في حياتها العملية، فقد خاضت تجربة التمثيل في مسلسلين يمنيين في عام 2020 الأول اسمه "سد الغريب وهو مسلسل اجتماعي يمني حقق نجاحًا فنيًا واسعًا والثاني مسلسل غربة البن وهذا الأخير من المسلسلات الأكثر مشاهدة في اليمن بالإضافة الى أن انتصار الحمادي كانت قد برزت من خلال عرض الأزياء، وتجربتها كانت مختلفة حيث قامت بتطوير طريقة تصميم الأزياء التراثية الشعبية اليمنية ولاقت أعمالها خلال السنوات الثلاث الأخيرة في صنعاء وحتى على المستوى العربي قبل اعتقالها انتشارًا واسعًا في الفيس بوك وانستجرام.
ورغم أنها كانت كما عبرت في أحد منشوراتها تعاني من مشكلة تعامل البعض معها؛ فهي من أم إثيوبية وأب يمني، لكنها استطاعت أن تتجاوز تلك النظرة وتبدأ مشوارها في العمل بالأزياء وتصميمها بشكل متميز وناجح.
أصبحت حياتها مهددة بالخطر داخل سجون جماعة الحوثي فكل التأكيدات من خلال حقوقيين تصلهم معلومات عنها أنها تتعرض للتعذيب المستمر.
وتحولت حياتها وحياة أسرتها إلى جحيم؛ فقد كانت المعيل الوحيد لأسرتها المكوّنة من أربعة أشخاص، بمن فيهم والدها الكفيف وشقيقها الذي لديه إعاقة جسدية.
خلف القضبان تظل انتصار الحمادي الفتاة التي تحول حلمها في هذا الوطن الجريح إلى آهات ودموع حبيسة سجن انفرادي منفردة بوجعها ومأساتها المغيبة عن الضمير الإنساني الذي لم يتحرك من أجل إنقاذها، فمتى سيُنْتَصر لقضيتها وكل الفتيات خلف سجون جماعة الحوثي؟.