جنيف- قالت منظمة سام للحقوق والحريات إن محكمة الاستئناف التابعة لسلطات الحوثي في صنعاء حكمت بتاريخ 15 يونيو 2024على حنان شوعي حسن المنتصر بالسجن ثلاثة عشر عاما بتهمتي "إعانة العدوان" و"التخابر" مع التحالف وذلك أن رفع الاحداثيات وجمع المعلومات عن مواقع وشخصيات تتبع جماعة الحوثي، يشكل هذا الحكم انتهاك صارخاً لحقوق الإنسان في اليمن، وطعن في نظام العدالة في اليمن، و ينبغي علي جماعة الحوثي إلغاء المعيب المسيء للعدالة، وإطلاق سراح حنان شوعي حسن فوراً، وانهاء الانتهاك المستمر بحق المدنيين، لا سيما النساء.
في 22 فبراير 2023، أدانت المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء حنان المنتصر (45 عاماً) وحكمت عليها بالسجن 12 عاماً بتهمة إعانة العدوان والتخابر وذلك أن زودت قوات التحالف العربي" السعودية والإمارات" بإحداثيات أهداف عسكرية. وفي 4 أغسطس 2024، أيدت المحكمة الاستئنافية التابعة لجماعة الحوثي الحكم الصادر بحق حنان المنتصر، وزادت العقوبة إلى 13 عاماً بتهمة التعاون مع العدوان، في إشارة إلى الإمارات. لم تتمتع حنان، المحتجزة مع أطفالها، بأي حقوق قانونية تضمن لها محاكمة عادلة، حيث تنتهي غالبية المحاكمات بالإدانة أمام المحاكم الجزائية المتخصصة في اليمن، التي تتهمها منظمات حقوقية بالانحياز للحوثيين وانتهاك حقوق الإنسان.
قال توفيق الحميدي رئيس منظمة سام للحقوق والحريات : " تكشف المحاكمات الجائرة التي تواجهها النساء اليمنيات في المحاكم الجزائية المتخصصة بصنعاء عن عمق الانتهاكات التي ترتكبها جماعة الحوثي بحق المرأة. فمنذ سيطرتها على صنعاء في عام 2014، تحولت هذه المحاكم إلى أداة لقمع المعارضين والانتقام من الخصوم، حيث تحرم النساء من أبسط حقوقهن في محاكمة عادلة وتعرضهن لأحكام ظالمة تهدف إلى ترويعهن وإسكاتهن"
قالت المصادر مقربة من الضحية " إن حنان اعتُقلت في الثالث من يوليو/تموز عام 2019، في تمام الساعة الثالثة فجراً، من منزلها الكائنة في بيت بوس شارع الخمسين، بالقرب من محطة الخمسين بالعاصمة صنعاء، على يد قوات مكافحة الإرهاب، وكنت مع أمي وأولادي وأخواتي وأخي، وتعرضت للضرب حَسَبَ أقوالها في محاضر تحقيقات النيابة العامة " التي اطلعت عليها منظمة سام" وهددوا أمها وأولادها بالصعق بالكهربـاء، ومنعوهم من الكلام، ثم اقتادوني، وأودعت في سجن البحث الجنائي، ثم نُقلت إلى السجن المركزي. وأحيلت بعد ذلك إلى النيابة الجزائية المتخصصة بصنعاء، حيث تم التحقيق معها وتقديمها للمحاكمة بتهمة تقديم المساعدة للعدو والتخابر معه وتزويده بالإحداثيات
وفي 24 فبراير/شباط 2022، الموافق 23 رجب 1443، اتهمت النيابة الجزائية المتخصصة "جنان المنتصر" و"محمد البشاري" بالتعاون والتخابر مع "المملكة العربية السعودية وحلفائها"، وتقديم إحداثيات لكشف مواقع الجيش واللجان الشعبية التابعة للحوثيين. وهي تهمة تحمل في طياتها عقوبة الإعدام، وأحيلت قضيتهما إلى المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء.
الناشطة الحقوقية ليزا البدوي منسقة شبكة التضامن النسوي " جماعة الحوثي لم تجد الرادع الملائم من المجتمع الدُّوَليّ مع استمرارها في ممارسات قمعية وممنهجة تستهدف العاملين في الفضاء المدني من الناشطين والناشطات، وللأسف ان هذه الممارسات هي أشد تأثيرًا على النساء المدافعات عن حقوق الإنسان، حيث تقوم جماعة الحوثي باستخدام وسائل الاعلام بعة لها للتحريض ضد العاملين في المجتمع المدني ولا سيما النساء، حيث تعمد على تشويه رسالتهم/ن الإنسانية، وتتسبب في قطع سبل معيشتهم وأسرتهم، هذه الممارسات عطلت سير الحياة الاجتماعية والاقتصادية للعديد من الأُسر، فضلاً على الانتهاكات التي رصدت أثناء الاعتقال والاحتجاز واصدار الأحكام المعيبة والظالمة .
