الاسم: منذر المحيا
جهة الاعتقال: جماعة الحوثي
تاريخ الاعتقال: أغسطس 2016
لم تصدق أسرة منذر المحيا أنه مازال حياً، إذ كانت الأسرة قد دخلت في حداد على ابنها واستقبلت مراسيم العزاء مثل عشرات الأسر التي تفعل ذلك العزاء دون استقبال الجثامين. الموت في الحرب ينتشر في كل مكان والمحظوظ من يلقى جثة قريبه، ولم تكن أسرة المحيا من المحظوظين، الأمر الذي أدخل الأسرة في حزن كبير على ابنها الراحل كما أبلغها الحوثيون.
كان الحوثيون قد ألقوا القبض على منذر المحيا وأخذوه إلى معتقل الصالح، ثم اتصلوا بأهله وأبلغوهم عن مقتل ابنهم في السجن بقصف للطيران، وعلى هذا الخبر تعاملت الأسرة لشيوع أخبار الموت والقتل وتطاير الأشلاء وضياع الجثامين في أول الحرب.
لم يكن منذر ميتاً، كان في معتقل الصالح معصوب العينين مقيد اليدين والقدمين، أخذوه إلى غرفة التحقيق ثم علقوه إلى سقف الغرفة ورأسه متدلية إلى الأسفل، تناوب مجموعة من الأشخاص على طرح الأسئلة المصحوبة باللكم على البطن، والضرب بكابلات الكهرباء على أنحاء متفرقة من الجسد، كان يخرج الدم من رأسه ورجله، طوق أحدهم رقبة منذر حتى تورمت ولم يستطع بعد ذلك ابتلاع الماء.
بعد التعذيب الجسدي الذي استمر لثلاثة أيام، بدأ التعذيب النفسي، كان القائمون على المعتقل يأخذون منذر إلى خارج المعتقل، ويأمرهم المحقق بتصفيته وسحب الجثة بعيداً عن المكان، كان يسمعهم وهم يعمرون بنادقهم ويضعونها على رقبته المتورمة، كان في حالة ذعر منتظراً لحظة خروج الطلقة، لا يفعلون، يأخذونه فوق سيارة ويمشون به إلى مسافة بعيدة، تحدثه نفسه أنهم سيعدمونه بعيداً. يسألهم: «إلى أين؟». فيأمرونه بالسكوت.
كانت أسئلة التحقيق والطلبات التي توجه إلى منذر تعجيزية، وكأنهم يبحثون عن مبررات لتعذيبه، يطلبون منه الاتصال بشخص ميت، أو يطلبون منه سرد كل أرقام هواتف أفراد المقاومة الشعبية في منطقته، وهكذا.
حوّل الحوثيون منذر المحيا من معتقل مدينة الصالح بتعز، إلى سجن كلية المجتمع في ذمار، بعد أشهر وبطريقة ما استطاع منذر مهاتفة أسرته، وبمجرد أن سمعه شقيقه صرخ من الرعب.
ـ مستحيل أن تكون حياً؟
ـ لماذا؟
ـ لأنهم نقلوا إلينا خبر وفاتك..
كان في نظرهم ميتاً، وبين رعب الأسرة وصدمتهم من عودة الفقيد، كلمته والدته باكية من الموقف فرحاً وحناناً وخوفاً، وبكى هو أيضاً.