منذ عام 2015، وثقت منظمة سام العديد من الانتهاكات ضد النساء اليمنيات بتهمة التخابر مع العدوان، حيث أصدرت تقريرين: الأول بعنوان "ماذا بقي لنا؟"، والثاني بعنوان "المرأة اليمنية: خمس سنوات من الحرب" كما قيدت حرية النساء بصورة تميزية تنتهك حريتهن الشخصية ، كما رصد نفس المنظمة إصدار المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء أكثر من ٥٠٠ حكماً بالإعدام بتهمة التخابر مع العدوان، وهي عقوبة ينص عليها القانون اليمني. شمل هؤلاء المحكوم عليهم صحفيين، ومدافعين عن حقوق الإنسان، وخصومًا سياسيين، وشخصيات اجتماعية، ونساء، وأفرادًا من الأقليات الدينية. يشترك جميعهم في تعرضهم لمحاكمات جائرة بتهم ملفقة وحُرموا من أبسط حقوقهم في محاكمة عادلة.
تتعرض حنان للاحتجاز منذ أكثر من خمس سنوات في ظروف مروعة تنتهك حقوقها الإنسانية الأساسية. تصف حنان تفاصيل تعرضها للتعذيب وظروف اعتقالها قائلةً: "وضعت في مكتب مقيدة بعد التحقيق لمدة سبعة عشر يوماً. ثم نُقلت إلى زنزانة انفرادية في السجن المركزي لمدة عشرين يوماً حتى اختفت آثار الضرب عن وجهي. وأُخرجت إلى العنابر بشرط ألا أتحدث عن قضيتي. أمضيت أكثر من سنتين في السجن المركزي دون محاكمة."
وتقول حنان في حديثها مع سام: 'عندما اعتقلوني، صادروا جميع هواتفي المحمولة وثلاثة أجهزة كمبيوتر محمولة من منزلي. وبعد فحصها، أعادوا الهواتف إلى أمي، باستثناء هاتف أختي، مدعين أنه يحتوي على "مواقع مشبوهة"، مع أنّ أنه خالٍ من أي محتوى. كما أخذوا أجهزة الكمبيوتر، وادعوا أنها تحتوي على "مواقع محظورة"، مع أنها لم تستخدم مطلقًا بسبب انقطاع التيار الكهربائي.
وتضيف " أخي جواد نادر سُجن معي لمدة ثلاثة أشهر ثم أُفرج عنه ببراءة، لكن هاتفه لم يُعاد إليه بدعوى احتوائه على مواد مشبوهة. أتساءل، هل هذه الأجهزة مسجلة في المضبوطات أم أنها سُرقت ببساطة؟ كيف يمكن أن أكون إرهابية وأنا لم أدرس سوى القراءة والكتابة في زبيد منذ أن كنت في السادسة عشرة من عمري؟ الآن، وقد تجاوزت الأربعين، كيف يمكنني استخدام هذه البرامج المعقدة؟
اتهموني برصد ثلاثة آلاف موقع وحدي، وأن محمداً، وهو في الستين من عمره، قام بذلك أيضاً. هل يعقل أننا، ونحن في هذا العمر، تمكنا من رصد كل هذه المواقع بمفردنا؟"
حنان، نازحة من محافظة الحديدة إلى صنعاء مع أولادها الخمسة، منهم طفل معاق، ووالدتها المسنة، كانت المعيل الوحيد لعائلتها. قبل اعتقالها، كانت تعمل حارسة في صالة أعراس. وفي السجن، حاولت صنع المباخر لإعالة أسرتها وأطفالها الذين تركتهم عند جدّهم بعد اعتقالها، إلا أن إدارة السجن ضايقتها.
تؤكد الضحية حنان، في أقوالها أمام المحكمة والنيابة، أنها لم تعترف بامتلاك أي محتوى غير قانوني على أجهزتها الإلكترونية. وقد صرحت قائلةً: "هل يعقل أن أعترف بوجود مثل هذا المحتوى وأثبت تلك التهمة الموجهة إلي؟ وإذا كانت هناك أجهزة أخرى تدعي النيابة أنها تعود إلي، فعليهم تقديم أدلة قاطعة تثبت ملكيتي لها. تجدر الإشارة إلى أن التلاعب بالأجهزة الإلكترونية أمر ممكن، مما يجعل من الضروري التحقق من صحة الأدلة المقدمة."
علق المحامي عبد المجيد صبرة، محامي الضحية حنان، على الحكم الصادر بحق موكلته بالقول: إن الحكم مبني على أساس باطل، حيث تم اعتقال موكلتي واقتحام مسكنها بشكل تعسفي ودون الحصول على الأوامر القضائية اللازمة، وقد تعرضت موكلتي خلال فترة احتجازها التي استمرت قرابة العشرين شهراً وخمسة أيام في سجون سرية إلى التعذيب النفسي والجسدي، بما في ذلك التهديد والضرب والإجبار على التوقيع على أوراق دون علم بمضمونها.
وأضاف المحامي صبرة أن الأدلة التي استند إليها الحكم غير قانونية وغير كافية لإثبات التهم الموجهة إلى موكلته، وأنها مخالفة للائحة الجزائية والقانون الإجرائي الجزائي. كما أن قرار محكمة الاستئناف بتشديد العقوبة يعتبر قرارًا تعسفيًا وغير مبرر، خاصة وأن الحكم الابتدائي نفسه كان مشوبًا بالعديد من الأخطاء الإجرائية.
وخلص المحامي صبرة إلى أن الحكم الصادر بحق موكلته يمثل انتهاكًا صارخًا لمبادئ المحاكمة العادلة، ويعد مخالفة صريحة للدستور والقوانين النافذة.
تؤكد منظمة سام لحقوق الإنسان أن جماعة الحوثي تستغل القضاء أداةً لقمع المدنيين والتنكيل بهم، مما يجعلها حلقةً في سلسلة الانتهاكات التي ترتكب باسم العدالة. فالنظام القضائي يُستغل لتبرير أعمال القمع وإنكار حقوق الأفراد الأساسية، مما يخلق مناخاً من الرعب والخوف بين المدنيين الذين يعيشون تحت وطأة هذه السلطة القمعية.
تلفت منظمة سام إلى أن جماعة الحوثي تنتهج سياسة إلصاق تهم مزيفة "التخابر مع العدوان" و"رفع إحداثيات" بمدنيين أبرياء غير متورطين في الصراع، وتعمل على استغلال هذه التهم بشكل متكرر في محاكمات تعسفية تستهدف أفراداً من المجتمع، مما يظهر سعي الجماعة إلى تحقيق هدفها في ترسيخ سلطتها انطلاقًا من تخويف وترويع المواطنين.
تحذر المنظمة أن عجز المجتمع الدُّوَليّ عن التعاطي بحزم مع جماعة الحوثي، وتجاهله لهذه المسألة التي شجعت منتهكي حقوق الإنسان على الإفلات من العقاب، يشعر الضحايا في اليمن بالخذلان ويرون أن العدالة في اليمن مازالت حلماً بعيد المنال.
تشير المنظمة إلى أن ممارسات التعذيب والاعتقال التعسفي الذي يرتكبها الحوثيون تمثل جريمة جسيمة تتعارض صراحة مع القوانين الوطنية والدولية لحقوق الإنسان، وتشكل انتهاكاً صارخاً لكرامة الإنسان. وتؤكد المنظمة أن الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، وعلى رأسها اتفاقية مناهضة التعذيب، قد وضعت معايير واضحة تحظر هذه الممارسات الشنيع، وتؤكد أن التغاضي عن هذه الانتهاكات ليس فقط تقصيرًا في تطبيق العدالة، بل يشجع على تكرارها واستمرارها في المستقبل، مما يستدعي اتخاذ إجراءات حاسمة لوقفها ومحاسبة مرتكبيها.
تدعو منظمة سام جماعة الحوثي إلى الإفراج الفوري عن الضحية حنان ورد اعتبارها الكامل بإعادة الممتلكات المنهوبة منها وتعويضها عن كافة الأضرار التي لحقت بها. كما تطالب المنظمة بمحاسبة جميع الأفراد المتورطين في تعذيبها وضمان استعادة كافة حقوقها المشروعة. يجب أن تتخذ إجراءات واضحة وفعالة لتمكينها من الحصول على التعويضات المستحقة لها.
تدعو منظمة سام المنظمات الدولية إلى بذل أقصى الجهود للضغط على جماعة الحوثي للإفراج الفوري عن المعتقلة حنان، وضمان حقوقها كاملة، مع ضرورة تكثيف الرصد للانتهاكات التي ترتكبها الجماعة، بهدف حماية الضحايا ومحاسبة مرتكبيها.